شيطنة المسلمين في بريطانيا.. حين تصبح الهوية أداة للتغطية على الإخفاقات

تزايد في السنوات الأخيرة الخطاب الإعلامي الذي يسلط الضوء على ما يُزعم أنه فشل للمسلمين البريطانيين في الاندماج في المجتمع البريطاني. هذا الخطاب يحذر من العزلة التي يعيشها بعض المسلمين وفصلهم عن القيم السائدة في المجتمع، ما يُقال أنه يؤدي إلى تطرف بعض الشباب أو تزايد الاستغلال الجنسي للفتيات في بعض الحالات. وتستمر وسائل الإعلام في تغذية هذه المخاوف عبر تقارير رسمية، على حد وصفها أن المجتمع المسلم في بريطانيا يشكل تهديدًا للأمن العام. في هذا التقرير، نستعرض أهم القضايا التي أثيرت حول هذا الموضوع ونحلل التغطية الإعلامية والسياسات الحكومية.
التطرف والإرهاب الإسلامي: الخطر المزعوم
إحدى القضايا البارزة التي يتم طرحها في الإعلام هي ما يُسمى “التطرف” الذي يُقال إن بعض الشباب المسلم قد يكونون عرضة له بسبب ما يُعتقد أنه نقص في “القيم البريطانية”. هناك ادعاء بأن المسلمين في بريطانيا يعيشون في مجتمعات مغلقة، بعيدة عن القيم الأساسية للمجتمع البريطاني، وهو ما يُعتقد أنه يجعلهم أكثر عرضة للتطرف.
ورغم أن هذه المخاوف غالبًا ما تُغذّى بتقارير حكومية وردت في أعقاب حالات إعلامية مثيرة للذعر، فإنها تساهم في تقديم صورة مغلوطة عن المجتمع المسلم، وترسخ فكرة أن المسلمين بشكل عام يشكلون تهديدًا داخليًا.
الاستغلال الجنسي للفتيات: “عصابات الاستدراج” ككابوس إعلامي
جانب آخر من الحملات الإعلامية التي تُركز على المسلمين هو الادعاء بأن بعض الرجال المسلمين يشكلون خطرًا على الفتيات البيض من خلال الاستغلال الجنسي الجماعي، أو ما يُعرف بـ”عصابات الاستدراج”. هذا الموضوع اُثير بشكل مكثف في وسائل الإعلام بعد التقارير الرسمية من البارونة كايسي، التي تحدثت عن هذه “العصابات”.
لكن من المهم ملاحظة أن الأدلة والإحصائيات المتاحة لا تدعم الادعاء بأن هناك علاقة مباشرة بين الجناة وديانتهم أو خلفياتهم العرقية. وبالرغم من التركيز الإعلامي الكبير على هذه المسألة، لا تزال الأسباب الجذرية المتعلقة بالإخفاقات في نظام الرعاية والتعليم هي العامل الأبرز الذي يؤدي إلى هذا النوع من الاستغلال.
“حصان طروادة” والمبالغة في القضايا
قضية “حصان طروادة” في برمنغهام كانت واحدة من أكبر القضايا التي ركز الإعلام عليها، حيث تم اتهام بعض المدراء والمعلمين المسلمين بمحاولة “السيطرة” على المدارس. ولكن التقارير الرسمية أظهرت أن هذه الادعاءات كانت جزءًا من حملة إعلامية لم تكشف عن العيوب التي تسببت فيها السياسات الحكومية.
فعلى الرغم من أن الحكومة اتخذت إجراءات ضد ما اعتبرته تهديدًا أمنيًا، إلا أنه تبين لاحقًا أنه لا وجود للتطرف في القضية. بل أن التحقيقات أظهرت أن المدراء والمعلمين الذين كانوا يُفترض أنهم متورطون، قد أُدينوا بالإخفاقات الإدارية، وليس بأي نوع من التطرف.
فشل الحكومة في معالجة قضايا الاستغلال الجنسي للأطفال
أما بالنسبة لقضية الاستغلال الجنسي للأطفال، فقد تم تسليط الضوء على إخفاقات السلطات في حماية الأطفال. رغم أن هناك العديد من التقارير التي تشير إلى مشاكل كبيرة في الرعاية وحماية الأطفال من الاستغلال الجنسي، إلا أن الحكومة لم تتخذ خطوات حاسمة لتنفيذ التوصيات الواردة في تلك التقارير. في الوقت نفسه، استمر التركيز الإعلامي على قضية “التطرف” أو “عصابات الاستدراج”، بدلاً من التركيز على المشاكل الأساسية التي تتعلق بالإخفاقات في النظام الاجتماعي.
ومن خلال ما سبق، يظهر أن هناك ميلًا لاستخدام الهوية الثقافية والدينية للمسلمين كأداة لتغطية الإخفاقات في السياسات الحكومية والإدارية. فبدلاً من معالجة القضايا الجوهرية المتعلقة بحماية الأطفال من الاستغلال أو تطرف الشباب، يتم توجيه الانتباه إلى الهوية كسبب رئيسي وراء هذه المشاكل، ما يساهم في تفاقم الفجوة بين المجتمع المسلم والمجتمع الأوسع.
وتعتبر منصة العرب في بريطانيا AUK أن قضايا التطرف والاستغلال الجنسي للأطفال يجب أن تُناقش بحذر بعيدًا عن التعميمات المضللة التي قد تؤثر سلبًا على المجتمع المسلم. وعلى الرغم من ضرورة معالجة هذه القضايا الأمنية والاجتماعية، إلا أنه من الأهمية بمكان أن تتم هذه المعالجة بعيدًا عن تحميل مجتمع بأسره مسؤولية مشاكل ناتجة عن فشل السياسات العامة. كما ترى AUK أن السياسات الحكومية يجب أن تركز على التعامل مع الأسباب الجذرية للمشاكل بدلاً من تسييس القضايا واستخدام الهوية كغطاء للإخفاقات.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
أنصح الكاتبة بدراسة تاريخ الغرب. مصير جميع هذه الجاليات في أوروبا وأمريكا الشمالية هو الإبادة والتهجير. المسألة مسألة وقت مع الأسف