خبراء يحذرون من ضعف قدرة بريطانيا على تأمين الطعام.. ماذا سيفقد المواطنون؟

يحذر خبراء الزراعة والأمن الغذائي في بريطانيا من أن البلاد باتت عاجزة عن إطعام نفسها في حال وقوع أزمة كبرى، مثل الحروب أو الجوائح أو الكوارث المناخية، وسط اعتماد متزايد على الاستيراد وتراجع القدرة الإنتاجية المحلية.
ويؤكد هؤلاء أن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى تهديد مباشر لصحة المواطنين وأمنهم الغذائي، إذا لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة لإصلاح النظام الزراعي والغذائي.
هشاشة الإمدادات الغذائية وتنامي المخاطر
يقول توم برادشو، رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين، إن بريطانيا لم تتحسن في استعدادها لتأمين الغذاء خلال الأزمات منذ جائحة كورونا، ويحذر من أنه إذا استمر الحال على هذا المنوال لعقد آخر، فقد يكون الأوان قد فات لإصلاح المنظومة.
وتتزامن هذه التحذيرات مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، مثل الحرب في أوكرانيا وغزة، وتنامي الكوارث المناخية التي تهدد سلاسل الإمداد.
ويشير البروفيسور تيم بينتون، المبعوث البريطاني السابق للأمن الغذائي، إلى أن “الوقت قد يقترب الذي تضطر فيه الحكومة للاستثمار بطرق جديدة لضمان استمرار تدفق الغذاء”.
الاعتماد المفرط على الاستيراد وانخفاض الاكتفاء الذاتي
بحسب وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية (DEFRA)، أنتجت بريطانيا العام الماضي 65% فقط من احتياجاتها الغذائية، بانخفاض كبير عن ذروة الاكتفاء الذاتي في الثمانينيات عندما بلغ 78%.
أما البقية فتأتي من الاستيراد، مع اعتماد كبير على أوروبا، إضافة إلى واردات من آسيا وأفريقيا وأمريكا.
ويكشف الخبراء أن الفاكهة والخضروات هي نقطة الضعف الأبرز، إذ لا تنتج البلاد سوى 15% من الفاكهة و53% من الخضروات التي تستهلكها، مقابل إنتاج أفضل للحوم والبطاطس والقمح. ويحذر برادشو من أن “أقل من 20% اكتفاء ذاتي في الفاكهة أمر لا يمكن قبوله”.
كما أظهرت تقارير أن 54% من الفاكهة والخضروات المستوردة عام 2013 جاءت من دول معرضة بشدة لأزمات ندرة المياه بحلول عام 2040، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وكولومبيا، ما يزيد من هشاشة الأمن الغذائي البريطاني.
تغييرات في العادات الغذائية واستثمارات معطلة
يرى خبراء التغذية أن المواطن البريطاني معتاد على أنماط استهلاك غير واقعية، مثل وجود الفراولة على رفوف المتاجر طوال العام أو الاعتماد الكبير على الموز المستورد.
ويؤكدون أن أي صدمة طويلة الأمد في سلاسل الإمداد ستجبر المستهلكين على تغيير جذري في عاداتهم الغذائية.
في المقابل، يشير منتجو الخضروات مثل مجمع “ثانيت إيرث”، أكبر مجمع زراعي زجاجي في البلاد، إلى أن الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لمواجهة المخاطر المناخية مكلف للغاية ولا يتوافر إلا للقليل.
وتظهر إحصاءات حكومية أن 61% من المزارع الإنجليزية لم تتمكن من تغطية تكاليفها الأساسية في عام 2023-2024.
ويؤكد برادشو أن أسعار الغذاء الحالية غير كافية لدعم استثمارات المزارعين، مشددًا على أن “شخصًا ما يجب أن يكون مستعدًا لدفع الفاتورة”.
نحو سياسات جديدة للأمن الغذائي
من أجل مواجهة هذه التحديات، خصصت الحكومة 11.8 مليار باوند لدعم الإنتاج الغذائي خلال الدورة البرلمانية الحالية، مع خطط لزيادة التمويل عبر برامج إدارة الأراضي البيئية إلى 2 مليار باوند بحلول 2028.
كما أطلقت حوافز للاستثمار في التكنولوجيا الزراعية ومنحت 110 ملايين جنيه للتجارب والابتكار.
لكن خبراء مثل بينتون يرون أن الحل لا يكمن في زيادة إنتاج اللحوم والألبان، بل في التركيز على الفاكهة والخضروات المتنوعة لتحقيق التوازن الغذائي.
كما يشيرون إلى أن تقليل استهلاك اللحوم وزيادة الاعتماد على المنتجات النباتية قد يحسن الأمن الغذائي ويحرر مساحات زراعية شاسعة لزراعة محاصيل أكثر استدامة.
ومع تزايد المخاطر المناخية والجيوسياسية، يخلص الخبراء إلى أن الأمن الغذائي سيصبح خلال العقدين المقبلين مبدأً أساسيًا في الأمن القومي، وأن الاستثمار في الزراعة المحلية لم يعد خيارًا بل ضرورة.
المصدر: سكاي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇