القضاء البريطاني يسقط تهم الإرهاب عن أعضاء فرقة “نيكاب”

بقرار قضائي لافت في لندن، أُسقِطت تهمة إرهاب موجَّهة إلى ليام أوغ أو هانايي (Mo Chara)، أحد أعضاء فرقة الراب الإيرلندية «نيكاب»، بعد أن قضى كبير القضاة بول غولدسبرينغ ببطلان الإجراءات من أساسها. القرار أثار هتافات مؤيدين خارج المحكمة، بينما استُقبل داخلها بتحذير من القاضي بضرورة احترام سير الجلسات. القضية أُحيطت باهتمام سياسي وإعلامي واسع، مع رسائل دعم من قيادات في إيرلندا الشمالية وقيادة «شين فين»، وسط أسئلة عن حدود استخدام قوانين مكافحة الإرهاب في قضايا التعبير الفني والسياسي.
حيثيات القرار القضائي
القاضي غولدسبرينغ أوضح في ملخص حكمه أنّ القضية أُقيمت «على نحو غير قانوني»، وبالتالي تُعد «باطلة»، وأن المحكمة «لا ولاية لها» للنظر في التهمة. الاستنتاج استند إلى غياب موافقة سابقة من المدعي العام أو مدير النيابات العامة على توجيه التهمة، وهي موافقة مطلوبة قانونًا قبل إصدار الاستدعاء، فضلًا عن تجاوز مهلة الأشهر الستة القانونية بين الواقعة وإخطار التهمة عبر البريد. وبعد أن استُدرك طلب الموافقة بصورة متأخرة، أُعيد إرسال الإخطار في اليوم التالي فوقع خارج الإطار الزمني المنصوص عليه. القاضي رفض حُجج الادعاء التي رأت أن الموافقة يمكن أن تُستكمل لاحقًا عند أول مثول للمتهم، واصفًا هذا الطرح بأنه «يناقض المنطق».وبحسب ملف القضية، نُسب إلى أو هانايي عرضُ علم مؤيِّد لحزب الله خلال حفل موسيقي في O2 Forum بكينتش تاون في نوفمبر الماضي. العضو كان على كفالة غير مقيّدة منذ أول ظهور له أمام المحكمة في يونيو. موقع الجلسة تغيّر على عجل بعد عطل مائي أجبر نقلها من محكمة ويستمنستر الجزئية. مكتب الادعاء الملكي (CPS) أشار إلى مراجعة القرار، فيما أكدت شرطة لندن الكبرى تعاونها مع الادعاء لفهم تبعات الحكم على القضايا المماثلة، مع الإشارة إلى أن باب الاستئناف يظل متاحًا.
ردود الفعل والتداعيات
خارج المحكمة، وجّه أو هانايي شكرًا لفريق الدفاع والمترجم قبل أن يخاطب مؤيديه برسالة سياسية حادّة تربط القضية بحرية التعبير والتضامن مع غزة. من جهته، أعلن مدير الفرقة أن «نيكاب» بلا أي إدانات أو اتهامات قائمة في أي بلد. وعلى منصّات التواصل، رحّبت رئيسة وزراء إيرلندا الشمالية ميشيل أونيل بالقرار، معتبرة أن الملاحقة شكّلت «محاولة لإسكات الأصوات» المناهضة للحرب على غزة. زعيمة «شين فين» ماري لو ماكدونالد شددت بدورها على أن القضية تعلّقت بحرية الاحتجاج السياسي. وتجدّد التساؤل حول توازن السلطات بين إنفاذ قوانين الإرهاب وبين صون الفضاء الفني والسياسي، ولا سيما حين تُطرح اتهامات مرتبطة برموز وشعارات مثار جدل.
خلفية القضية والسياق الأوسع
اسم «نيكاب» طُرح سابقًا في سجال ثقافي–سياسي بالمملكة المتحدة. في العام الماضي، كسبت الفرقة قضية تمييز ضد قرار حكومي حجب منحة قدرها 14,250 باوند، بعد نزاع مع وزيرة الأعمال حينها كيمي بادنوك. الفرقة تُعرف بأعمال تجمع السخرية السياسية مع التراث الإيرلندي، وقد أثارت مرارًا نقاشًا عامًا حول حدود الذائقة الفنية وحدود القانون.الحكم الحالي لا يفصل في «البراءة» أو «الإدانة» من موضوع التهمة الأصلية، بل يكرّس قاعدة إجرائية صارمة: وجوب استكمال موافقات الادعاء المختصة داخل المهلة القانونية وقبل تحريك الدعوى، وهو ما يُتوقَّع أن يُؤخذ في الحسبان مستقبلًا عند التعاطي مع قضايا مشابهة. من
تؤكد المنصّة أنّ صون حرية التعبير – بما فيها التعبير الفني المثير للجدل – قيمةٌ دستورية لا تُنتزع إلا وفق ضوابط قانونية دقيقة، وأن مكافحة الإرهاب لا ينبغي أن تتحوّل إلى أداة تُقوِّض هذا الحق. الالتزام الحازم بالإجراءات والمهل القانونية ليس تفصيلًا شكليًا، بل ضمانة أساسية لعدالة نزيهة. وفي القضايا ذات الحساسية السياسية، يُشدَّد على التفرقة بين التحريض على العنف – المرفوض أخلاقيًا وقانونيًا – وبين التعبير السياسي الحادّ الذي يظل داخل نطاق الحماية. العدالة المتوازنة والقانون الواضح هما الطريق الأمثل لحماية المجتمع وحقوق الأفراد معًا.
المصدر: سكاي نيوز
إقرأ أيضا
الرابط المختصر هنا ⬇