الحكومة تعلن تجميد أسعار قطارات إنجلترا في عام 2026 وسط ضغوط المعيشة
في خطوة غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود، أعلنت الحكومة البريطانية تجميد أسعار القطارات في إنجلترا لعام 2026، في قرار اعتبره كثيرون مفاجأة إيجابية وسط الضغوط الاقتصادية الراهنة. ويحمل التجميد رسالة سياسية واضحة مفادها أن الحكومة تسعى للحد من التضخم، وتخفيف تكاليف المعيشة، وتحفيز النمو الاقتصادي.
قرار غير متوقع قبل إعلان الميزانية
من المقرر أن تؤكد وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، قرار التجميد هذا الأسبوع ضمن بيان الميزانية الجديد. ويأتي ذلك بالتزامن مع إجراءات أخرى تستهدف دعم فواتير الطاقة، في محاولة لامتصاص ردود الفعل السلبية المحتملة نتيجة الزيادات الضريبية التي سيُعلن عنها لاحقًا.
وعاد رئيس الوزراء كير ستارمر من قمة العشرين في جوهانسبرغ لبدء المراجعة النهائية للميزانية، التي يعتقد مسؤولون حكوميون أنها قد تحدد مستقبل حكومته السياسي ومستقبل وزيرة الخزانة.
وقال ستارمر خلال زيارته لجنوب أفريقيا: «أريد أن تركز الميزانية على النمو والاستقرار، فهما الركيزتان الأساسيتان».
سد فجوة مالية قيمتها 20 مليار باوند

من المتوقع أن تعلن ريفز، يوم الأربعاء، حزمة من الزيادات الضريبية لمعالجة عجز يُقدَّر بـ 20 مليار باوند. وتشمل الإجراءات تجميد شرائح ضريبة الدخل لجمع نحو 7.5 مليار باوند، إلى جانب إيرادات إضافية من إلغاء بعض الامتيازات الضريبية في معاشات “الراتب التعاقدي” وفرض ضرائب على السيارات الكهربائية.
ومع تزايد الانتقادات الموجهة للحكومة في الأسابيع الأخيرة، تراهن القيادة العمالية على رد فعل إيجابي من الأسواق والجمهور يخفف أثر القرارات غير الشعبية المتوقعة.
توفير يصل إلى 300 باوند سنويًا للمسافرين

كان من المتوقع أن ترتفع أسعار القطارات بنحو 4.8 في المئة استنادًا إلى معدل تضخم مؤشر أسعار التجزئة لشهر تموز/يوليو، إلا أن وزيرة النقل، هايدي ألكسندر، أكدت أن الأسعار ستشهد «تجميدًا كاملًا» العام المقبل.
ووفقًا للحكومة، يمكن أن يوفر القرار أكثر من 300 باوند سنويًا لركاب بعض الخطوط المكلفة. وتشمل الأسعار الخاضعة لسيطرة الحكومة تذاكر الاشتراك، وتذاكر الذروة، والرحلات خارج أوقات الذروة بين المدن الكبرى، والتي تمثل أكثر من مليار رحلة سنويًا في إنجلترا.
وتظل شركات القطارات قادرة على زيادة أسعار بعض التذاكر الأخرى مثل التذاكر المسبقة ومقصورات الدرجة الأولى، رغم أن جميع المشغلين سيكونون تحت إدارة الدولة بحلول نهاية عام 2027 ضمن خطة إنشاء “سكك حديد بريطانيا العظمى” المملوكة للدولة.
انتقادات لارتفاع أسعار النقل على مدى سنوات
ارتفعت الأسعار المنظمة في إنجلترا بنحو 64 في المئة منذ عام 2010، فيما تمثل تكاليف النقل نحو 12 في المئة من إنفاق الأسر. وتشدد ريفز على أن ميزانية الأسبوع المقبل ستعطي الأولوية لخفض تكاليف المعيشة بالتوازي مع خفض قوائم انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) وتقليل الديون العامة.
وقالت: «لهذا السبب نقرر تجميد أسعار القطارات لأول مرة منذ 30 عامًا، وهو ما سيخفف الضغط على ميزانيات الأسر ويجعل الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو زيارة الأقارب أسهل قليلًا».
من جانبها، قالت وزيرة النقل ألكسندر: «نريد جميعًا رؤية رحلات قطار أرخص، ولذلك نجمّد الأسعار لمساعدة ملايين الركاب على توفير المال. هذه الخطوة جزء من خططنا لإعادة بناء شبكة سكك حديدية يعتمد عليها الجمهور».
ترحيب واسع من منظمات النقل والنقابات

رحّب نشطاء النقل العام بالقرار، مشيرين إلى التباين الذي دام لسنوات بين تجميد ضريبة الوقود منذ عام 2010 وارتفاع أسعار القطارات بشكل متواصل.
وقال بن بلاودن، الرئيس التنفيذي لحملة «من أجل نقل أفضل»:
«نعرف أن التكلفة هي العامل الأول الذي يؤثر في قرار الناس استخدام القطارات. هذا التجميد سيتيح لمزيد من الناس اختيار القطار، ويقلل الزحام على الطرق، ويخدم الاقتصاد والبيئة في الوقت نفسه».
كما أشاد اتحاد سائقي القطارات (Aslef) بالقرار، إذ قال أمينه العام المستقيل، ميك وِهلان: «نرحب بهذا القرار بعد 14 عامًا من سياسات المحافظين التي دفعت الركاب بعيدًا عن القطارات».
سياق سياسي واقتصادي حساس
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن تجميد أسعار القطارات يمثل محاولة حكومية واضحة لموازنة التحديات الاقتصادية مع ردود الفعل الجماهيرية، خصوصًا في ظل توقعات بفرض زيادات ضريبية قريبة. وترى المنصة أن الخطوة تبدو محاولة لتهدئة المستهلكين وتعزيز الثقة في شبكة النقل، في وقت تحتاج فيه الحكومة إلى نتائج ملموسة تسبق الانتخابات المقبلة.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
