العرب في بريطانيا | كيف غيّر النواب المستقلون ملامح السياسة البريطا...

1447 محرم 11 | 07 يوليو 2025

كيف غيّر النواب المستقلون ملامح السياسة البريطانية خلال عام واحد؟

كيف غيّر النواب المستقلون ملامح السياسة البريطانية خلال عام واحد؟
خلود العيط July 7, 2025

في تقرير موسّع نشره موقع ميدل إيست آي، يرصد الصحفي عمران الملا التحول اللافت الذي أحدثه النواب المستقلون المؤيدون لفلسطين داخل البرلمان البريطاني، بعد عام واحد فقط على انتخابهم في مفاجأة أربكت التوقعات السياسية والإعلامية.

فبينما انصبّ التركيز ليلة الانتخابات على فوز حزب العمال بقيادة كير ستارمر، كان الزلزال الحقيقي يتمثل في صعود خمسة نواب مستقلين، شكّلوا لاحقًا تحالفًا برلمانيًّا تحدّى المؤسسة السياسية التقليدية، وبرز كقوة رقابية مؤثرة في قضايا ساخنة، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي على غزة.

مفاجأة لم تحسب لها التوقعات الإعلامية حسابًا

ماذا نعرف عن إمبراطورية نايجل فاراج العقارية التي تبلغ قيمتها 3 ملايين باوند؟

وفي ليلة الانتخابات، لم يكن أحد في وسائل الإعلام البريطانية متفاجئًا من فوز حزب العمال الساحق، فهو ما توقعته البلاد بأسرها. لكن ما أثار الدهشة كان صعود حزب الإصلاح اليميني المتطرف بقيادة نايجل فراج، الذي حاز خمسة مقاعد برلمانية، رغم الانقسام بشأن فرصه في البرامج الإذاعية والتلفزيونية والبودكاست.

أما حزب الخضر، فقد فاجأ الجميع بفوزه بأربعة مقاعد، بعد أن كان يملك مقعدًا واحدًا فقط. غير أن المفاجأة الكبرى كانت فوز خمسة نواب مستقلين مؤيدين لفلسطين. لم تتوقعهم استطلاعات الرأي، ولم تذكرهم التحليلات الإعلامية. النواب الخاسرون من حزب العمال بدوا مصدومين، وأما النواب المستقلون الفائزون فقد شكّلوا لاحقًا تكتلًا برلمانيًّا تحت اسم “التحالف المستقل”.

وبعد مرور عام، بات لهذا التحالف عدد مقاعد يعادل حزب الإصلاح اليميني المتطرف، وتعاون أعضاؤه مع نواب من الصفوف الخلفية في حزب العمال، إضافةً إلى نواب من حزب الخضر والديمقراطيين الأحرار. وقد برز هذا التكتل في تبنّيه مواقف مناهضة للمؤسسة الحاكمة، ولا سيما في قضايا ساخنة تتعلق بالسياسات الداخلية والعدوان على غزة، حيث أسهم إسهامًا بارزًا في صياغة الخطاب البرلماني الخاص بالعدوان الإسرائيلي.

وفي خطوة مفصلية، أعلنت النائبة زارا سلطانة، يوم الخميس، استقالتها من حزب العمال، وانضمامها إلى حزب جديد تقوده إلى جانب الزعيم السابق للحزب والنائب المستقل الحالي جيريمي كوربين. وأشارت سلطانة إلى أن دعم حكومة ستارمر لإسرائيل هو أحد أسباب الاستقالة، مؤكدة أن “هذه الحكومة شريكة فاعلة في الإبادة الجماعية”.

بداية النهاية لنظام الحزبين؟

وعلى عكس ما تنبأ به كثيرون، فإن النواب المستقلين لا يبدو أنهم مجرد حالة عابرة، بل يبدون -في ظل صعود حزب الإصلاح- جزءًا من نهاية محتملة لنظام الحزبين التقليديين، وبداية إعادة تشكيل كبرى للمشهد السياسي البريطاني.

وقد أظهر تحليل حصل عليه موقع ميدل إيست آي أن حزب العمال خسر ما بين 15 في المئة و45 في المئة من الأصوات في عشرين دائرة انتخابية يُشكّل المسلمون نسبة كبيرة من سكانها. وأتى الغضب من دعم الحزب لقصف غزة في صدارة أسباب هذا التراجع، لكنه لم يكن مقتصرًا على الناخبين المسلمين فحسب.

أصوات النواب المستقلين تعبّر عن المهمشين

النواب المستقلون قادوا حملات انتخابية ركّزت على السخط العام من المؤسسة السياسية، ورفض السياسات الداخلية لكل من المحافظين والعمال. في مدينة ليستر ساوث، أطاح النائب المستقل شوكت آدم بوزير في حكومة الظل العمالية جوناثان آشفورث، وقال في خطاب النصر ملوّحًا بكوفية فلسطينية: “هذا من أجل أهل غزة”.

وفي بلاكبيرن، فاز المحامي عدنان حسين، مدعومًا من أعضاء سابقين في حزب العمال استقالوا بسبب سياسات الحزب تجاه غزة. وقال حسين: “غزة مهمة، وهي السبب في ترشّحي، لكن الفقر والرعاية الصحية لا يقلّان أهمية”.

أما إقبال محمد، المهندس ومستشار تقنية المعلومات، فقد فاز في دائرة ديوزبري وباتلي، محققًا أكثر من ضعف أصوات مرشح العمال. وبدوره، فاز أيوّب خان في دائرة برمنغهام بيري بار بعد أن استقال من حزب الديمقراطيين الأحرار بسبب منعه من الحديث عن غزة.

كوربين.. من زعيم معزول إلى نواة لتحالف جديد

المفاجآت الكبرى في نتائج انتخابات لندن 2024

النائب الخامس في التحالف هو جيريمي كوربين، الزعيم العمالي السابق، الذي رفض الحزب ترشّحه فخاض الانتخابات بوصفه مستقلًّا وفاز بأغلبية تقارب 50 في المئة في دائرته إزلنغتون نورث. وقال كوربين عقب فوزه: “فلسطين كانت على ورقة الاقتراع”.

واجتمع النواب الخمسة للمرة الأولى بعد أيام من الانتخابات، وسرعان ما تشكّل بينهم تحالف فعّال. وقال عدنان حسين: “قالوا إنني سأكون صوتًا وحيدًا بلا تأثير، لكن التجربة أثبتت العكس تمامًا”. وقال إقبال محمد: “كأننا خمسة مغناطيسات اقتربت من بعضها والتصقت تلقائيًّا”.

وقد واجه النواب المستقلون حملات تشكيك واتهامات بـ”الطائفية”. وزعمت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك أنهم يمثلون “سياسة إسلامية طائفية”، كما ادعت ليز تراس، رئيسة الوزراء السابقة، أن النواب المسلمين المستقلين هم “إسلاميون”.

لكن الواقع ينفي ذلك. فعدنان حسين دعا إلى تحقيق علني في قضايا استغلال الأطفال، وأصدر بطاقة معايدة بعيد الميلاد من داخل كاتدرائية بلاكبيرن، في حين شارك شوكت آدم في مناسبات دينية يهودية ومسيحية، ودافع عن تقاليد البرلمان المسيحية.

معارك من أجل العدالة الاجتماعية

وإلى جانب دعمهم للقضية الفلسطينية، خاض النواب المستقلون معارك شرسة في ملفات الرعاية الاجتماعية والفقر والتعليم والصحة. حسين قال: “نحن نمثل الطبقة العاملة التي تخلّى عنها حزب العمال”.

وشارك آدم في مجموعات برلمانية تُعنى بصحة العين والتعليم الخاص، وساهم في تأسيس مجموعة مشتركة للأديان. وقال: “قابلت الملك في قصر باكنغهام صباحًا، وساعدت شخصًا بلا مأوى مساءً”.

أما كوربين فقال: “كل ما أفعله في البرلمان يعود إلى أصوات الناس في دائرتي. نعم، نرفع صوتنا من أجل فلسطين، لكننا أيضًا نقاوم تقليص الدعم الحكومي للفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة”.

ورغم عرقلة وصولهم إلى لجان رئيسة، مثل الشؤون الخارجية، فرض النواب المستقلون خطابًا صريحًا بشأن العدوان على غزة. حسين قال: “نعتقد أن ما يحدث هو إبادة جماعية، وقلنا ذلك دون تردّد. اليوم لم نعد وحدنا”.

كوربين أضاف: “من المهم أن يرى الناس أن هناك من يمثلهم في البرلمان، ويرفض بيع السلاح لإسرائيل”.

آدم زار إسرائيل والضفة الغربية وطرح مشروع قانون للاعتراف بدولة فلسطين. كما قاد نقاشًا نادرًا في قاعة وستمنستر بشأن التعاون العسكري مع إسرائيل، طرح خلاله أسئلة دقيقة على وزير القوات المسلحة.

كشف حقائق مغيّبة إعلاميًّا

وفي إبريل، كشف موقع ميدل إيست آي عن زيارة سرية لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إلى لندن، حيث التقى وزير الخارجية ديفيد لامي. اللقاء لم يُعلَن رسميًّا، ولم يُغطَّ إعلاميًّا، لكن النواب المستقلين ندّدوا به بشدة.

وفي يونيو، كشف الموقع نفسه أن ديفيد كاميرون، خلال توليه وزارة الخارجية في حكومة سوناك، هدّد المحكمة الجنائية الدولية بوقف التمويل البريطاني إذا أصدرت مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين. ولم تلقَ القصة أي اهتمام من الإعلام البريطاني، لكن المستقلين دعوا إلى تحقيق برلماني عاجل.

كوربين قدّم مشروع قانون لتحقيق عام مستقل في الدور البريطاني في العدوان على غزة، مدعومًا من نواب من العمال والخضر والديمقراطيين الأحرار والديمقراطيين الاسكتلنديين.

وقال إقبال محمد: “هذا العام هو الأطول في حياتي. فعلت فيه أكثر مما فعلت في عشر سنوات، وكأن الانتخابات كانت منذ أسابيع فقط”. وأضاف: “أمثل دائرة تعاني من مشكلات في السكن والفقر وغياب المرافق، وأسعى لبناء جسور بين المجتمع والبرلمان”.

ومن المنتظر أن يُعلَن عن الحزب الجديد بقيادة كوربين وسلطانة خلال أسابيع، في ظل توقعات بانضمام نواب منشقين من حزب العمال إليه، ما قد يجعله كتلة برلمانية مؤثرة.

لقد فاجأ النواب المستقلون الجميع، وبدلًا من أن يكونوا “خللًا عابرًا” في النظام السياسي، باتوا قوة حقيقية تُعيد رسم ملامح السياسة البريطانية، وتكسر احتكار الحزبين التاريخيين.

رأي منصة العرب في بريطانيا

ترى منصة العرب في بريطانيا أن بروز نواب مستقلين يعبّرون عن قضايا المهمشين، وعلى رأسها العدوان على غزة، يمثل تطورًا لافتًا في الحياة السياسية البريطانية، ويُظهر مدى تعطش الشارع لصوت بديل يتجاوز استقطاب الحزبين الكبيرين.

كما تؤكد المنصة أن هذا التحول قد يفتح المجال أمام الشباب العرب والمسلمين في بريطانيا للمشاركة السياسية الفاعلة، وأن نجاح هذه التجربة مرتبط بمدى قدرة التحالف الجديد على الاستمرار، وتوسيع قاعدته الشعبية، وتقديم حلول ملموسة في ملفات مثل الفقر، والإسكان، والتعليم والرعاية الصحية، إلى جانب مواقفه الخارجية الجريئة.

المصدر: ميدل إيست آي 


اقرأ أيضًا:

 

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
3:38 pm, Jul 7, 2025
temperature icon 20°C
broken clouds
51 %
1013 mb
4 mph
Wind Gust 10 mph
Clouds 59%
Visibility 10 km
Sunrise 4:52 am
Sunset 9:18 pm