تقرير: في غزة.. البحث عن الطعام يتحول إلى رحلة محفوفة بالموت والخطر
يتعيّن على الفلسطينيين في قطاع غزة عبور مناطق عسكرية إسرائيلية يوميًا في محاولة يائسة للحصول على الغذاء. وفيما يطلق الجنود الإسرائيليون وابلاتٍ تحذيرية – تقول الشهادات إنها تتحول إلى رصاصٍ مباشر – يتربّص لصوصٌ مسلحون بالسكاكين بمن ينجح في حمل بعض المؤن. هذه الفوضى المتصاعدة أجبرت الأهالي على تنافسٍ قاسٍ لإطعام أسرهم، حيث لا يعود كثيرون إلا خالي الوفاض ليعيدوا الكرّة في اليوم التالي.
فوضى المساعدات والأرقام الصادمة
سمحت إسرائيل بدخول المساعدات الغذائية مجددًا بعد حصارٍ دام عشرة أسابيع، إلا أنّ الأمم المتحدة تؤكد أن الكميات «غير كافية لدرء شبح المجاعة». معظم الشحنات تذهب إلى «مؤسسة غزة الإنسانية» (GHF) التي تُدير أربع نقاط توزيع داخل مناطق عسكرية، بينما تصل كميات محدودة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى. تشير وزارة الصحة في غزة إلى مقتل مئات الفلسطينيين وإصابة مئات آخرين خلال الأسابيع الأخيرة بنيران الجيش الإسرائيلي على الطرق المؤدية إلى مراكز GHF.
موقف إسرائيل وGHF من أعمال العنف
يصرّ الجيش الإسرائيلي على أنه يستخدم «طلقات تحذيرية» فقط ضد «مشتبهين يقتربون من قواته»، ويؤكد أنه يدرس إجراءات سلامة إضافية كالسياج وعلامات الطرق. في المقابل، يؤكد شهودٌ فلسطينيون تعرضهم لإطلاق نار من دبابات وقناصة وطائرات مسيَّرة بعدما تجاوزوا خطوطًا لم يُعلموا بها. أما GHF فتقول إنّ كل الحوادث تقع قبل فتح المراكز، متعهدةً بنقل ساعات العمل إلى النهار لتحسين الأمان.
الزحف تحت الرصاص: رحلة محمد صقر
يضطرّ الأهالي إلى قطع أميالٍ سيرًا للوصول إلى المراكز الواقعة جنوب رفح. يصف محمد صقر – أبٌ لثلاثة أطفال – المشهد بأنه «أشبه بمسلسل لعبة الحبار»؛ فمجرد رفع الرأس قد يعني الموت. روى كيف وجد شابًّا مصابًا في ظهره وحمله مع آخرين إلى مكانٍ تُنقله منه سيارة إسعاف، قبل أن يُفتح المركز فتتحوّل اللحظة إلى سباقٍ جنوني نحو الصناديق.
السباق المحموم نحو الصناديق
عاش عمر الهوبي التجربة أربع مرات خلال أسبوع: مرتان عاد بلا شيء، ومرّة حمل عبوة عدس، وفي الرابعة انتزع كيس دقيق لأطفاله الثلاثة وزوجته الحامل. تحت نيران الدبابات أصيب كثيرون في سيقانهم، وسقط بعضهم قتلى على الطريق بينما واصل الآخرون الركض. يصف الهوبي كيف دُهس أرضًا وسط التدافع، لتتحول محاولته إلى صراع بقاء لم يعد فيه مكانٌ للرحمة.
اللصوص يتربصون بالخارج
داخل المركز، تُكدَّس الصناديق في مساحة محاطة بأسوار وتلال ترابية. ما إن تنفد المؤن حتى يهاجم بعض المتأخرين مَن خرجوا محمّلين. مزّق صقر صندوقه بسرعة، حشو كيسًا بالعصير والعدس والفول والزيت، ثم قفز فوق التل الترابي ليفلت من اللصوص، مخاطِرًا بتعرّضه لنيران الجنود «بحسب مزاجهم»، على حد وصفه. تؤكد شهادات أخرى مهاجمة طفلٍ في الثالثة عشرة من عمره، وجرح رجلٍ مسنّ استُولى على طعامه.
رأي منصة «العرب في بريطانيا» (AUK)
وفقًا لسياسة «AUK» التحريرية القائمة على إعلاء القيم الإنسانية وحرية الوصول إلى المعلومة، ترى المنصة أن ما يحدث في غزة يُعتبر إبادة جماعية تستوجب تحركًا دوليًا فوريًا لضمان إدخال مساعدات كافية وآمنة، مع محاسبة كل من يعرقل جهود الإغاثة أو يمارس العنف ضد السكان. وتشدد «AUK» على ضرورة حماية الفئات الأكثر ضعفًا، وفتح ممرات إنسانية تحت إشرافٍ أممي يضمن وصول الغذاء والدواء بعيدًا عن التصفيات السياسية أو العسكرية.
المصدر: independent
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇