فلسطين الوطن الذي يسكننا ولا نسكنه
تبقى فلسطين حيّة في قلوب أبنائها، حتى أولئك الذين وجدوا أنفسهم في المنفى والشتات.
في مشهد يوثّق حب الوطن والانتماء، دعا المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إلى لقاء يوم الأحد الماضي، جمع بين دفء الإخوة في الاغتراب وروح التضامن الراسخة لفلسطين، الوطن الساكن في الوجدان.
ارتفعت الأعلام الفلسطينية في سماء بريطانيا، وصدحت الأغاني الوطنية من أفواه الأطفال، الذين حملوا بفطرتهم البريئة قناديل الانتماء رغم أنف الأعداء.
وتردّدت أسماء البلدات الفلسطينية على ألسنة الصغار: من حيفا ويافا إلى طولكرم والخليل، ومن رفح إلى غزة.
وفي لحظة من اللحظات، وسط أصوات الأطفال وهم ينشدون ويتحدثون عن فلسطين، عادت إلى الأذهان مقولة رئيسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي غولدا مائير، حين قالت:
“الكبار يموتون والصغار ينسون.”
وها نحن نردّ عليها من قلب الاغتراب، ومن أفواه أطفال لم يروا الوطن بأعينهم، لكن قلوبهم تنبض بحبّه:
لن ننسى.
لن ننسى أقصانا، ولا أسماء قرانا، لن ننسى ملامح أجدادنا، ولا زيتون بلادنا الذي حُرمنا منه.
فلسطين ليست ذكرى تُمحى، بل نبض يسكن في القلب، وروح لا تغادر الجسد.
وكلما كبر الأطفال، كبر معهم عشقهم لفلسطين، وكبرت المسؤولية علينا بأن يحملوا الراية ويكملوا الطريق. وكما تربّينا على حب الوطن، سنربّي أبناءنا عليه.
فليعلم من ظنّ أن الزمن كفيل بالنسيان، أن الأجيال التي تأتي لا تنسى، بل تحفظ الذاكرة وتزرعها بعمق في من يأتي بعدها.
فلسطين في قلوبنا ما حيينا.
الأطفال ذكروا بفخر أسماء بلداتهم التي ينتمي إليها أجدادهم، والتي يحملونها في قلوبهم، وكأن هذا اللقاء كان رسالة واضحة:
الفلسطيني المغترب قد يسكن جسدًا خارج الوطن، لكن قلبه لا يبرح أرضه لحظة واحدة.
إنها فلسطين الحاضرة دائمًا؛
كل تفصيل في هذا اللقاء، من حضور الفلسطينيين ومحبي فلسطين، إلى وفاء المتطوعين وعملهم بمحبة، إلى الأعلام المرفرفة، وصناديق التبرعات، ومن دموع الشوق إلى عناق الأحباب، كان يقول:
نحن هنا، وفلسطين فينا، ولن ننساها ما حيينا.
فليس من الغريب أن تسكن فلسطين أرواح من غادروها قسرًا، فالوطن الحقيقي لا يُقاس بمكان الإقامة، بل بصدق الانتماء.
والمغتربون الفلسطينيون هم شهود على أن الهوية لا تموت، وأن الوفاء لفلسطين لا يتأثر بالحدود ولا بالزمن.
ومهما ابتعدت المسافات، تبقى فلسطين الوطن الذي سكن فينا، رغم أننا لم نسكنه.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة