خفض أسعار الفائدة في بريطانيا: كيف سيؤثر على الرهون العقارية ومدخرات الأسر؟

أعلن بنك إنجلترا خفض سعر الفائدة الأساسي في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد في ظل تباطؤ النمو وارتفاع تكاليف المعيشة. ومع أن القرار قد يمنح بعض الأسر متنفسًا ماليًّا، فإن تأثيره لن يشمل الجميع بالتساوي، لا سيما في ظل تفاوت أنواع الرهون العقارية والحسابات الادخارية في السوق البريطانية.
فما الذي يعنيه هذا القرار لمالكي العقارات والمقترضين؟ وكيف سينعكس على حسابات التوفير لدى الأسر؟
الغالبية لن تلمس تغييرًا فوريًّا في الأقساط
بحسب بيانات رسمية، فإن نحو 85 في المئة من الرهون العقارية في بريطانيا مرتبطة بأسعار فائدة ثابتة، وهو ما يعني أن الأقساط الشهرية لن تتأثر بخفض الفائدة الأخير.
لكن التأثير سيكون مباشرًا بالنسبة إلى نحو 590 ألف شخص ممن لديهم رهون مرتبطة بسعر الفائدة الأساسي (Base Rate Tracker)، حيث من المتوقع أن تنخفض دفعاتهم الشهرية بمتوسط 28.97 باوند، بحسب تقديرات مؤسسة “UK Finance”.
في المقابل، يُنتظر أن يتخذ المقرضون قراراتهم بشأن نحو 540 ألف مقترض يعتمدون على السعر المتغير القياسي (SVR). ورغم أن من المحتمل خفض هذه الأسعار، فإن البنوك ليست ملزمة بذلك. وفي حال خُفّضت فعليًّا، فقد تصل الوفورات إلى نحو 13.87 باوند في المتوسط.
آلاف الصفقات الثابتة على وشك الانتهاء
تُشير التقديرات إلى أن نحو 900 ألف صفقة رهن عقاري بفائدة ثابتة ستنتهي خلال النصف الثاني من العام الجاري. ويُتوقع أن يواجه أصحابها ارتفاعًا في الأقساط الشهرية عند الانتقال إلى عقود جديدة، لا سيما أولئك الذين استفادوا من معدلات منخفضة في السنوات الماضية.
ورغم أن حسابات التوفير ليست مرتبطة مباشرة بسعر الفائدة الأساسي، فإن خفض الفائدة سينعكس على الكثير من الحسابات ذات الوصول السهل أو الفائدة المتغيرة.
ففي يوم الإعلان، بلغ متوسط العائد على حسابات التوفير السريعة 2.67%، بينما قدمت بعض التطبيقات المصرفية مثل “Chip” وبنك “Chase” معدلات أعلى تجاوزت 5%، لكنها مدعومة بمكافآت مؤقتة.
أما السندات الادخارية الثابتة، والتي تُجمّد الأموال لفترات محددة، فحافظت على معدلات مرتفعة نسبيًّا، حيث بلغ متوسط العائد على السندات لمدة عام واحد 3.99%، بينما عرضت بعض البنوك مثل “Union Bank of India UK” و”Vanquis Bank” معدلات وصلت إلى 4.47%.
سوق الرهون يشهد تراجعًا تدريجيًّا في الأسعار
شهدت أسعار الرهون العقارية الجديدة انخفاضًا خلال الأسابيع الأخيرة، بعد ما وصفه البعض بـ”حرب أسعار” بين المقرضين في مطلع العام.
ووفقًا لبيانات “Moneyfacts”، بلغ متوسط الفائدة على الرهون ذات الخمس سنوات 5.01%، بينما استقرت الصفقات لمدة سنتين عند 5%، في أول مرة منذ عام 2022 ينخفض فيها سعر السنتين عن الخمس، في دلالة على عودة تدريجية إلى مستويات السوق التقليدية.
وبينما توفّر بعض البنوك عروضًا مغرية – مثل “Santander” و”NatWest” بفوائد تقل عن 3.8% – فإن هذه الصفقات غالبًا ما تتطلب دفعات أولى مرتفعة.
ويقول نيكولاس منديس، الخبير في شركة الوساطة “جون شاركول”:
“بدأنا نلحظ عروضًا بفوائد تقل عن 4%. صحيح أن الفجوة بين الأسعار القديمة والجديدة ما زالت كبيرة، لكن الفارق يتقلص تدريجيًّا”.
فائدة ثابتة أم متغيرة؟ القرار بيد المقترض
مع تغير التوقعات بشأن السياسة النقدية، أصبح من الصعب التنبؤ بمسار الفائدة بدقة. ففي البداية، كانت الأسواق تتوقع تخفيضًا إضافيًّا بمقدار ربع نقطة قبل نهاية العام، يليه خفض آخر في منتصف 2026. لكن بعد ظهور الانقسام داخل لجنة السياسة النقدية (5 مؤيدين مقابل 4 معارضين)، عدّلت الأسواق توقّعاتها إلى خفض إضافي في فبراير 2026، وآخر في نوفمبر من العام نفسه.
هذا التراجع في الآمال قد يدفع بعض المقترضين إلى اختيار رهون مرتبطة بسعر الفائدة الأساسي للاستفادة من أي انخفاضات مستقبلية. في المقابل، تُوفّر الرهون ذات الفائدة الثابتة مزيدًا من الاستقرار، بل إنها في بعض الحالات أرخص من نظيراتها المتغيرة.
ويعلّق منديس: “القرار في النهاية لا يرتبط بتوقيت السوق فقط، بل بما يتماشى مع احتياجات الأسرة وخططها طويلة الأجل”.
هذا ويمثل خفض سعر الفائدة خطوة إيجابية من الناحية الاقتصادية العامة، لكنه يُسلّط الضوء على اختلال التوازن في سوق الإقراض والتوفير في بريطانيا. ففي حين ستستفيد نسبة محدودة من المقترضين، فإن شريحة واسعة من المدخرين – لا سيما من أصحاب الدخول المحدودة – قد يتأثرون سلبًا مع تراجع العوائد على حساباتهم.
كما أن القرار يُعيد طرح تساؤلات حول قدرة النظام المصرفي البريطاني على تقديم حلول مرنة تتماشى مع تغيرات السوق، دون أن يُحمِّل الأسر مزيدًا من الضغوط، سواء من جهة الرهون المتجددة أو التوفير من أجل المستقبل.
وتدعو “العرب في بريطانيا” الأسر إلى التحقق بعناية من شروط الرهون والعروض المقدّمة من البنوك، ومراجعة الاستشارات المالية المتخصصة قبل اتخاذ أي قرارات طويلة الأمد.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇