انتقادات لمدارس إنجلترا بسبب استبعاد طلاب الاحتياجات الخاصة
تتزايد الانتقادات الموجّهة لعدد من المدارس في إنجلترا على خلفية اتهامات بـاستبعاد أو “توجيه” الأسر بعيدًا عن التسجيل للأطفال ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة، في وقت تحذّر فيه سلطات محلية من وصول منظومة الدعم إلى “نقطة الانهاك”. وتكشف هذه الممارسات فجوة متسعة في توزيع حالات الاحتياجات الخاصة بين المدارس، ما يضع نموذج الدمج التعليمي في دائرة مساءلة أوسع مع اقتراب إصدار “الورقة البيضاء” لإصلاح التعليم.
مدارس تتجنب استقبال الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

أفاد قادة سلطات محلية للمؤسسة الوطنية للبحوث التعليمية (NFER) بأن بعض المدارس في إنجلترا تميل إلى “توجيه” الأسر بعيدًا عن التسجيل، مفضلين أن تتحمل مدارس أخرى الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي وفق خطط التعليم والصحة والرعاية (EHCPs). وأشار مسؤولو التعليم إلى أن بعض المديرين يخشون تأثير استقبال طلاب ذوي احتياجات معقّدة على متوسط نتائج الامتحانات.
وقال أحد مسؤولي دعم الاحتياجات الخاصة: إن مدارس تضم أعدادًا كبيرة من الطلبة ذوي الاحتياجات باتت “ضحايا نجاحها”، إذ أدى نهجها الشامل إلى تدفق المزيد من الطلبة، ما استنزف مواردها.
وأضاف آخر: “لدينا عدد من المدارس وصل إلى نقطة الانهيار. الوضع غير قابل للاستمرار”.
فوارق هائلة بين المدارس: من 50% إلى أقل من 5%

في إحدى السلطات المحلية، كان بعض المدارس الابتدائية يضم ما يصل إلى نصف الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، في حين كانت أخرى لا تتجاوز النسبة فيها 5 في المئة. وفي الغالب كانت المدارس الأكثر استقبالًا لهذه الحالات تقع في مناطق محرومة اقتصاديًّا.
وقال مات ووكر، الباحث الرئيس في تقرير المؤسسة الوطنية للبحوث التعليمية (𝖭𝖥𝖤𝖱): إن التوزيع غير المتوازن يؤدي إلى “ضغوط كبيرة على المدارس التي تستقبل النسب العليا”، رغم محاولاتها المستمرة لتوفير تعليم شامل، لكنها تواجه مشكلات مالية وتشغيلية متصاعدة.
وأضاف: “هذه المدارس ستكون الأكثر تأثرًا بإصلاحات الحكومة المقبلة”.
اتهامات بإقصاء غير معلن للطلبة ذوي الاحتياجات

مديري مدارس قالوا: إن “توجيه” الأسر بعيدًا عن التسجيل ليس جديدًا، لكنه أصبح أكثر وضوحًا مع الارتفاع السريع في أعداد الطلاب المحتاجين لدعم خاص.
وقال دانييل كيبييدي، الأمين العام لنقابة التعليم: إن بعض المدارس “تتجنب عمدًا قبول الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة”، مضيفًا أن المدارس الشاملة تواجه ضغوطًا من أوفستد ومن أنظمة المساءلة، ما يجعلها في وضع دفاعي دائم.
وطالب كيبييدي بأن يتضمن إصلاح التعليم والحزمة التشريعية الجديدة “معالجة عدم المساواة في القبول”، وفرض نموذج دمج فعّال في جميع المدارس.
أرقام تكشف عمق الأزمة
وجدت المؤسسة الوطنية للبحوث التعليمية (NFER) أن ربع المدارس الابتدائية العام الماضي استقبل -في المتوسط- عددًا من الطلاب المشمولين بخطط التعليم والصحة والرعاية (EHCP) يفوق ما لدى المدارس الأقل استيعابًا بستة أضعاف. أما في المرحلة الثانوية، فبلغت الفوارق خمسة أضعاف بين أعلى المدارس استيعابًا وأدناها.
وتكشف أرقام وزارة التعليم أن 56 في المئة من الطلاب الذين لديهم خطط دعم قانونية (EHCP) يتعلمون اليوم في المدارس العامة، مقارنة بـ 49 في المئة قبل عشر سنوات.
كما أظهرت الدراسة أن المدارس التي تضم النسب العليا من الأطفال الذين يحتاجون دعمًا إضافيًّا تخدم في الغالب مجتمعات أكثر حرمانًا ولديها نتائج اختبار أدنى.
شبكات غير رسمية توجه الأسر نحو مدارس بعينها
يقول المسؤولون المحليون: إن اختيارات الأهالي، وطبيعة المدرسة، وسمعتها تسهم إسهامًا بارزًا في تركز الطلبة المشمولين بخطط التعليم والصحة والرعاية (EHCP) داخل مدارس محددة. كما تؤثر شبكات غير رسمية -مثل مجموعات واتساب بين الأهالي- في توجيه الأسر نحو المدارس التي تُعرف بسياسات دمج أوسع.
لكن المسؤولين يشيرون أيضًا إلى أن بعض المدارس تفضّل ضمنيًّا أن تتحمل مؤسسات أخرى عبء استقبال الطلاب المشمولين بخطط (EHCP)، في حين تدفع ضغوط نتائج الامتحانات وتقييمات مكتب معايير التعليم في بريطانيا (Ofsted) بعض المدارس إلى تجنّب تسجيل الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة.
رد الحكومة
قال متحدث باسم وزارة التعليم: إن الحكومة “ورثت نظامًا متدهورًا”، مضيفًا: “نحن مصممون على إصلاحه عبر تعزيز الدمج في المدارس العامة، حتى يحصل كل طفل على الدعم الذي يحتاجه”. وأكد أن الوزارة عقدت “أكثر من 100 جلسة استماع” مع الأسر، وستواصل التشاور خلال إعداد الورقة البيضاء.
غياب معايير موحدة
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن التفاوت الحاد في توزيع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة يكشف خللًا بنيويًّا في منظومة التعليم البريطاني، ويضعف مفهوم الدمج الشامل الذي تعلن الحكومة التزامها به. وتشير المنصة إلى أن غياب معايير موحدة للقبول، واعتماد مدارس على تقييمات مكتب معايير التعليم في بريطانيا (Ofsted) كمحدد رئيس، يدفع بعض المؤسسات إلى تفادي تسجيل الطلبة الذين يحتاجون دعمًا إضافيًّا. وتؤكد المنصة أن إصلاحًا فعليًّا يتطلب تمويلًا مستدامًا للمدارس الأكثر عبئًا، ووضع قواعد إلزامية للدمج، وحماية المدارس الشاملة من الضغوط التي تجعلها تتحمل وحدها مسؤوليات يفترض أن تكون موزعة بطريقة عادلة عبر النظام التعليمي كله.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇
