العرب في بريطانيا | الناخبون حكموا على إبادة غزة.. فماذا عن القادة؟

1447 محرم 25 | 21 يوليو 2025

الناخبون حكموا على إبادة غزة.. فماذا عن القادة؟

مقالArtboard 2 copy (5)

أظهر استطلاع للرأي أن ما يقارب نصف البالغين في المملكة المتحدة يرون أن أفعال إسرائيل في غزة ترقى إلى الإبادة الجماعية، في وقت يبدو فيه موقف حزب العمال مناقضًا تمامًا لتوجهات قاعدته الشعبية.

في مشهد يعكس عمق الغضب الشعبي، احتشد آلاف المتظاهرين المناصرين لفلسطين في ساحة راسل بوسط لندن يوم 21 يونيو 2025، قبل أن ينطلقوا في مسيرة حاشدة تطالب بوقف الحرب على إيران، وإنهاء تسليح إسرائيل، ووقف الإبادة الجارية في غزة.

لأكثر من عشرين شهرًا، تابع العالم دمارًا متواصلًا في قطاع غزة: أحياء سكنية أُزيلت من الوجود، عائلات طُمست تحت الأنقاض، ونظام صحي قُوّض بالكامل.

حتى الحقوق الأساسية – كالأمان، والماء النظيف، والغذاء – تُمنع بشكل منهجي ومستمر.

ورغم تزايد الأدلة الموثوقة على أن ما تقوم به إسرائيل في غزة يندرج قانونًا تحت تعريف الإبادة الجماعية، لا يزال قادة الغرب يتلكؤون، أو يلتزمون الصمت، أو ينكرون بشدة حجم المأساة.

لكن الشعب البريطاني لم يعد يبتلع هذه التبريرات.

فبحسب استطلاع رأي جديد أجرته مؤسسة YouGov بتكليف من منظمة Action For Humanity، بالتعاون مع المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، تبيّن أن الرأي العام البريطاني يتقدّم بمراحل على طبقته السياسية.

رأي عام حاسم

كشف الاستطلاع أن 55٪ من المشاركين يعارضون الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ومن بينهم يرى 82٪ أن تلك الأفعال تمثل إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

وهذا يعني أن نحو 45٪ من البالغين في بريطانيا يعتقدون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة يرقى إلى الإبادة الجماعية.

هذا ليس رأيًا هامشيًا، بل تعبير عن واقع دامغ، بات من الصعب إنكاره رغم كل حملات التشكيك والتضليل.

فمن استهداف المدنيين والصحفيين والعاملين الإنسانيين، إلى تدمير البنى التحتية الحيوية، تتزايد الأدلة بمرور الوقت، ويرافقها ارتفاع في الوعي الشعبي.

تواطؤ إعلامي وصحوة رقمية

في الوقت الذي خفّفت فيه وسائل الإعلام الكبرى من فظاعة ما يجري في غزة أو تجاهلته عمدًا، لعبت وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات جريئة كموقع Middle East Eye، دورًا محوريًا في كشف الحقيقة. فقد رأى الناس بأعينهم، وما رأوه لا يمكن نسيانه.

حتى نتائج الاستطلاع الأخيرة، رغم أهميتها، لم تجد طريقها بسهولة إلى وسائل الإعلام التقليدية، رغم صدورها عن جهة مرموقة مثل YouGov.

الرسالة واضحة وجلية: الشعب البريطاني يؤمن بالقانون الدولي، ويطالب بالمحاسبة، ويتوق لاتخاذ موقف حقيقي.

وعند التمعن في بيانات الاستطلاع، تتضح الصورة أكثر: نحو 65٪ من البريطانيين يطالبون بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار المملكة المتحدة، وترتفع النسبة إلى 78٪ بين ناخبي حزب العمال.

فبينما بادرت المحكمة الدولية بخطواتها نحو العدالة، متجاوزة مواقف الكثير من الحكومات الغربية، لا تزال حكومة بريطانيا متقاعسة عن مواكبة هذا المسار القانوني بإرادة سياسية صادقة.

الناخبون يطالبون بالتغيير

تؤكد نتائج الاستطلاع أن الناخبين – خاصة أولئك الذين منحوا حزب العمال فوزه الكاسح العام الماضي – يطالبون بتحوّل ملموس في النهج السياسي تجاه غزة.

فالقضية لم تعد تتعلق بغزة وحدها، بل بماهية بريطانيا ودورها في العالم. هل سنفي بالتزاماتنا نحو القانون الدولي؟ أم سنحتمي خلف مواقف دبلوماسية باهتة؟

تحوّل في المزاج العام
تشير النتائج أيضًا إلى دعم واسع لحلول سياسية جادة:

43٪ من ناخبي حزب العمال يؤيدون الاعتراف الفوري بدولة فلسطين، مقابل 2٪ فقط يعارضونه.

أكثر من نصف المشاركين (56٪) يدعمون إنشاء برنامج تأشيرات إنسانية للفلسطينيين من غزة، على غرار “منازل لأوكرانيا” الذي استُحدث سابقًا للاجئين الأوكرانيين.

لقد تجاوزنا زمن التصريحات الرمادية والمواقف المترددة.

عندما تصل الجرائم إلى مستوى الإبادة الجماعية، فإن الصمت يصبح تواطؤًا، وهذه حقيقة يدركها الرأي العام تمامًا.

فموقف حزب العمال من الحرب على غزة يتناقض بوضوح مع ما يطالب به مؤيدوه.

والتقاعس لا يكلّف أخلاقيًا فقط، بل سياسيًا أيضًا.

القادة الذين يستمرون في تجاهل إرادة الناس بشأن غزة، يعرضون أنفسهم لفقدان الثقة والتأييد الشعبي.

ورغم أن تقييم السياسة من منظور المصلحة الانتخابية قد يبدو ساخرًا في ظل معاناة شعب، إلا أن استمرار تقاعس قادة العالم عن مواجهة العنف المتعمد والمنهجي لا يترك مجالًا كبيرًا للتفاؤل.

ليس الأمر حكرًا على بريطانيا.

ففي كندا أيضًا، أظهر استطلاع للرأي أن نحو نصف السكان يعتقدون أن أفعال إسرائيل في غزة تشكّل إبادة جماعية.

من الواضح أن تيار الرأي العام آخذ في التغير، ليس فقط في الغرب، بل على مستوى العالم.

ونحن، كمنظمة تعمل في الخطوط الأمامية بغزة وسواها من مناطق النزاع، شهدنا بأعيننا الكلفة البشرية للتواطؤ الدولي، لكننا أيضًا اختبرنا قوة التضامن، وسعي الشعوب لتحقيق العدالة، وكيف يمكن للرأي العام أن يتحوّل إلى سياسات.

إن تجاهل الحكومات الغربية لحجم الجرائم في غزة لا يضعها فقط في مواجهة مع التاريخ، بل في مواجهة مع الحاضر كذلك.

 

المصدر: ميدل إيست آي 


إقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
6:18 pm, Jul 21, 2025
temperature icon 23°C
overcast clouds
53 %
1001 mb
4 mph
Wind Gust 7 mph
Clouds 98%
Visibility 10 km
Sunrise 5:08 am
Sunset 9:05 pm