العرب في بريطانيا | القضاء البريطاني يبرّئ رجلاً أحرق المصحف في لند...

1447 ربيع الثاني 18 | 11 أكتوبر 2025

القضاء البريطاني يبرّئ رجلاً أحرق المصحف في لندن بعد الاستئناف بدعوى حرية التعبير

القضاء البريطاني يبرّئ رجلاً أحرق المصحف في لندن بعد الاستئناف بدعوى حرية التعبير
ديمة خالد October 10, 2025

أثار قرار القضاء البريطاني بتبرئة رجلٍ أحرق نسخة من القرآن الكريم أمام القنصلية التركية في لندن، بعد قبول استئنافه، جدلًا واسعًا حول حدود حرية التعبير وازدواجية تطبيقها، خاصة في ظل التناقض الصارخ بين موقف السلطات من خطابات الكراهية ضد المسلمين وصمتها إزاء التحريض والعنف بحق الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب على غزة.

فقد ألغت محكمة ساوثوورك الملكية حكمًا سابقًا بإدانة حامد جوشكون (51 عامًا) الذي كان قد أشعل النار في نسخة من المصحف الشريف في فبراير الماضي، مرددًا عبارات مسيئة للإسلام أمام القنصلية التركية في حي نايتسبريدج. وكانت محكمة وستمنستر الجزئية قد أدانته في يونيو بارتكاب “جريمة سلوك عام مشدد دينيًا”، وفرضت عليه غرامة قدرها 240 باوند، قبل أن تُلغى الإدانة في الاستئناف بدعوى أن الفعل يندرج ضمن حرية التعبير.

القضاء: “الحرية تشمل الحق في الإساءة والصدم”

القضاء البريطاني يبرّئ رجلاً أحرق المصحف في لندن بعد الاستئناف بدعوى حرية التعبير

وقال القاضي بناثان في حيثيات قراره إن “حرق القرآن قد يكون أمرًا يسبب ألمًا واستياءً شديدين لدى المسلمين، إلا أن حرية التعبير يجب أن تشمل الحق في التعبير عن الآراء التي قد تُزعج أو تُصدم الآخرين”. وأضاف أن بريطانيا “تعيش في ديمقراطية ليبرالية” تتيح للناس التعبير عن آرائهم دون تدخل الدولة، حتى وإن كانت هذه الآراء مسيئة أو مستفزة للبعض.

من جانبه، قال جوشكون، المولود في تركيا، إنه جاء إلى بريطانيا “ليتمكن من الحديث بحرية عن مخاطر الإسلام الراديكالي”، معربًا عن ارتياحه لما وصفه بأنه “تأكيد على بقاء حرية التعبير حيّة رغم التطورات المقلقة”.

وخلال الاحتجاج ذاته، خرج رجل يُدعى موسى قدري (59 عامًا) من أحد المباني المجاورة وهاجم جوشكون بسكين كبير، مدعيًا أنه كان “يحمي دينه”. وقد أُلقي القبض على قدري وصدر بحقه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ الشهر الماضي.

وحضر جلسة الاستئناف روبرت جينريك، وزير العدل في حكومة الظل، الذي صرّح بأنه لا يوافق على ما فعله جوشكون، لكنه لا يعتبره جريمة. كما رأى نشطاء أنّ الحكم السابق كان بمثابة “عودة غير مباشرة لقوانين ازدراء الأديان”، التي ألغيت رسميًا في إنجلترا وويلز عام 2008، وفي اسكتلندا عام 2021.

القضاء البريطاني يبرّئ رجلاً أحرق المصحف في لندن بعد الاستئناف بدعوى حرية التعبير

ورغم اعتبار بعض المنظمات المدافعة عن حرية التعبير الحكم “انتصارًا للديمقراطية”، فإن مراقبين كُثر يرون أن القضية تعكس ازدواجية مقلقة في تطبيق القانون البريطاني. فبينما تُبرّر المحاكم حرق المصحف بأنه “تعبير عن الرأي”، تواجه التظاهرات الداعمة لفلسطين وراياتها وعبارات التضامن مع غزة تضييقًا متزايدًا من الشرطة، وتُتهم مرارًا بـ”التحريض” أو “معاداة السامية”.

وهذا الحكم يُظهر مرة أخرى هشاشة المفهوم البريطاني لحرية التعبير، التي تُستدعى لتبرير إهانة المقدسات الإسلامية، لكنها تُقيد وتُجرَّم عندما تُستخدم للدفاع عن المظلومين في غزة أو لانتقاد السياسات الغربية المنحازة لإسرائيل.

إنّ حرية التعبير الحقيقية لا تتجزأ، ولا يمكن أن تكون مبررًا للإساءة إلى ديانة أو للتحريض ضد فئة من المجتمع، في وقت تُحاصر فيه الأصوات الحرة المطالبة بالعدالة وحقوق الإنسان للفلسطينيين.

وفي الوقت الذي يُبرَّأ فيه من يحرق المصحف، لا يزال كثير من الناشطين المسلمين والعرب يواجهون الملاحقات أو الفصل من أعمالهم بسبب مواقف إنسانية تعبّر عن رفضهم للإبادة في غزة. هذا مشهد يلخّص عمق التناقض الأخلاقي في منظومة العدالة البريطانية اليوم.

المصدر: بي بي سي


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
11:34 am, Oct 11, 2025
temperature icon 14°C
overcast clouds
71 %
1034 mb
3 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 100%
Visibility 10 km
Sunrise 7:17 am
Sunset 6:16 pm

آخر فيديوهات القناة