قانون الأمان على الإنترنت: سلاح لحماية الأسرة أم مدخل لانتهاك الحريات؟

في تحول مهم لحماية الأسرة والمجتمع، بدأت بريطانيا يوم الجمعة 25 يوليو 2025 تنفيذ المرحلة الثانية من قانون الأمان على الإنترنت Online Safety Act، حيث فُرض على المواقع الإباحية والمنصات الرقمية الكبرى منع وصول الأطفال والمراهقين إلى المحتوى غير الأخلاقي والعنيف إلا بعد التحقق الدقيق من أعمارهم، في خطوة تعدّ الأولى من نوعها في تاريخ البلاد.
ويهدف هذا التشريع إلى سدّ ثغرات خطيرة في الفضاء الرقمي، كانت تسمح منذ سنوات للأطفال والمراهقين بالوصول إلى محتوى يدمر القيم النفسية والدينية، ويشجع على سلوكيات خطيرة مثل الانتحار، إيذاء النفس، واضطرابات الأكل.
حماية جيل كامل من الانحراف الرقمي
بموجب القانون الجديد، أصبح لزامًا على جميع المواقع التي تنشر محتوى للبالغين، أو تعرض مشاهد عنيفة أو غير مناسبة، أن:
- تُجري تحققًا صارمًا من عمر المستخدمين باستخدام وثائق رسمية أو أدوات تقنية معتمدة
- تمنع أي زائر دون 18 عامًا من الوصول إلى محتواها
- تُحمّل مسؤولية قانونية في حال الإخلال بهذه القواعد، وتواجه غرامات تصل إلى 18 مليون باوند أو 10٪ من أرباحها السنوية
وتشرف على تطبيق هذه الإجراءات هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية Ofcom، التي مُنحت صلاحيات واسعة لضمان التنفيذ الصارم.
الأسرة في قلب التشريع
يركّز القانون على حماية الأطفال والأسرة من الانزلاق إلى دوائر الخطر الأخلاقي والنفسي، حيث يُلزم المنصات الاجتماعية مثل فيسبوك، إنستغرام، تيك توك ويوتيوب بـ:
- تعديل خوارزميات التوصية لتجنّب عرض محتوى صادم أو غير لائق للأطفال
- توفير أدوات رقابة أبوية وتحكم آمن بالمحتوى
- إزالة أي محتوى يُحتمل أن يسبب ضررًا نفسيًا أو سلوكيًا
- تقديم تقارير دورية توضح مدى التزامها بحماية القُصّر
مراحل تطبيق القانون
مارس 2025 – المرحلة الأولى: استهدفت المواد غير القانونية مثل: المحتوى الإرهابي، الاعتداء الجنسي على الأطفال، خطاب الكراهية، تجارة المخدرات.
25 يوليو 2025 – المرحلة الثانية: بدأت إجراءات صارمة لحماية الأطفال من المحتوى الضار “غير الجنائي” مثل الانتحار، إيذاء الذات، المواد الإباحية.
أواخر 2025 حتى 2026 – المرحلة الثالثة:
- تصنيف المنصات الرقمية حسب حجمها وتأثيرها
- فرض معايير الشفافية في خوارزميات التوصية
- تمكين المستخدمين من التحكم بما يُعرض عليهم
- إلزام الشركات بإصدار تقارير علنية حول التزامها بالسلامة الرقمية
يشمل القانون جميع المنصات الرقمية والمواقع التي تُستخدم داخل بريطانيا، بغض النظر عن جنسية المستخدم أو نوع المحتوى، بما في ذلك:
- محركات البحث مثل Google وBing
- تطبيقات الرسائل مثل WhatsApp وTelegram (إذا سمحت بنشر عام)
- مواقع الفيديو، البودكاست، والمحتوى الصوتي
وتُعد هذه الإجراءات فرصة لحماية أبناء الجالية العربية والمسلمة من الانجرار خلف محتويات تضر بالقيم والتربية السليمة.
بين حماية المجتمع وحرية الأفراد: انقسام في الرأي

رغم الدعم الشعبي الواسع للقانون من قبل أولياء الأمور والمؤسسات الأسرية والدينية، إلا أن هناك تيارًا معارضًا يرى أن القانون قد يُستخدم للتوسع في الرقابة على الإنترنت، ويخشى أن يُفتح الباب لتجاوزات تمس خصوصية الأفراد وحرية التعبير.
ويطالب المعارضون بضمانات قانونية واضحة تحول دون إساءة استخدام أدوات المراقبة أو التضييق على الرأي الحر، في حين تصرّ الحكومة على أن القانون يوازن بين الحماية والحرية، ويستهدف فقط ما يُعرّض المستخدمين للخطر، خاصة الأطفال.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇