موجات الحر في بريطانيا.. لماذا تبدو أسوأ من باقي دول العالم؟

في كل مرة ترتفع فيها درجات الحرارة في بريطانيا، يتجه العديد من البريطانيين إلى وسائل التواصل الاجتماعي؛ بحثًا عن التفسير، وفي الغالب يجدونه في شهادات أجانب قادمين من مناطق أشد حرًّا، ممن يعترفون بأن “الحر في بريطانيا مختلف فعلًا”.
وفي أحد الفيديوهات المنتشرة مؤخرًا على منصة “تيك توك”، قالت شابة من كاليفورنيا تعيش في بريطانيا: “عندي مروحة تدفع الهواء الساخن… إذا أردت قليلًا من الراحة، عليك الذهاب إلى متجر بقالة مكيّف”.
هذا الشعور الجماعي بأن حرارة الصيف البريطاني أكثر قسوة من نظيراتها في بلدان تسجل درجات حرارة أعلى، لم يأتِ من فراغ، بل تؤكده حقائق علمية تتعلق بالبنية التحتية والمناخ المحلي.
منازل ومرافق غير مهيأة لمواجهة الحر
يؤكد ماكس دوغان-نايت، عالم بيانات المناخ في شركة “ديب سكاي”، أن إحساس البريطانيين بأن موجات الحر لديهم أكثر حدة هو أمر منطقي وصحيح، موضحًا أن “موجات الحر أصبحت أكثر شيوعًا، وأشد حرارة، وأطول مدة، وأخطر بصفة عامة نتيجة التغير المناخي”، لكنها “مزعجة بصفة خاصة في بريطانيا”.
ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى افتقار بريطانيا للبنية التحتية اللازمة للتعامل مع درجات حرارة مرتفعة. فعلى عكس مناطق مثل جنوب غرب الولايات المتحدة أو الدول الاستوائية، حيث تنتشر مكيفات الهواء وتُراعى الحماية من الشمس في تصميم المباني، فإن منازل البريطانيين بُنيت للحفاظ على الدفء، لا لطرد الحرارة.
وأوضح ريتشارد ميلارد، المستشار الأول للاستدامة في شركة “بيلدينغ إنرجي إكسبيرتس”، أن المباني السكنية في بريطانيا تعتمد على مواد كثيفة مثل الطوب والحجر، ومزودة بعوازل حرارية تحبس الحرارة داخل المنزل، ما يؤدي إلى تراكمها خلال النهار، ولا سيما في ظل عدم وجود وسائل تصميمية فعالة لصد أشعة الشمس، مثل المصاريع أو النتوءات الواقية أو السُّطُوح الخارجية ذات اللون الفاتح.
ولم تقتصر المشكلة على المساكن، إذ إن البنية التحتية العامة، كشبكات القطارات، ليست مصممة لتحمل موجات الحر، ما يضاعف الأثر السلبي لارتفاع درجات الحرارة.
الرطوبة تعزز الشعور بالاختناق
ويُساهم جانب آخر في جعل الحر البريطاني غير مُحتمل، ويتمثل هذا الجانب في الرطوبة العالية التي يتسم بها المناخ في بريطانيا.
ويشرح يوهان جاك، كبير خبراء الأرصاد الجوية في شركة (KISTERS)، أن “الرطوبة المرتفعة تمنع تبخر العرق من الجلد، ما يجعل الجسم يشعر بالحرارة واللزوجة”، مؤكدًا أن “35 درجة مئوية في مناخ جاف قد تكون أكثر راحة من 30 مئوية في مناخ رطب مثل بريطانيا”.
كما أن المدن البريطانية تعاني من ظاهرة “الجزيرة الحرارية الحضرية”، وهي نتيجة مباشرة لكثافة المباني والطرقات المصنوعة من مواد تمتص الحرارة مثل الخرسانة والأسفلت، والتي تُطلق هذه الحرارة ببطء خلال الليل، ما يجعل درجات الحرارة في المناطق الحضرية أعلى منها في الريف.
ويحذر العلماء من أن موجات الحر ستستمر في التفاقم، لتصبح أطول وأشد وأكثر خطورة في المستقبل، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة.
ويشير دوغان-نايت إلى أن “الوضع مثير للقلق، ولا يمكن تجاهله”، ويضيف قائلًا: “على المدى القصير، نحن بحاجة للاستثمار في بنية تحتية حديثة تسمح بتحمل هذه الظروف، مثل نشر مكيفات الهواء على نطاق واسع. أما على المدى الطويل، فعلينا مواجهة الأسباب الجذرية لتغير المناخ”.
رأي منصة “العرب في بريطانيا” (AUK)
ترى منصة “العرب في بريطانيا” (AUK) أن موجات الحر المتزايدة في بريطانيا مؤشر واضح على حجم العقبات البيئية التي باتت تؤثر على الحياة اليومية للسكان، وتنبّه إلى ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة على المستويين الحكومي والمجتمعي.
فالمسألة لم تعد تقتصر على انزعاج مؤقت من ارتفاع درجات الحرارة، بل تحولت إلى تهديد مباشر للصحة العامة والبنية التحتية، خصوصًا في ظل غياب وسائل التكييف والتبريد في معظم المساكن البريطانية.
المصدر: huffingtonpost
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇