العرب في بريطانيا | الجارديان: مدافن النفايات المخبأة في بريطانيا ق...

1447 جمادى الثانية 23 | 14 ديسمبر 2025

الجارديان: مدافن النفايات المخبأة في بريطانيا قد تسرب مواد سامة إلى مصادر مياه الشرب

الجارديان: مدافن النفايات المخبأة في بريطانيا قد تسرب مواد سامة إلى مصادر مياه الشرب
ديمة خالد December 2, 2025

كشفت نتائج تحقيقٍ اعتمد على أول عملية رسم خرائط على مستوى أوروبا لمدافن النفايات أن آلاف المواقع في بريطانيا وأوروبا تقع داخل سهولٍ فيضية، ما يرفع احتمال تسرب ملوثات إلى الأنهار والتربة والأنظمة البيئية، وقد يمتد الأثر إلى مناطق مياه الشرب ومناطق الحماية الطبيعية إذا جرفت الفيضانات أو التآكل محتويات تلك المدافن.

العمل أُنجز عبر تعاونٍ بين الجارديان وWatershed Investigations وInvestigate Europe، وخلص إلى أن غياب قاعدة بيانات مركزية لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، وتشتت السجلات على مستوى الدول، يجعل تقدير حجم المشكلة وإدارتها مهمة شديدة التعقيد.

لماذا يزداد الخطر مع تغيّر المناخ؟

الجارديان: مدافن النفايات المخبأة في بريطانيا قد تسرب مواد سامة إلى مصادر مياه الشرب

يربط باتريك بيرن، الباحث في جامعة ليفربول جون موريس، المخاطر بتصاعد شدة وتكرار الفيضانات والتآكل بفعل تغيّر المناخ، محذرًا من انتقال نفايات مادية مثل البلاستيك ومواد البناء، إضافة إلى ملوثات شديدة السمية مثل PFAS (المعروفة بـ”المواد الكيميائية الأبدية”) وPCBs(ثنائي الفينيل متعدد الكلور) إلى البيئة.

وتؤكد كيت سبنسر، أستاذة الجيوكيمياء البيئية في جامعة كوين ماري في لندن، أن المشكلة ليست نظرية فقط، مشيرةً إلى العثور في مكبّ ساحلي متآكل في تيلبري على مخلفات متنوعة من بينها ما بدا “أكياس دم مستشفيات”. وتوضح أن وجود مواقع كثيرة غير مبطّنة ومعرّضة للفيضانات يفتح “مسارات متعددة” لوصول الملوثات إلى المياه الجوفية والمياه السطحية وسلسلة الغذاء.

ويضيف التحقيق أن أكثر من نصف المدافن المرسومة تقع في مناطق تفشل فيها المياه الجوفية في تحقيق المعايير الكيميائية، ما يلمح إلى احتمال مساهمة بعض المدافن في التلوث، مع الإقرار بأن مصادر أخرى—مثل الزراعة والصناعة—قد تكون طرفًا في المشكلة.

ما الذي غيّرته التشريعات الأوروبية؟

يوضح التحقيق أن توجيه الاتحاد الأوروبي الخاص بمدافن النفايات (اعتمد عام 1999) حظر المدافن غير المبطنة وفرض معايير صارمة لقبول النفايات. لكن قبل ذلك، كانت إجراءات الاحتواء ضعيفة أو غير موجودة أصلًا، وهو ما يفسّر الحساسية الخاصة للمدافن التاريخية.

حالات ميدانية: PFAS “أعلى 20 مرة” من الحدود المقبولة

يرصد التحقيق دلائل ميدانية على التسرب:

  • في محمية نيوغيت الطبيعية بمدينة ويلمسلو (مقاطعة تشيشاير) وجد بيرن عصارة نفايات (Leachate) تتسرب من مكبّ تاريخي إلى مجرى مائي صغير، وأظهرت الاختبارات وجود PFAS بمستويات تعادل 20 ضعف الحدود المقبولة لمياه الشرب.
  • في اليونان، رُصدت مستويات PFAS “أعلى مرات عديدة” من معايير مياه الشرب، إضافة إلى تسرب الزئبق والكادميوم إلى نهر Nedontas من موقع مكبّ Maratholaka السابق في جبال Taygetos، وهي منطقة يرتادها آلاف المتنزهين سنويًا. وفي ردٍّ محلي، قال عمدة كالاماتا إن الموقع توقف عن العمل منذ يونيو 2023 ولا توجد “أدلة أو بيانات” تثبت أثرًا بيئيًا ناتجًا عن تشغيله.

مدافن داخل مناطق مياه الشرب: قرابة 10 آلاف موقع

يذكر التحقيق أن التحليل وجد قرابة 10,000 مكبّ داخل مناطق مياه الشرب في فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا وهولندا وإيطاليا. وفي إنجلترا وويلز وحدهما، هناك أكثر من 4,000 من هذه المواقع مصنفة تاريخيًا، ما يجعلها “مرجّحًا” أن تكون بلا ضوابط احتواء حديثة. وفي المقابل، لم يكن ممكنًا التحقق على مستوى أوروبا عمّا إذا كانت هذه المدافن تسبق اللوائح التنظيمية أم لا.

ويؤكد بيرن أن تقييم الخطر على الصحة العامة ومياه الشرب يظل ناقصًا طالما لم تُحسم ثلاثة أسئلة: أين تقع المدافن؟ ماذا تحتوي؟ وهل تتسرب بالفعل؟ ثم ما إذا كانت عمليات المعالجة القائمة قادرة على إزالة هذه الملوثات قبل وصولها للمستهلك.

رد المفوضية الأوروبية وإجراءات بريطانيا

نقلت المادة عن متحدث باسم المفوضية الأوروبية قوله إن توجيه مياه الشرب يلزم بضمان جودة المياه “عند الصنبور” في عموم الاتحاد الأوروبي، مع مراقبة مؤشرات محددة والالتزام بحدودها، واتخاذ إجراءات علاجية عند رصد أي تجاوزات.

وفي بريطانيا، يشير التحقيق إلى أن شركات المياه تُجري تقييمات مخاطر وعمليات مراقبة لمصادر سحب المياه العمومية وفق إرشادات تنظيمية.

“نعيش فوق مكبّ”: قرب السكان من المدافن وعدم المساواة

الجارديان: مدافن النفايات المخبأة في بريطانيا قد تسرب مواد سامة إلى مصادر مياه الشرب

بحسب سبنسر، يعيش نحو 80% من سكان بريطانيا ضمن مسافة 2 كلم من مواقع مدافن معروفة، وبنسبة أكبر في المناطق الأكثر حرمانًا، ما يفتح نقاشًا حول العدالة البيئية وتوزيع المخاطر.

وفي سياق مخاطر الصحة العامة، أشار التحقيق إلى أن تقريرًا صادرًا عن وكالة الأمن الصحي البريطانية خلص إلى أن السكن قرب مكبّ بلدي نشط أو مغلق “جيّد الإدارة” لا يمثل خطرًا كبيرًا على صحة الإنسان، لكنه لفت إلى أن الصورة بشأن المدافن التاريخية أقل وضوحًا بسبب نقص البيانات.

سعة المدافن إلى 2050… وتحديات فتح مواقع جديدة

على صعيد إدارة النفايات، يقول التحقيق إنه في إنجلترا وويلز، وبوتيرة الاستخدام الحالية، قد تنفد السعة المتبقية للمدافن بحلول نحو 2050. وفي المقابل، غالبًا ما تواجه مواقع المدافن الجديدة رفضًا مجتمعيًا ومخاوف بيئية.

موقف وكالة البيئة وDefra: دراسات متعددة السنوات حول PFAS

نقل التحقيق عن متحدث باسم وكالة البيئة أن دور الوكالة هو حماية الناس والبيئة، وأنها تعمل مع قطاع المدافن وشركات المياه والحكومة لفهم آثار PFAS في المدافن على نحو أفضل، عبر برنامج متعدد السنوات لتعزيز الأدلة حول مصادر تلوث PFAS في إنجلترا، إلى جانب دراسات إضافية لفحص إسهام PFAS في عصارة المدافن ضمن عدد محدود من محطات معالجة مياه الصرف.

كما نقل التحقيق عن متحدث باسم وزارة Defra أن الهدف هو منع حدوث النفايات من الأصل، لكن عند حدوثها يجب إدارتها بالأسلوب الأنسب، مؤكدة التزامها بتقليل ما يُرسل إلى المدافن عبر إصلاحات جمع النفايات والتغليف، وأن خطة نمو “الاقتصاد الدائري” المرتقبة ستعرض إجراءات لزيادة إعادة الاستخدام وإعادة التدوير بما يحمي قيمة الموارد ويحد من إرسال النفايات إلى المدافن.

وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن نتائج التحقيق تضع ملف مدافن النفايات التاريخية في قلب نقاشٍ يتجاوز البيئة إلى صميم أمن المياه والصحة العامة والعدالة الاجتماعية. فحين تتراجع الشفافية وتغيب السجلات الموحدة، تُترك المجتمعات—ولا سيما الأكثر حرمانًا—أقرب إلى مصادر الخطر دون معرفة كافية أو وسائل مساءلة فعّالة.

المصدر: الغارديان 


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة