الداخلية البريطانية تترك عائلة سورية في مهبّ الريح

قضت عائلة سورية تقيم في اسكتلندا قرابة عامين بلا أي تحديث من وزارة الداخلية البريطانية بشأن طلبات اللجوء، وسط أخطاء بيروقراطية لافتة في بطاقات الهوية، وتعطّل لمسار التعليم والحياة الاجتماعية للأطفال. القصة تفتح مجددًا ملف طول إجراءات اللجوء وغياب التواصل الإنساني، خصوصًا حين يتعلّق الأمر بأُسر لديها أطفال في المدارس.
انتظار يقترب من عامين بلا رد
أفاد فادي السقاكة، المقيم في غلاسكو مع زوجته لجين وطفليه أيمن (10 أعوام) وأيلا (9 أعوام)، بأن مقابلته الأولى لدى السلطات أُجريت بعد تقدّم العائلة بطلب اللجوء في سبتمبر/أيلول 2023، بينما لم تُحدَّد له المقابلة الثانية إلا الشهر الماضي بعد 23 شهرًا من الانتظار. ويقول: «تخيّلوا هذا الانتظار! لا تواصل ولا معلومات ولا حتى رد واحد». خلال هذه الفترة، لم تتلقَّ العائلة أي جدول زمني أو مهلة نهائية، ما جعلهم «يتحرّكون في الظلام».
الوحيد الذي وصل العائلة من «التواصل الرسمي» كان بطاقات الهوية… لكن بصورة خاطئة مرّات عدّة. فقد أُرسلت البطاقات أكثر من مرة، وفي خمس مرات ظهرت صورة الابن على بطاقتي الوالدين، ووقعت مخالفة مشابهة لبطاقة الابنة في إحدى المرّات. وأوضح السقاكة أنّ لديه صورة تُظهر 11 بطاقة مُعادة الطباعة مع أخطاء في الصور، وعلّق ساخرًا: «نعم، حصل ذلك خمس مرات… أمرٌ لا يُصدَّق».
من حمص إلى اسكتلندا: حياة مُعلّقة
ينحدر السقاكة من مدينة حمص التي شكّلت إحدى ساحات القتال المبكر في الحرب السورية، ويقول إن مجزرة 18 إبريل/نيسان 2011 بدّلت مسار حياته: «فُرض عليّ الرحيل. لم يعد ممكنًا العيش في سوريا». قبل وصوله إلى بريطانيا عاش 12 عامًا في السعودية مهندسَ مشتريات في شركة إنشاءات، ثم فُسِخ عقده وبات معرّضًا للترحيل إلى سوريا، فدخل إلى المملكة المتحدة بتأشيرة طالب وطلب اللجوء. بعد الوصول، اختارت العائلة دندي مدينةً صغيرة للعيش ريثما تُحسَم ملفاتها، واستأجرت منزلًا خاصًا لسنة كاملة، لكن المدّخرات نُفدت بعد إنفاق نحو 10,000 باوند خُصّصت أصلًا للدراسة. في سبتمبر/أيلول 2024 قُدّم طلب الحصول على سكن حكومي، غير أنّ العائلة كانت حريصة على بقاء الطفلين في مدرستهما في دندي؛ رسائل الدعم من المدرسة أشارت إلى اندماج الطفلين وصعوبة نقلهما، لكن هذه الطلبات لم تُستجب، ونُقلت العائلة إلى غلاسكو. بعد ثلاثة أشهر في فندق طالبي اللجوء، استقرّت الأسرة في شقّة تُقيم فيها حاليًّا. بدأ السقاكة هذا الشهر ماجستير في «إدارة سلاسل الإمداد والمشتريات» بجامعة ستراثكلايد بمنحة لطلبة اللجوء، ويأمل—إن مُنح حق الإقامة والعمل—أن يساهم بخبرته في التخفيف من أزمة السكن في غلاسكو، حتى وإن اضطر للبدء بأعمال كهربائية بسيطة. لكنه يشير إلى أنّ حياته وحياة أسرته ما زالتا «معلّقتين»: لا حقّ للعمل ولا إمكانية للسفر. يقول: «بالنسبة إليّ أستطيع شغل نفسي، لكن الأمر قاسٍ على الأطفال. ابني يسأل يوميًّا متى نزور أقاربنا في ألمانيا، وهذا حقّه، لكنّي لا أملك جوابًا».
القضاء كملاذ أخير… وغياب التواصل الإنساني
يؤكد السقاكة أن كثيرًا من طالبي اللجوء يفضّلون الاحتكام للمحاكم إن طال الانتظار أكثر من ثلاث سنوات، ليس لأن القرارات «أسهل»، بل لأن هناك جهة «يمكن التحدّث إليها وجها لوجه». ويضيف: «في الداخلية تُرسَل رسالة إلكترونية فتحصل على ردٍّ آلي. لا أحد يتحدث إليك، ولا أحد يجيب». يُذكر أنّ وزارة الداخلية أُحيطت علمًا بالقضية للتعليق.
يرى «العرب في بريطانيا» أنّ ملفات اللجوء التي تمسّ أُسرًا وأطفالًا تستوجب جداول زمنية واضحة، وتواصلًا إنسانيًا مباشرًا، ومعايير جودة تمنع الأخطاء المتكرّرة في الوثائق الرسمية. تقليص مدد الانتظار، وضمان استقرار الأطفال في مدارسهم، وإتاحة مسارات شفافة للحصول على الإقامة والعمل، خطواتٌ أساسية للعدالة والاندماج. ستواصل المنصّة متابعة هذه القضايا ورصد أثر السياسات على الجاليات العربية والمسلمة في بريطانيا، مع تقديم معلومات دقيقة وتحليلات متوازنة.
المصدر: ناشيونال
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇