نقص الأدوية في بريطانيا يصل لمستويات خطيرة

حذّر نواب وأعضاء في مجلس اللوردات من أن المرضى في بريطانيا يواجهون مخاطر صحية جسيمة نتيجة النقص المستمر والواسع في الأدوية، داعين إلى تحرّك عاجل لتجنّب تحوّل هذه الأزمة إلى “الوضع الطبيعي الجديد”.
وفي تقرير جديد صادر عن المجموعة البرلمانية الشاملة لشؤون الصيدلة (APPG)، أُبرزت التأثيرات المتزايدة لهذه النواقص على المرضى، لا سيّما المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، والنساء في سنّ انقطاع الطمث، ومرضى السكري.
تقرير برلماني: نقص الأدوية في بريطانيا بات أزمة مزمنة تُقوّض خدمات NHS والرعاية المجتمعية
وقال رئيس المجموعة النائب ستيف ريس في التقرير: “تلقّى العديد من النواب كمًّا متزايدًا من الرسائل من ناخبين يشعرون بقلق بالغ بشأن توفر أدويتهم”. وأضاف: “سواء كان الحديث عن والد عاجز عن تأمين مضاد حيوي لطفله، أو مسنّ ينتظر دواءً منقذًا للحياة، أو صيدلي يجهد في البحث عن بدائل، فإن الأثر البشري ظاهر ومقلق للغاية”.
وأشار التقرير إلى أن أزمة النقص “ليست جديدة”، لكنها أصبحت خلال السنوات الأخيرة “أكثر حدة واستمرارية وتسبّبًا في تعطيل الخدمات”، الأمر الذي انعكس على المرضى والعاملين في القطاع الصحي على حد سواء.
وشدّد ريس على أن هذه النواقص “تحوّلت من حوادث معزولة إلى تحدٍّ هيكلي مزمن يواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) وقطاع الصيدلة”. ودعا إلى “تعزيز سلسلة إمداد الأدوية لتكون مرنة وقادرة على تلبية احتياجات الرعاية المجتمعية المتوسعة”.
وأوضح أن “الصيدلة تشكل محورًا حيويًا في خطة تعافي وتحوّل NHS، إلا أن استمرار انقطاع الأدوية اليومية يقوّض إمكانية التوسّع الآمن في الخدمات السريرية المقدّمة للمرضى”.
تحذيرات من تداعيات صحية خطيرة مع تفاقم نقص أدوية رئيسية في بريطانيا
ووفقًا لمسح أجرته المجموعة البرلمانية، أفاد أكثر من 90% من الصيادلة والأطباء والمختصين بوصف الأدوية، بأن أدوية ADHD قد تأثرت بالنقص. كما أبلغ 76% عن تأثر أدوية العلاج الهرموني البديل (HRT) وأدوية السكري، بينما قال 44% إن المضادات الحيوية هي الأخرى تعاني من نقص.
وفي شهادة مؤثرة، ذكر أحد المرضى المصابين بـ ADHD أنه اضطر إلى اللجوء لاستخدام القنب الطبي كوسيلة للتداوي الذاتي، بعد انقطاع دواء “ميثيل فينيدات”.
وأكد التقرير أن “النقص الحاصل يؤثر بشكل كبير على قدرة المرضى على الوصول إلى العلاجات، وفي بعض الحالات يؤدي إلى تدهور خطير في صحتهم ورفاههم”.
ودعا ريس إلى التعامل مع “أمن الأدوية” كعنصر أساسي في التخطيط الصحي إلى جانب التمويل والكوادر والبنية التحتية الرقمية، محذّرًا من أن “الفشل في التحرّك سيقوّض جودة الرعاية الصحية، ويزعزع استقرار قطاع الصيدليات المجتمعية الذي يعتمد عليه الملايين”.
80% من الصيادلة يواجهون نقصًا يوميًا… وتوصيات برلمانية لتخفيف أثر الأزمة على المرضى
وتضمّن التقرير عددًا من التوصيات أبرزها:
- تحسين التواصل مع المرضى المتضررين، خصوصًا أصحاب الحالات المزمنة.
- تسهيل الحصول على معلومات دقيقة بشأن الأدوية غير المتوفرة.
- تفادي التأخيرات الخطيرة في الرعاية.
- تخفيف معاناة المرضى من القلق والضرر النفسي.
كما رحّب التقرير بالخطوات الجارية في وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية لتعديل بروتوكولات صرف الأدوية، بما يسمح للصيادلة بتعديل الجرعة أو شكل الدواء عند حدوث نقص في الصنف الموصوف.
وكشف التحقيق البرلماني أن أكثر من 80% من الصيادلة يواجهون نقصًا يوميًا، ويقضي كثيرون منهم ساعات طويلة في تأمين بدائل والتواصل مع مرضى قلقين. وقال أحد الصيادلة للمجموعة البرلمانية: “نحن نخوض معركة مستمرة لإطفاء الحرائق”.
مطالب بمنح الصيادلة صلاحيات أوسع لتجاوز تأخيرات وصفات الأدوية
من جانبه، صرّح هنري غريغ، الرئيس التنفيذي للجمعية الوطنية للصيدلة (NPA): “فرق الصيدلة تعمل تحت ضغط هائل، وتُضطر لقضاء ساعات يوميًا في ملاحقة الأدوية لصالح مرضى يمرّون بظروف عصيبة”.
وأضاف: “من غير المنطقي أن يُجبر الصيدلي على إعادة المريض إلى طبيبه لتعديل وصفة دواء، رغم وجود بديل آمن وفعّال بالفعل في الصيدلية. هذا التأخير يعرّض حياة المرضى للخطر”.
وأكد غريغ أن “الصيادلة، بصفتهم ممارسين صحيين ذوي كفاءة عالية، يجب أن يُمنحوا الصلاحية لاستخدام حكمهم المهني لصرف بدائل مناسبة عندما تكون الأدوية الأصلية غير متوفرة”.
وزارة الصحة تؤكد جهودها لتعزيز سلاسل الإمداد وتعلن تمويلًا إضافيًا لدعم صيدليات المجتمع
وفي ردّها، قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية: “لقد ورثنا مشكلات عالمية في سلاسل الإمداد، إلا أننا نعمل على تعزيز مرونة التوريد وتفادي المزيد من الأزمات، في إطار جهودنا لإعادة هيئة NHS إلى مسارها الصحيح”.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة: “اتفقنا مؤخرًا على تمويل إضافي بقيمة 617 مليون باوند على مدى عامين مع صيدليات المجتمع في بريطانيا، لدعم القطاع وتمكين المرضى من الحصول على مزيد من الخدمات بالقرب من منازلهم، ضمن خطة صحية تمتد لعشر سنوات”.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :
أزمة نقص الأدوية المستمرة في بريطانيا تعكس تحديًا حقيقيًا يواجه نظام الرعاية الصحية، خاصة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل ADHD والسكري. رغم أن هذه المشكلة ليست جديدة، فإن تفاقمها يؤثر بشكل مباشر على حياة الملايين ويهدد استقرار خدمات هيئة NHS.
مطالبات الصيادلة بمنحهم صلاحيات أكبر لصرف بدائل دوائية آمنة تبدو ضرورية لتسريع الاستجابة وتقليل الضرر على المرضى. كما يُعد دعم صيدليات المجتمع وتمويلها خطوة إيجابية، لكن التحدي الأكبر يكمن في بناء منظومة إمداد دوائية مرنة وفعالة.
تحتاج الأزمة إلى استراتيجية متكاملة تشمل تحسين سلاسل التوريد، تعزيز التواصل مع المرضى، ودعم الكوادر الطبية. بدون تحرك جاد، قد يتحول نقص الأدوية إلى الوضع الطبيعي، مع آثار صحية واجتماعية خطيرة.
منصة العرب في بريطانيا تدعو الجهات المختصة إلى العمل العاجل لضمان توفر الأدوية وحماية صحة المرضى، والحفاظ على استقرار قطاع الصيدلة الحيوي.
المصدر : The Standard
إقرأ أيضًا :
- الصحة البريطانية NHS تطلق خطة لإنهاء زحام مواعيد الأطباء صباحًا
- وزير الصحة يحذر من حدوث أزمة في إمدادات الأدوية في بريطانيا
- هيئة الصحة NHS ترفض أدوية الزهايمر الجديدة رغم فعاليتها في إبطاء المرض
الرابط المختصر هنا ⬇