ركوب الخيل غيّر حياتها: قصة عربية في بريطانيا وجدت شغفها بعد الأربعين

في قلب الريف البريطاني، حيث يلتقي عبق الطبيعة بصهيل الخيل، وجدت المغربية إكرام علشان الفهدي ضالتها بعد سنوات من الترقب. لم تعد الفروسية بالنسبة لها حلمًا يراودها من بعيد، بل صارت واقعًا يملأ حياتها بالسكينة، ويمنحها القوة، ويفتح أبوابه لنساء أخريات لم يكنّ يعتقدن أن لهن مكانًا في هذا العالم.
إكرام، المقيمة في بريستون، أمٌّ لطفل في السادسة من عمره مصاب بمتلازمة داون، ومعلمة للغة العربية في جامعة مانشستر، لم تلمس لجام الخيل إلا العام الماضي، وهي في الرابعة والأربعين من عمرها، لكنها سرعان ما أدركت أن هذا العالم ليس حكرًا على فئة دون أخرى، وأنه قادر على أن يكون جسرًا للفرح والتمكين.
وصلت إكرام إلى بريطانيا من المغرب عام 1996. وكانت كلّما عبرت الريف ورأت الإسطبلات ومدارس الفروسية، اشتعل في قلبها الشغف، لكنها تردّدت طويلًا في طرق الأبواب:
“كنتُ أرى الخيول من نافذة السيارة كلما مررنا بالريف، فيتملكني شغف دفين، لكنني لم أجرؤ يومًا على طرق الأبواب… كنت أظن أن هذا عالم مغلق لا مكان لي فيه.”
الصدفة وحدها حملت إليها مفتاح الدخول، حين التقت بأمّ أخرى لطفلة من ذوي الإعاقة، وأخبرتها عن جمعية ركوب الخيل لذوي الاحتياجات الخاصة (RDA). اصطحبت إكرام ابنها، ولم تكن تعلم أن قلبها، قبل قدميه، هو الذي سيجد المكان الذي يبحث عنه.
لم يبدُ ابنها مستعدًا للاستمرار، لكن إكرام لم تستطع الانسحاب.
“كنت أشعر بالسلام والراحة هناك، وكأن المكان يحتضنني. سألت المديرة إن كان الوقت قد فات لأتعلم، فأجابتني بثقة: ‘أبدًا!’. ومنذ ذلك اليوم وأنا أرتاد المركز بانتظام منذ عام ونصف.”
لم تكتفِ إكرام بتحقيق حلمها الشخصي، بل مدت يدها لنساء أخريات، معظمهن أمهات لأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، ونظمّت لهن جلسات تجربة ركوب الخيل.
“أرى وجوههن بعد الحصة مضيئة بالراحة والطاقة… صار الأمر أكثر من هواية، إنه مصدر للقوة والفرح.”
تقول إكرام إن الفروسية قد تكون نشاطًا عاديًا للبعض، لكنها بالنسبة للكثيرين من المجتمعات الأقل تمثيلًا تظل حلمًا بعيد المنال، وهي تعرف جيدًا كم استغرقها من الوقت والشجاعة للوصول إلى هناك.
أثر ركوب الخيل.. شهادات ملهمة
نسيمة تاتلا وصفت التجربة بأنها “الأجمل على الإطلاق”، حيث أعادت لها إحساس الطفولة وألهمتها لتشجيع المزيد من النساء على خوض التجربة.
أما سمية إسماعيل، المحبة للطبيعة والحيوانات، فاعتبرت أن هذه اللحظات كانت مساحة نادرة للهدوء والانغماس في نشاط يجمع بين شغفين في آن واحد، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات تزيل الحواجز وتجعل الفروسية أقرب للجميع.
كريستين بوليت، مديرة مركز Wrea Green للفروسية، الذي أسسته قبل 44 عامًا، رحبت بإكرام وصديقاتها بحفاوة.
“برأيي، كل إنسان يستحق أن يجرب متعة الجلوس على ظهر حصان أو مهر. إكرام جمعت هذه النساء، وصار حضورهن المنتظم إضافة جميلة للمكان.”
المصدر: هورس آند هاوند
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇