أكبر هيئة يهودية في بريطانيا تعاقب بعض أعضائها لانتقادهم إسرائيل

اتخذ مجلس النواب اليهود البريطانيين، وهو أكبر هيئة لتمثيل الجالية اليهودية في المملكة المتحدة، قرارًا غير مسبوق بتعليق عضوية خمسة من أعضائه لعامين، على خلفية توقيعهم على رسالة انتقدت ممارسات إسرائيل على قطاع غزة، وحذّرت من تبعات الحصار والعدوان على مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين.
القصة بدأت في إبريل الماضي، عندما وقّع 36 من أعضاء المجلس على رسالة نشرتها صحيفة فاينانشال تايمز، أدانت العدوان الإسرائيلي على القطاع، معتبرةً أن ممارسات الجيش الإسرائيلي وحصار غزة وحرمان السكان من الغذاء والمساعدات تُشكّل تهديدًا مباشرًا لأرواح مئات الآلاف من المدنيين، وتنتهك القيم اليهودية ذاتها.
وجاء في الرسالة: “ربما نميل لغضّ الطرف عمّا يحدث لأن الوضع مؤلم، لكن قيمنا اليهودية تفرض علينا ألا نصمت، بل أن نقف ونتحدث ونرفض الممارسات الإسرائيلية في غزة”.
الاتهامات وتبعات القرار
المجلس، الذي يُعَدّ السلطة الرسمية لتمثيل اليهود البريطانيين، اعتبر الرسالة تجاوزًا لقواعد سلوكه، متهمًا الموقعين عليها بـ”تمثيل مواقفهم على أنها مواقف المجلس”. وفي يونيو، أصدر قرارًا بتعليق عضوية خمسة من الموقعين على الرسالة لعامين، في حين وجّه مذكرات توبيخ إلى 31 عضوًا آخر، على اعتبار أن الرسالة خالفت ميثاق السلوك المؤسسي، وأساءت لسمعة الهيئة.
وجاءت هذه العقوبات بعد شهر من استقالة العضو دانيال غروسمان، احتجاجًا على عدم انتقاد قيادة المجلس العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي وصفه بـ”حرب إبادة جماعية”. كما سبق لرئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) السابق، عامي أيالون، أن أعلن دعمه لأعضاء المجلس المنتقَدِين، واصفًا مواقفهم بأنها “مواقف أصدقاء حقيقيين لإسرائيل”، منبّهًا إلى أن مواقفهم تتوافق تمامًا مع مواقف مئات آلاف الإسرائيليين المشاركين أسبوعيًّا في احتجاجات مناهضة للحرب وحكومة نتنياهو. وأضاف: “ليس من السهل التحدث بصدق، وأنا أحيّي شجاعتهم. سيواجهون عواقب، لكننا نأمل أن يحذو المزيد من أصدقائنا اليهود في الشتات حذوهم”.
مواقف سابقة للهيئة اليهودية
وسبق للمجلس انتقاد قرار الحكومة البريطانية تعليق تراخيص تصدير السلاح إلى إسرائيل، وكذلك سحبها الاعتراض على ملاحقة مسؤولين إسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما عارض مؤخرًا قرار تعليق محادثات التجارة الحرّة مع تل أبيب، مبررًا موقفه بأن الحوار الاقتصادي والدبلوماسي هو الطريق الأمثل للحل.
وفي بيان أصدرته الهيئة التنفيذية في مجلس النواب اليهود البريطانيين يوم الثلاثاء، نبّه مايكل ويجير، الرئيس التنفيذي للمجلس، إلى أن الهيئة “منظمة ديمقراطية تحتضن الحوار، وتقبل تنوع الآراء وحرية التعبير”، موضحًا أن ميثاق السلوك يحمي المجلس من تشويه مواقفه الرسمية، ويضمن الاحترام المتبادل وحماية سمعته ومصداقيته لدى الجمهور.
رأي منصة العرب في بريطانيا
نرى في منصة العرب في بريطانيا أنّ قرار مجلس النواب اليهود البريطانيين بتعليق عضوية خمسة من أعضائه على خلفية مواقفهم المناهضة للعدوان على غزة يُشكّل سابقة مقلقة على صعيد الحريات الداخلية وحرية التعبير داخل المؤسسات، مهما كانت طبيعتها.
ونؤكد أن التنوع الفكري واحترام مساحة الحوار هو حجر الزاوية للحفاظ على توازن المؤسسات، وضمان التعبير عن مواقف مبدئية، ولا سيما عندما تتعلق هذه المواقف بقضايا أخلاقية وإنسانية كحماية المدنيين والأطفال. وفي هذا السياق، يُظهر قرار المجلس توجّهًا نحو تقييد الأصوات التي تخرج عن إطار الرواية الرسمية، ما قد يشجع على ممارسات تفرض خطابًا موحدًا على أعضائه، على حساب الحق في التعبير عن مواقف مغايرة.
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇