تحذير البريطانيين من حرب أوروبية كبرى خلال 3 إلى 4 سنوات
حذّر خبراء عسكريون من احتمال اندلاع حرب واسعة في أوروبا خلال السنوات القليلة المقبلة، وسط تصاعد المخاوف من توسع الصراع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى مواجهة مباشرة، في ظل ما يصفه مسؤولون بريطانيون بأنه “تصعيد غير مسبوق” في الهجمات الروسية الهجينة ضد الغرب.
تصاعد خطر المواجهة المباشرة مع روسيا

قال رئيس لجنة الاستعداد الوطني البريطانية، اللورد توبي هاريس، إن بريطانيا يجب أن تكون مستعدة لاحتمال اندلاع حرب شاملة في القارة خلال ثلاث إلى أربع سنوات، مؤكدًا أن البلاد بحاجة إلى تعزيز جاهزيتها على المستويين العسكري والمدني.
وأضاف هاريس في تصريحات لصحيفة The i أن المواطنين يجب أن يستعدوا لتغييرات قد تطرأ على حياتهم اليومية في حال وقوع هجوم على البنية التحتية الحيوية، داعيًا إلى تخزين مؤن تكفي لمدة 72 ساعة لمواجهة حالات الطوارئ.
ودعا المسؤول البريطاني الحكومة إلى تفعيل موقعها الإلكتروني “استعد” (Prepare) ليكون أكثر حضورًا ووضوحًا لدى المواطنين، إلى جانب إطلاق حملات توعية على التلفزيون والإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتضمين مناهج المدارس دروسًا عن كيفية الاستعداد للأزمات الوطنية.
موسكو تصعّد حربها “الرمادية”
تأتي هذه التحذيرات في ظل تزايد النشاط العسكري الروسي في أجواء أوروبا، حيث سجّلت عدة دول، منها بولندا والدنمارك وإستونيا، اختراقات بطائرات مسيّرة ومقاتلات روسية خلال الأسابيع الماضية.
وقال مدير جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (MI5)، السير كين ماكالوم، إن موسكو “ملتزمة بإحداث الفوضى والدمار”، مؤكدًا أن الأجهزة الأمنية البريطانية أحبطت العام الماضي عددًا من محاولات التجسس والتخريب التي استهدفت شخصيات تعتبرها روسيا “أعداءً للنظام”.
بنية تحتية هشّة وقلق متزايد

وحذّر هاريس من هشاشة البنية التحتية البريطانية، مستشهدًا بحريق محطة الكهرباء قرب مطار هيثرو في مارس الماضي الذي تسبب في تعطيل المطار ليوم كامل. وأشار إلى أن “الكثير من منشآتنا الحيوية قديمة وتفتقر إلى الصيانة، ما يجعلها أهدافًا سهلة في حال حدوث هجمات معادية”.
وأضاف أن بريطانيا “لا تمتلك نظامًا شاملًا لحماية هذه المرافق”، محذرًا من أن خصومها قد يستغلون هذه الثغرات في أي صراع مستقبلي.
الناتو يرفع مستوى التأهب
في ظل هذا التصعيد، زاد حلف الناتو من دورياته الجوية على الحدود الشرقية مع روسيا، حيث نفذت طائرات بريطانية مهام مراقبة طويلة بعد اختراقات روسية متكررة للأجواء الأوروبية.
وأكد اللورد هاريس أن “روسيا ستواصل الضغط على أوروبا مهما كانت نتيجة حرب أوكرانيا”، مشيرًا إلى قلق واضح في دول مثل فنلندا وإستونيا من التحركات العسكرية الروسية بالقرب من حدودهما.
ورغم الإجراءات الدفاعية المعلنة، يرى هاريس أن بريطانيا “ما تزال متأخرة عن الدول الأخرى في مجال الجاهزية العسكرية والمدنية”، مطالبًا بخطة وطنية شاملة لتعزيز الاستعداد للأزمات، سواء كانت عسكرية أو بيئية.
وأشار إلى أن “مراجعة الدفاع الاستراتيجية” الأخيرة أوصت بتوسيع سلطات الحكومة لتعبئة قوات الاحتياط وتسخير الصناعة الوطنية لدعم جهود الدفاع.
في المقابل، انتقد وزير الدفاع في حكومة الظل، جيمس كارتليدج، ما وصفه بـ“الفجوة بين وعود حزب العمال والواقع”، مؤكدًا أن “التهديدات قائمة اليوم، لكن الاستجابة لا تزال بطيئة”.
هل بدأت الحرب فعلاً؟

وفي تصريحات سابقة، قالت رئيسة جهاز MI5 السابقة، السيدة إليزا مانينغهام-بولر، إن بريطانيا قد تكون بالفعل “في حالة حرب مع روسيا” بسبب حجم الهجمات الإلكترونية وعمليات التخريب التي تُنسب لموسكو.
واتفقت معها الباحثة ناتيا سيسكوريا من معهد “روسي” للدراسات الأمنية، التي أكدت أن “روسيا تخوض حربًا هجينة ضد الغرب منذ سنوات، تشمل عمليات تخريب وهجمات إلكترونية ومحاولات للتأثير في الانتخابات والسياسات الداخلية للدول الغربية”.
وأضافت أن الكرملين يسعى إلى اختبار تماسك الناتو، وإظهار قدرته على توسيع الحرب خارج أوكرانيا لتعزيز موقعه التفاوضي في أي اتفاق مستقبلي.
ومن جهتها، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أن البلاد تدخل “عصرًا جديدًا من الجاهزية القتالية”، مشيرة إلى استثمار 6 مليارات باوند في إنتاج الذخائر، وبناء ستة مصانع جديدة للعتاد العسكري داخل المملكة المتحدة، إلى جانب مليار باوند لتطوير شبكة رقمية متقدمة لتسريع القرارات الميدانية وتحديد الأهداف العسكرية بدقة أكبر.
وبينما تتصاعد المخاوف من حرب أوروبية شاملة، يؤكد الخبراء أن بريطانيا، رغم استثماراتها الدفاعية الجديدة، لا تزال بعيدة عن مستوى الجاهزية المطلوب لمواجهة ما يصفونه بـ“أخطر مرحلة أمنية تمر بها القارة منذ ستة عقود”.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
