العرب في بريطانيا | استطلاع: 4 بين كل 10 بريطانيين مستعدون لإنهاء ص...

1447 جمادى الأولى 29 | 20 نوفمبر 2025

استطلاع: 4 بين كل 10 بريطانيين مستعدون لإنهاء صداقتهم عند اختلاف الرأي بشأن إبادة غزة

غلاف-بال-أكشن-1536×864
فريق التحرير November 20, 2025

لم تعد القضية الفلسطينية حدثًا بعيدًا عن الداخل البريطاني، بل باتت قضية مركزية تعيد تشكيل المزاج العام، وتمتد تأثيراتها من الشارع والمظاهرات والمسيرات الضخمة إلى تفاصيل الحياة اليومية والعلاقات الإنسانية.

هذا ما يكشفه استطلاع جديد يشير إلى أن أربعة من كل عشرة بريطانيين قد يفكرون في إنهاء علاقاتهم الشخصية بسبب اختلاف المواقف من إبادة غزة.

وفقا لصحيفة الإندبندنت، فإن الاستطلاع الذي أجراه مركز (More in Common UK) والذي شمل نحو ألفي شخص، يوضح أن التعاطف الشعبي تجاه فلسطين تصاعد بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، منذ العدوان الإسرائيلي الواسع على غزة عقب أحداث 7 أكتوبر، وأن النقاش حول القضية الفلسطينية لم يعد سياسيًا فحسب، بل أصبح جزءًا من الهوية الاجتماعية للأفراد.

القضية الفلسطينية في قلب النقاش العام البريطاني

وفقًا للنتائج، قال 43% من المتعاطفين مع فلسطين إنهم قد ينهون صداقة مع شخص يتبنى مواقف داعمة لإسرائيل على منصات التواصل. كما عبّر 46% من المتعاطفين مع إسرائيل عن استعداد مماثل تجاه من ينشرون محتوى مؤيدًا لفلسطين.

لكن رغم هذا الاستقطاب، يشير الاستطلاع إلى أن غالبيّة البريطانيين ترى القضية أعقد من اختزالها في “معسكرين”، وأن كثيرين يعتبرون أن الظلم يمكن أن يصيب المدنيين في الجانبين، ما يجعلهم مترددين في إعلان مواقف واضحة.

ومع ذلك، تبرز حقيقة ثابتة:

القضية الفلسطينية أصبحت محورًا رئيسيًا في النقاش البريطاني العام، وتشغل حيزًا لم تبلغه أي قضية دولية أخرى في السنوات الأخيرة.

من الشوارع إلى العلاقات الشخصية

لم تعد القضية محصورة في المسيرات الضخمة التي تملأ شوارع لندن ومدن أخرى أسبوعيًا، بل امتد أثرها إلى المجال الشخصي.

فثلاثة أرباع المشاركين قالوا إنهم لا يشعرون بالراحة للحديث عن العدوان على غزة على وسائل التواصل، فيما قال نحو 30% إنهم يترددون حتى في طرحها مع أصدقائهم.

ويعكس هذا التحول أن فلسطين، بما تمثله من رمزية سياسية وإنسانية، أصبحت اختبارًا للعلاقات الاجتماعية، ومرآة للانتماءات الأخلاقية في نظر كثيرين.

تنامي الاحتجاجات.. وتراجع التسامح الرسمي

منذ اندلاع العدوان على غزة، تشهد بريطانيا مسيرات حاشدة أسبوعيًا، وموجات مقاطعة واسعة لمنتجات وشركات مرتبطة بإسرائيل، وعودة قوية لحركة التضامن مع فلسطين.

وفي المقابل، يرى 67% من المشاركين أن بعض الاحتجاجات بات “مُعطِّلًا إلى حدّ يجب منعه”، بحسب الاستطلاع.

ويقول الباحثون إن هذا يعود إلى كثافة المظاهرات واستمراريتها، لا إلى فقدان التأييد الشعبي للقضية، إذ تكشف أرقام أخرى ارتفاعًا واضحًا في التعاطف مع الفلسطينيين مقارنة بالسنوات السابقة.

فقد تراجع التعاطف مع إسرائيل إلى 14%، بينما ارتفع التأييد لفلسطين إلى 26%، وهو تحول ملحوظ في اتجاهات الرأي العام البريطاني.

تصاعد القلق داخل المجتمعات المسلمة واليهودية

بيّن الاستطلاع أن التوتر الديني ازداد بعد الهجوم على كنيس في مانشستر الشهر الماضي، حيث قال 44% من المشاركين إن البلاد أصبحت “غير آمنة لليهود”، فيما قال 37% إنها “غير آمنة للمسلمين”.

وتشير هذه الأرقام إلى أن العدوان على غزة خلق موجة قلق مشتركة بين الجاليتين، وأنهما الأكثر تأثرًا بخطاب الكراهية والاستقطاب.

ثقة متآكلة ومشهد إعلامي منقسم

يحذر لوك ترايل، مدير More in Common UK، من أن الاستقطاب المرتبط بغزة أدى إلى تراجع الثقة في الإعلام البريطاني والسياسة والمؤسسات.

ويقول إن أصحاب المواقف المتشددة باتوا يبتعدون عن الإعلام التقليدي، معتمدين على منصات مغلقة عبر الإنترنت، ما يعمّق الانقسام ويقوض القدرة على الاحتكام إلى “وقائع مشتركة”.

ويضيف:

«القضية الفلسطينية تحولت إلى معيار لاختبار النوايا. فالبعض يفترض أن دعم فلسطين نابع من كراهية اليهود، بينما يظن آخرون أن دعم إسرائيل مرتبط بمعاداة المسلمين.»

غير أن مراقبين يرون أن هذا النوع من الخطاب يُستخدم لتخفيف أثر التأييد الشعبي الواسع لفلسطين، ولإعادة صياغة مشاهد الاحتجاج المليونية في بريطانيا وكأنها تعبير عن خصومة دينية أو كراهية لليهود.

ويشير هؤلاء إلى أن الحشود المؤيدة لفلسطين في بريطانيا كانت سلمية بالكامل، وأنها تضم يهودًا بريطانيين معارضين للعدوان، وشرائح واسعة من المسلمين والمسيحيين واليساريين والنشطاء الحقوقيين.

وبحسبهم، فإن الزجّ بمصطلحات الكراهية في وصف هذه الحركة الشعبية يطمس حقيقة موجة التعاطف المتصاعدة مع المدنيين الفلسطينيين وضحايا الحرب على غزة، ويُبعد النقاش عن جوهره الأساسي:
رفض العدوان، والمطالبة بوقف إطلاق النار، واحترام حقوق الإنسان.

قضية فلسطين في بريطانيا: من الشارع إلى العمق الاجتماعي

تجد نتائج الاستطلاع أن فلسطين لم تعد قضية تخص شريحة سياسية محددة أو مجموعات ناشطة فحسب، بل أصبحت قضية شعبية بامتياز داخل المملكة المتحدة، تؤثر في:

  • النقاش العام
  • أشكال التظاهر والاحتجاج
  • خيارات المقاطعة
  • طبيعة العلاقات الإنسانية نفسها

وهو تحول يعكس بحسب الباحثين أن الإبادة في غزة لم تُحدث صدمة سياسية فقط، بل أعادت تشكيل وعي جديد داخل المجتمع البريطاني.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة