في لحظة يُعيد فيها الشارع العربي رسم خرائط التضامن الشعبي مع غزة، ومع توافد آلاف النشطاء من حول العالم إلى مصر، خرجت الخارجية البريطانية بتحذير عاجل لمواطنيها: لا دخول إلى مصر دون تذكرة عودة مؤكدة.
تحذير يبدو بسيطًا من حيث الشكل، لكنه في المضمون يعكس قلقًا رسميًّا متصاعدًا من تحوّل الحشود الشعبية إلى رسالة سياسية تتجاوز الحسابات الرسمية.
إجراءات مصرية مشددة وسط تعبئة شعبية عالمية
أعلنت وزارة الخارجية البريطانية (FCDO) يوم الجمعة 13 يونيو 2025، عن تحديث رسمي لإرشادات السفر إلى مصر، أوضحت فيه أن السلطات المصرية طالبت جميع شركات الطيران ووكالات السفر بعدم السماح لأي مسافر بدخول الأراضي المصرية خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 16 يونيو، ما لم يتمكن من إثبات حيازته تذكرة عودة مؤكدة.
وجاء في البيان أن هذه التعليمات صادرة عن هيئة الطيران المدني المصرية، وأن أي شخص لا يمتلك تذكرة عودة قد يُمنع من الدخول فور وصوله إلى المطار، رغم ندرة حدوث مثل هذه الحالات سابقًا بسبب التحقق المسبق من الوثائق في المطارات. إلا أن أي مخالفة لهذا الشرط تُعرّض المسافر لخطر الإعادة إلى بلده الأصلي على نفقته الخاصة.
وأشارت الوزارة إلى أن هذا الإجراء يأتي تزامنًا مع أنباء عن وصول آلاف النشطاء من أكثر من 80 دولة إلى مصر بهدف المشاركة في مسيرة عالمية للتضامن مع غزة، في ظل تصاعد الدعوات الدولية لفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية.
معبر رفح تحت القيود: التضامن يواجه البيروقراطية
ووفقًا لما نقلته شبكة CNN، من المتوقع أن يشارك ما يصل إلى 4,000 متطوّع في المسيرة، على أن يتوجّه المشاركون إلى مدينة العريش في شمال سيناء، ثم يقطعوا مسافة تقدر بنحو 30 ميلًا عبر الصحراء حتى يصلوا إلى المعبر الحدودي مع قطاع غزة. وأكد المنظمون أن النشطاء لن يحاولوا عبور الحدود إلى داخل القطاع، بل يعتزمون التخييم على طول الطريق والمطالبة بإعادة فتح المعبر لدخول القوافل الإغاثية.
وفي سياق متصل، فرضت السلطات المصرية هذا الأسبوع قيودًا جديدة على الوفود الأجنبية الراغبة في الاقتراب من الحدود مع غزة، مؤكدة أن أي طلب لزيارة المنطقة لا يُنظر فيه إلا من خلال السفارات المصرية في الخارج، أو عبر جهات رسمية تقدم الطلبات مباشرة إلى وزارة الخارجية المصرية.
كما أوضحت وزارة الخارجية البريطانية أن معبر رفح لا يزال مغلقًا، وأن أي ترتيبات لفتحه ستُحدد من خلال تفاهمات مشتركة بين مصر، وإسرائيل، والسلطات الفلسطينية في القطاع. وحتى ذلك الحين، لا يُسمح بدخول أو خروج العاملين في المجال الإنساني عبر المعبر.
وشدد البيان على أن كافة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة يجب أن تمر عبر الهلال الأحمر المصري، وأن تقديم الطلبات الإنسانية من داخل الأراضي المصرية “في اللحظة الأخيرة” لا يُعتدّ به وفق ما ورد في الإجراءات الرسمية، التي يمكن الاطلاع عليها من خلال موقع “Logistics Cluster”.
موقف منصة “العرب في بريطانيا”
في ظل هذه التحذيرات، تذكّر منصة “العرب في بريطانيا” بأنّ الحق في التضامن ليس جريمة، وأن القيود المفروضة على دخول النشطاء والوفود الإنسانية إلى معبر رفح لا ينبغي أن تُغفل المأساة المستمرة في غزة.
تدعو المنصة الحكومات والمؤسسات الحقوقية إلى احترام حرية الحركة والتعبير، وتدعم كل جهد مدني يسعى لكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني بالوسائل السلمية والإنسانية، مؤكدة في الوقت نفسه أهمية الالتزام بالتوجيهات الرسمية لتفادي المخاطر القانونية واللوجستية، دون أن يُستخدم القانون حاجزًا أمام الضمير الإنساني.