المحكمة العليا تقضي بأن وزارة الداخلية البريطانية فشلت في حماية اللاجئين المحتجزين
حكمت المحكمة العليا في بريطانيا بأن وزارة الداخلية أخفقت في حماية المهاجرين واللاجئين الضعفاء المحتجزين في مراكز الاحتجاز، معتبرة أن الأنظمة المخصصة لضمان سلامتهم لم تُطبق بما يتوافق مع القانون، وأن هذه الإخفاقات مستمرة منذ سنوات. وقد يشمل الحكم آلاف المهاجرين الذين يواجهون خطر التعرض للإساءة أثناء الاحتجاز.
وجاءت الدعوى بعد أن رفعها محتجزان من مصر وبنغلاديش، احتُجزا بين 28 تموز/يوليو 2023 و11 آذار/مارس 2024 في مركز بروك هاوس للاحتجاز قرب مطار جاتويك. ويشار إلى أن تحقيقًا سريًا أجرته هيئة BBC Panorama عام 2017 كشف عن انتهاكات بحق محتجزين ضعفاء على يد الحراس، فيما أثار التحقيق العام اللاحق في بروك هاوس عدة مخاوف بشأن المخاطر التي تهدد سلامة المحتجزين.
فشل القاعدة 35 في حماية المحتجزين الضعفاء

تركزت القضية على آلية حماية تُعرف باسم “القاعدة 35″، التي تُلزم الأطباء في مراكز الاحتجاز بإرسال تقارير إلى وزارة الداخلية عند وجود مخاوف تتعلق بضعف محدد لدى المحتجز، مثل خطر الانتحار أو مشاكل الصحة العقلية، والتي قد تجعل استمرار الاحتجاز غير مناسب. وتهدف هذه التقارير إلى تمكين المسؤولين من مراجعة حالة الاحتجاز بشكل عاجل.
وأظهرت الأدلة أن المحتجزين اللذين رفعا الدعوى أظهرا تدهورًا نفسيًا وعلامات على إيذاء النفس أثناء الاحتجاز، وخضع كلاهما لمراقبة مستمرة لمنع الانتحار ضمن إطار تقييم الرعاية في الاحتجاز والعمل الجماعي (ACDT). ومع ذلك، ورغم المراقبة المستمرة، لم يُجر تقييم رسمي حول مدى ملاءمتهما لاستمرار الاحتجاز.
تحذيرات من ثغرات في تطبيق القواعد لحماية الصحة العقلية والسلامة

أشارت القاضية جيفورد إلى أن النظام لم يعمل بشكل صحيح على مدى سنوات، وأن العديد من هذه القضايا كانت معروفة منذ عام 2017 على الأقل. وأعربت عن قلقها من “الفجوة” بين عدد المحتجزين الخاضعين لعملية ACDT وعدد تقارير القاعدة 35 القليل، خصوصًا تلك المتعلقة بالصحة العقلية أو خطر الانتحار.
وأكدت أن وزيرة الداخلية لم تقدم أي تبرير مقنع لقلة هذه التقارير، مقارنة بعدد الأشخاص الخاضعين للمراقبة المستمرة سنويًا، معتبرة أن: “منذ فترة التحقيق في بروك هاوس على الأقل، هناك صورة واضحة ومستمرة لفشل النظام الذي يهدف إلى حماية حقوق البالغين المعرضين للخطر بموجب المادة 3.”
من جانبه، وصف لويس كيت، من مكتب المحاماة Duncan Lewis الذي يمثل المحتجزين، الحكم بأنه “مهم ويؤكد أن احتجاز عملائنا في بروك هاوس كان غير قانوني، وأن تجاربهم تعكس إخفاقات مستمرة لوزيرة الداخلية على مدار سنوات في إدارة الأنظمة التي تحمي الأشخاص الضعفاء من الأذى الجسيم”. وأضاف أن ذلك “عرض عددًا كبيرًا من المحتجزين المصابين بأمراض نفسية أو ميول انتحارية لخطر حقيقي”.
تحذيرات من تجاهل تقارير حماية المحتجزين في مراكز الاحتجاز

تطالب جمعيات حقوق المحتجزين بتطبيق القواعد المعمول بها لحماية الأشخاص الضعفاء في مراكز الاحتجاز. وفي هذا السياق، قالت إيما جين، مديرة منظمة Medical Justice: “ما زلنا نشهد فشلًا مستمرًا في إعداد هذه التقارير لمن يحتاجها. خلال الأشهر الأخيرة، لم تُعد هذه التقارير لعملاء المنظمة من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى بريطانيا عبر القوارب الصغيرة وتم احتجازهم لإعادتهم إلى فرنسا ضمن الاتفاقية البريطانية-الفرنسية، رغم استيفائهم شروطها، بما في ذلك حالة أحد الأفراد الذي حاول الانتحار أثناء الاحتجاز”.
وأضافت: “من الممكن تمامًا أن يؤدي عدم إعداد تقرير من هذا النوع إلى محاولات انتحار، أو حتى وفاة الفرد”.
وقد تم التواصل مع وزارة الداخلية البريطانية للحصول على تعليقها، دون إعلان أي رد حتى الآن.
الحكم الصادر عن المحكمة العليا يسلط الضوء على أهمية مراجعة شاملة وفعّالة لآليات حماية المحتجزين الضعفاء. من المهم أن تُطبق القوانين والإجراءات على أرض الواقع، لا سيما فيما يتعلق بالمراجعات الطبية والتقارير المتعلقة بالصحة النفسية، لضمان تقليل المخاطر المحتملة على المحتجزين ومنع تفاقم المشكلات الصحية. كما تفتح هذه القضية المجال لحوار وطني حول مسؤولية الدولة في حماية حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين وفق المعايير الدولية.
المصدر : The Independent
إقرأ أيضًا :
الرابط المختصر هنا ⬇
