هل يفيد النمو الاقتصادي البريطاني الأسر؟ مؤشرات جديدة تشير إلى العكس

كشفت بيانات رسمية حديثة أن الأسر البريطانية واجهت ضغوطًا متجددة على مستوى المعيشة خلال الربع الأول من عام 2025، بالرغم من تسجيل الاقتصاد البريطاني أسرع وتيرة نمو بين دول مجموعة السبع.
ووفقًا لمكتب الإحصاء الوطني البريطاني (ONS)، انخفض مؤشر الدخل الحقيقي القابل للتصرف للفرد بنسبة 1% خلال الفترة ما بين يناير ومارس، بعد أن كان قد سجل نموًا بنسبة 1.8% في الربع الأخير من عام 2024. ويُعد هذا التراجع الأول من نوعه منذ نحو عامين.
انخفاض في معدلات الادخار
كذلك، سجل معدل الادخار الأسري — الذي يُقدّر النسبة التي يدخرها البريطانيون من دخلهم القابل للتصرف — انخفاضًا ملحوظًا بمقدار 1.1 نقطة مئوية، ليصل إلى 10.9%، رغم بقاء هذا المعدل مرتفعًا مقارنة بالمستويات التاريخية.
وأوضحت ليز ماكيوين، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاء الوطني، أن انخفاض معدل الادخار جاء نتيجة لارتفاع تكاليف المعيشة في عناصر مثل الوقود والإيجار ووجبات المطاعم، مما أدى إلى زيادة في الإنفاق العام لدى المستهلكين، رغم بقاء معدل الادخار عند مستويات قوية نسبيًا.
مفارقة بين الأداء الاقتصادي والواقع المعيشي
المفارقة الأبرز أن هذه المؤشرات السلبية على مستوى الأفراد تأتي في وقت تؤكد فيه البيانات الرسمية أن الاقتصاد البريطاني نما بنسبة 0.7% خلال الربع الأول من العام — وهو أعلى معدل نمو بين اقتصادات مجموعة الدول الصناعية السبع.
وقد اعتبرت الحكومة هذا النمو دليلاً على نجاح السياسات الاقتصادية لحكومة حزب العمال، لا سيما بعد بداية صعبة خلال الأشهر الأولى من تولّيها السلطة. ومع ذلك، تُظهر النظرة التفصيلية للبيانات أن مستويات المعيشة لم تتماشى مع هذا النمو، مما قد يُقوّض وعود رئيس الوزراء كير ستارمر للأسر البريطانية.
وعود حكومية على المحك
(Anadolu Agency)
في خطاب مهم ألقاه أواخر العام الماضي، حدد ستارمر ستة معايير أساسية لتقييم أداء حكومته، من بينها رفع مستوى الدخل الحقيقي القابل للتصرف للفرد بحلول نهاية الدورة البرلمانية. وأكد حينها أن هذه المعايير ستمنح الشعب “القدرة على محاسبتنا”.
ومع أن هذا المؤشر كان قد تراجع خلال فترة الحكومة السابقة بقيادة المحافظين — وهي سابقة تاريخية — إلا أن التوقعات الحالية تشير إلى أنه لن يسجل إلا نموًا طفيفًا بحلول موعد الانتخابات المقبلة.
الضرائب والتضخم وراء التراجع
تشير بيانات مكتب الإحصاء الوطني إلى أن التراجع في الدخل الحقيقي في الربع الأول كان نتيجة مباشرة لارتفاع مستويات التضخم والضرائب على الدخل. ورغم تسجيل زيادة قدرها 5.9 مليار باوند في الأجور والرواتب، فإن ذلك قابله ارتفاع في الضرائب بقيمة 4.4 مليار باوند، مما قلل من الأثر الإيجابي على الدخل القابل للتصرف.
ثقة المستهلك مقابل الضغوط المعيشية
انخفاض معدل الادخار كان مدفوعًا بتراجع في المدخرات غير التقاعدية وارتفاع في الإنفاق الاستهلاكي. وبينما قد يُفسّر هذا الانخفاض بأنه نتيجة مباشرة لارتفاع تكاليف المعيشة، يرى بعض المحللين أن في ذلك مؤشرًا على تعافي ثقة المستهلك.
وقالت روث غريغوري، نائبة كبير الاقتصاديين في شركة “كابيتال إيكونوميكس”: “انخفاض معدل الادخار من 12.0% في الربع الرابع إلى 10.9% في الربع الأول يُعد إشارة مشجعة إلى أن الإنفاق الاستهلاكي قد يشهد نموًا طفيفًا في الفصول القادمة”.
رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK)
تُعبّر منصة العرب في بريطانيا (AUK) عن قلقها من التباين الحاد بين النمو الاقتصادي المعلن والواقع المعيشي للأسر، خاصة من أبناء الجاليات العربية والمهاجرة الذين يتأثرون بشكل مباشر بتقلبات الأسعار وارتفاع الضرائب.
وترى المنصة، أن السياسات الاقتصادية لا يمكن تقييمها فقط من زاوية النمو الكلي، بل يجب أن تُقاس بمدى انعكاسها الحقيقي على حياة الأفراد، خصوصًا في ظل استمرار التحديات المعيشية وزيادة الضغوط على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇