تقرير سري يفضح ضعف مبررات بريطانيا لحظر حركة “بال أكشن”

دافعت الحكومة البريطانية بقوة عن قرارها حظر حركة بال أكشن (Palestine Action)، معتبرة أن القرار استند إلى “نصيحة واستخبارات واضحة” بعد حملة متصاعدة من “الترهيب والتخريب المستمر”، بحسب ما أعلن وزير الأمن البريطاني دان جارفس. وزعمت الحكومة أن الحركة أبدت استعدادًا لاستخدام العنف في سبيل تحقيق أهدافها السياسية.
وقد اعتُقل مئات المحتجين ضد القرار خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية بموجب القانون، الذي يجرّم التعبير العلني عن دعم جماعات مصنفة كمنظمات إرهابية، رغم أن هذه الأشكال من التعبير عادة ما تكون محمية في بريطانيا.
تقرير استخباراتي منقح يكشف التناقض
لكن تقريرًا استخباراتيًا حصلت عليه صحيفة نيويورك تايمز كشف تناقضًا في مبررات الحكومة. فقد أوضح أن “غالبية أنشطة الحركة لا تُصنّف إرهابية” وفق التعريف القانوني البريطاني، مما يضعف الأساس الذي استندت إليه الحكومة في قرارها.
كما شكك التقرير في مزاعم المسؤولين بأن الحركة تسعى إلى التحريض على العنف ضد الأشخاص، وهو ما يميز عادة جماعات أخرى محظورة مثل القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.
اتهامات جنائية محدودة
رغم ذلك، يزعم الادعاء أن بعض أعضاء الحركة يواجهون اتهامات جنائية خطيرة، أبرزها حادثة اعتداء بمطرقة ثقيلة على شرطيين خلال اقتحام مبنى تابع لشركة الأسلحة الإسرائيلية Elbit Systems. كما وُجهت اتهامات أخرى بارتكاب جرائم تخريبية ضد الممتلكات.
ويدّعي التقرير أن الحركة تمتلك كتيبًا يحمل اسم Palestine Action Underground Manual يتضمن تعليمات عملية تدعو إلى إلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات. كما أُشير إلى أن أحد مؤسسي الحركة وُجهت له اتهامات بدعم حركة حماس، وهو ما نفاه.
صورة أكثر توازنًا
أوضح التقرير أن أنشطة الحركة تندرج في الغالب ضمن “العمل المباشر” مثل الجرافيتي، التخريب البسيط، والاعتصامات، مؤكدًا أن “غالبية هذه الأفعال لا ترتقي إلى تعريف الإرهاب”.
ورغم إشارة التقرير إلى ثلاث حوادث قال إنها استوفت التعريف القانوني للإرهاب بسبب إلحاق أضرار بممتلكات مرتبطة بشركة Elbit Systems، إلا أن السلطات الاسكتلندية صنّفت إحداها كـ”إخلال بالأمن العام” وليست جريمة إرهابية.
كما كشف التقرير أن تقديرات الحكومة بشأن قيمة الأضرار كانت مبالغًا فيها. ففي حادثة غلاسكو مثلًا، أعلنت وزيرة الداخلية السابقة إيفيت كوبر أن الخسائر بلغت مليون باوند، بينما قدّر الادعاء الأضرار الفعلية بـ190 ألف باوند فقط.
انتقادات للقانون وتوسيع تعريف الإرهاب
يرى خبراء أن اعتماد الحظر على تدمير الممتلكات يمثل توسعًا غير مسبوق في استخدام قانون مكافحة الإرهاب. وقال الباحث في جامعة برمنغهام آلان غرين: “الحظر يمثل خروجًا جذريًا عما كان قائمًا من قبل، ولا يوجد في التقرير ما يوحي بأن لدى الحركة أنشطة تتجاوز ما هو معروف علنًا”.
وقد وصف فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، القرار بأنه توسع لمفهوم الإرهاب “إلى ما يتجاوز الحدود الواضحة”، داعيًا بريطانيا للتراجع عنه.
تداعيات واسعة للحظر
منذ صدور القرار، نُفذت أكثر من 1,400 عملية اعتقال، معظمها خلال احتجاجات رفع فيها المتظاهرون شعارات مثل: “أعارض الإبادة الجماعية. أؤيد Palestine Action”.
اقتحامات محرجة للحكومة
في يونيو الماضي، نفذ نشطاء من الحركة اقتحامًا لقاعدة جوية بريطانية كبرى، حيث أفسدوا محركات الطائرات بالطلاء الأحمر وأتلفوا معدات باستخدام قضبان حديدية، مما كشف ثغرات خطيرة في الأمن وأحرج الحكومة.
وبعد أيام، طرحت وزيرة الداخلية مشروع قانون لحظر الحركة إلى جانب جماعتين نازيتين جديدتين دوليتين. وقد أدى الجمع بين الجماعات الثلاث إلى وضع المشرعين أمام خيار صعب: إما تمرير القرار أو رفض الحظر على الجميع.
وقد انتقد نواب من حزب العمال وأحزاب معارضة هذه الخطوة، ووصفت النائبة عن حزب الخضر إيلي تشاونز الأمر بأنه محاولة واضحة “لتصعيب التصويت ضد القرار”.
إقرار الحظر ومآلاته
في الخامس من يوليو، أقر البرلمان الحظر، ليصبح بال أكشن في مصاف نحو 80 جماعة مصنفة إرهابية داخلية ودولية وفق القانون البريطاني. ويترتب على هذا القرار تجريم العضوية والدعم والتمويل وحتى تنظيم الاجتماعات المتعلقة بالحركة.
وعلى الرغم من إعلان حل الحركة، فإن جماعة أخرى تحمل اسم Defend Our Juries تواصل الحملة ضد الحظر، فيما تسعى Palestine Action للطعن في القرار أمام المحكمة العليا في لندن، بانتظار جلسة استماع مقررة في 25 سبتمبر المقبل.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن قرار حظر حركة “بال أكشن” يكشف عن نهج متشدد من الحكومة البريطانية في التعامل مع الأصوات المعارضة لسياساتها الخارجية، خاصة تلك المرتبطة بالقضية الفلسطينية. فالتقرير الاستخباراتي الذي أُفرج عنه يعكس بوضوح ضعف المبررات القانونية وراء تصنيف الحركة كمنظمة إرهابية، ويؤكد أن معظم أنشطتها لا تتجاوز نطاق الاحتجاج السلمي أو أعمال تخريب محدودة.
المصدر: nytimes
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇