العرب في بريطانيا | بينما يُذبَح الفلسطينيون لأنهم بقوا، يُهرَع الإ...

1447 محرم 25 | 21 يوليو 2025

بينما يُذبَح الفلسطينيون لأنهم بقوا، يُهرَع الإسرائيليون للفرار

WhatsApp Image 2025-06-28 at 12.59.34

رغم مرور أكثر من عشرين شهرًا على الحصار والتشريد والقتل الجماعي، لا يزال الفلسطينيون في غزة يصمدون في وجه آلة الإبادة الإسرائيلية، ويصرّون على البقاء في أرضهم، في وقت تتصاعد فيه وتيرة المجازر، ويُستهدف فيه حتى من يطلب لقمة عيش عند مراكز توزيع المساعدات. وفي المقابل، نجد تصاعد محاولات الهروب الجماعي للإسرائيليين من المستعمرة الاستيطانية، في ظل أوضاع سياسية واقتصادية متدهورة، وتفاقم المخاوف الأمنية، بعد أن وصلت تداعيات الحرب الإقليمية إلى قلب الجبهة الداخلية.

لكن الحكومة الإسرائيلية، وبدلًا من الإقرار بحجم الهروب، اختارت فرض قيود صارمة على المغادرة، عبر قرار يقضي بربط السفر بالحصول على إذن من لجنة استثنائية حكومية، في محاولة لاحتواء ما بات يُعرف بـ”نزوح داخلي” في قلب المشروع الصهيوني.

صحيفة معاريف: هجرة منظمة إلى أمريكا

الحكومة تمنع الجامعات من فرض حظر شامل على احتجاجات الطلاب
فلسطين

يشير تقرير نشرته صحيفة “معاريف” في ديسمبر 2022 عن حركة جديدة تُشجّع على هجرة اليهود الإسرائيليين إلى الولايات المتحدة، بعد الانتخابات التي عزّزت من سيطرة التيارات الدينية على مفاصل الدولة. ويوضح التقرير أن هذه الحركة، التي تحمل اسم “نغادر البلاد – معًا”، يقودها الناشط المناهض لنتنياهو يانيف غورليك ورجل الأعمال الإسرائيلي الأميركي مردخاي كاهانا، وتستهدف نقل 10 آلاف يهودي إسرائيلي في المرحلة الأولى. وقد دعا كاهانا إلى تحويل مزرعته في نيوجيرسي إلى كيبوتس جديد، وطالب الحكومة الأميركية بتسهيل الهجرة للإسرائيليين من ذوي المهن المطلوبة كالطيارين والأطباء.

الهروب من إسرائيل ليس ظاهرة جديدة. فمنذ عقود، دأب الآلاف على مغادرة البلاد. تشير التقديرات الرسمية إلى أن أكثر من 750 ألف إسرائيلي عاشوا خارج الدولة بحلول عام 2003، معظمهم في الولايات المتحدة وكندا. بين عامي 1948 و2015، غادر 720 ألف إسرائيلي ولم يعودوا. وفي عام 2016، عاد 30% من يهود فرنسا الذين هاجروا إلى إسرائيل أدراجهم إلى وطنهم الأم.

وفي عام 2011، أطلقت وزارة استيعاب المهاجرين حملة إعلامية تحاول “ابتزاز” مشاعر المغتربين للعودة، لكن الحملة أثارت جدلًا واسعًا وانسحبت لاحقًا، بعد أن وُصفت بأنها تنم عن نظرة فوقية ومعادية لأميركا.

أزمة ديموغرافية تهدد المشروع الصهيوني

فلسطين

تنبّهت السلطات الإسرائيلية إلى الخطر الديمغرافي مبكرًا. ففي 2017، أُطلقت حوافز حكومية لاستقطاب الكفاءات العائدة من الخارج، لكن معظمها باء بالفشل. ويقدّر الخبير الديمغرافي سيرجيو ديلا بيرغولا أن موجات الهجرة هذه قد تتوسع، في ظل الانقسامات الداخلية وعدم استقرار المشروع السياسي.

ومنذ بدء العدوان الواسع على غزة في أكتوبر 2023، تُشير الإحصاءات الرسمية إلى مغادرة 82 ألف يهودي إسرائيلي، بينما تقدّر أرقام غير رسمية العدد بما يقارب نصف مليون.

أضف إلى ذلك،فإن الحكومة الإسرائيلية حاولت احتواء هذه الظاهرة عبر إصدار قرار يربط السفر بالحصول على إذن من لجنة استثنائية. كما طُلب من شركات الطيران عدم بيع تذاكر سفر للإسرائيليين، رغم وجود عشرات الآلاف من الراغبين في المغادرة. ويذكر أن هناك أكثر من 700 ألف أميركي ونحو نصف مليون أوروبي مزدوجي الجنسية يعيشون في إسرائيل، وأن الخارجية الأميركية تلقّت في 20 يونيو أكثر من 25 ألف طلب مساعدة للمغادرة من إسرائيل والضفة الغربية وإيران.

وفي مذكرة داخلية للخارجية الأميركية، وردت نحو 10 آلاف طلب للمغادرة من إسرائيل خلال يوم واحد فقط، فيما أشارت تقارير كندية إلى تسجيل 6 آلاف كندي في قاعدة بيانات الطوارئ، مع تقديم خدمات النقل نحو مصر والأردن، وهو ما فعلته فرنسا وأستراليا أيضًا.

هروب عبر البحر وانتقادات داخلية

فضح عنف الشرطة ضد المتضامنين مع فلسطين في الجامعات بأدلة جديدة
فلسطين

في ظل إغلاق الأجواء، اختار بعض الإسرائيليين الهروب بحرًا عبر يخوت إلى قبرص، فيما وصفته صحيفة “هآرتس” بـ”أساطيل الهروب”. وقد انتُقدت القيود الحكومية، حيث أشار تقرير الصحيفة إلى التناقض في أن “الإسرائيلي مرحّب به للعودة إلى الخطر، لكنه ممنوع من الفرار منه”.

وتشير البيانات إلى تزايد رغبة الشباب في مغادرة البلاد، إذ ارتفع عدد الراغبين في الهجرة بثلاثة أضعاف مقارنة ببداية الحرب. وبالمقابل، أظهر تقرير للصحيفة نفسها أن غالبية الفلسطينيين في غزة ما زالوا متمسّكين بحقهم في العودة، رافضين مغادرة أرضهم.

ازدواجية المعايير: من دعوة “دع شعبي يذهب” إلى منعهم من الرحيل

موظفون في BBC يرتدون الكوفية الفلسطينية دعمًا للقضية
طلاب جامعة كامبريدج يحتجون على تجريم التضامن مع فلسطين

تُظهر الاستطلاعات تزايد رغبة الشباب في مغادرة البلاد بثلاثة أضعاف مقارنة ببداية الحرب، في حين أشار تقرير للصحيفة نفسها إلى تمسّك غالبية الفلسطينيين في غزة بالبقاء على أرضهم. من “دع شعبي يذهب” إلى “لا أحد يخرج” يُسلّط مسعد الضوء على المفارقة في أن إسرائيل التي طالبت في السبعينيات بهجرة يهود الاتحاد السوفييتي تحت شعار “دعوا شعبي يذهب”، تمنع اليوم مواطنيها من الخروج. وقد انتقدت حركة “الشفافية الحكومية” القرار الحكومي، وقدّمت شكوى إلى المستشار القضائي للحكومة، واصفة القرار بأنه انتهاك “للقانون الأساسي”.

وختامًا، لا يمكن للمشروع الصهيوني، الذي بُني على الاستعمار والطرد، الصمود دون قمع الداخل وعدوان الخارج، فالإسرائيلي يُمنع اليوم من الهرب بينما يُقتل الفلسطيني لأنه بقي، ليبقى الطرفان رهائن لمأزق بنيوي لدولة ترفض الاعتراف بفشلها.


إقرأ أيضًا

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
3:52 am, Jul 21, 2025
temperature icon 15°C
scattered clouds
89 %
999 mb
6 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 45%
Visibility 10 km
Sunrise 5:08 am
Sunset 9:05 pm