تقرير يكشف المعاملة التعسفية لمعتقلي “بال أكشن” داخل السجون البريطانية
لم يكن حظر حركة Palestine Action في بريطانيا مجرد إجراء قانوني، بل تحوّل سريعًا إلى أداة لتشديد الخناق على النشطاء المعتقلين المنتمين إليها. شهادات عائلاتهم ومحاميهم تكشف عن تدهور ظروف الاحتجاز داخل السجون البريطانية، حيث يُعامل هؤلاء الناشطون كـ”إرهابيين” رغم عدم صدور إدانات قضائية ضدهم بتهم من هذا النوع. هذه التطورات أثارت جدلاً واسعًا حول معايير العدالة وازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا ذات طابع سياسي وإنساني.
تصنيف إرهابي وممارسات عقابية

جاء حظر الحركة في يوليو الماضي بموجب قانون الإرهاب، ليحوّل الانتماء إليها أو التعبير عن الدعم لها إلى جريمة يعاقب عليها القانون. عائلات ومحامو معتقلي الحركة في سجني برونزفيلد وبيتربرة قالوا إنهم لاحظوا منذ الحظر تزايد محاولات عزل المعتقلين عن بعضهم، إلى جانب سلوك عدائي من موظفي السجون الذين باتوا يصفونهم علنًا بـ”الإرهابيين”.
ومن بين هؤلاء النشطاء مجموعة معروفة باسم “فيلتون 24” اعتُقلت عقب تحرك استهدف مصنع شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية في بريستول عام 2024. ورغم أن التهم الموجهة لهم تشمل “السطو المشدد” و”إتلاف الممتلكات”، فإن النيابة العامة البريطانية تعتزم الدفع بأن لهذه الأفعال “صلة بالإرهاب”، ما قد يؤدي إلى تشديد العقوبات ضدهم.
عزلة وانتهاكات داخل السجون

وفق الشهادات، أُعيد تصنيف بعض المعتقلين سرًا كمحتجزين بموجب قانون الإرهاب (TACT)، من دون إخطار رسمي مكتوب، في مخالفة للمعايير المعلنة لمصلحة السجون. هذا التصنيف ترافق مع قيود جديدة: حرمان من حصص الرياضة والهواء الطلق، تغيير أوقات الزيارة، ومنع التواصل مع زملائهم في القضية.
زوي روجرز، إحدى معتقلات “فيلتون 24”، فقدت إمكانية لقاء زميلاتها بعد أن غيّرت إدارة السجن مواعيد خروجهن إلى الفسحة. والدتها تحدثت عن تدهور حالتها النفسية منذ بدء تطبيق الإجراءات الجديدة. كما اشتكى محامون من غياب سياسة واضحة لإدارة أوضاع هؤلاء المعتقلين، إذ يختلف التعامل معهم من سجن إلى آخر ومن موظف إلى آخر.
شهادات أخرى تحدثت عن استخدام الحبس الانفرادي كعقوبة تعسفية، إذ وُضع بعض المعتقلين في زنازين عزل لعدة أيام بلا ملابس كافية أو أدوات نظافة، فقط بسبب رفضهم الانصياع لأوامر وصفها محاموهم بأنها غير مبررة.
تجريم النشاط السياسي تحت غطاء “الأيديولوجيا المتطرفة”

تجاوزت القيود الجانب المعيشي لتطال حقوق المعتقلين في التعليم والعمل داخل السجن. فقد مُنعت الناشطة ت. هوكشا، إحدى معتقلات “فيلتون 24” في سجن بيتربرة، من مواصلة عملها في مكتبة السجن بدعوى أنها “تشكل خطرًا” على زميلاتها بسبب ما وُصف بأنه “أيديولوجيا متطرفة”. كما وُضعت هي وآخريات تحت رقابة وحدة مكافحة التطرف المشتركة بين وزارة الداخلية ومصلحة السجون، والتي أعادت تصنيفهن كـ”إرهابيات” رغم غياب أحكام قضائية بهذا الشأن.
إلى جانب ذلك، فُرضت قيود على المراسلات البريدية والاتصالات، حيث أُخضعت للرقابة المسبقة، وأحيانًا حُجبت من دون تفسير واضح. هذا الوضع عمّق عزلة المعتقلين ودفع بعضهم، مثل هوكشا، إلى خوض إضراب عن الطعام احتجاجًا على هذه الإجراءات.
إن ما تكشفه هذه الشهادات يثير قلقًا بالغًا بشأن تسييس العدالة في بريطانيا، واستخدام قوانين مكافحة الإرهاب كأداة لقمع النشاط السياسي الداعم لفلسطين. إن معاملة نشطاء غير مُدانين وكأنهم “إرهابيون” يُعدّ تقويضًا خطيرًا لمبادئ حقوق الإنسان والمعايير القضائية الدولية.
منصة العرب في بريطانيا تؤكد أن قضايا الهجرة والاحتجاج والدفاع عن حقوق الشعوب لا تُعالج عبر العزل والتجريم، بل عبر الحوار والعدالة. إن عسكرة الفضاء السياسي وتجريم التضامن مع فلسطين يضع بريطانيا أمام اختبار أخلاقي وقانوني لن يمر من دون مساءلة تاريخية.
المصدر: ميدل إيست اي
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇
