مؤتمر دولي في لندن يضع النقاط على الحروف لملاحقة مرتكبي الإبادة في غزة

في ظل التداعيات الكارثية التي خلّفها العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، نظم مركز العودة الفلسطيني في المملكة المتحدة مؤتمره السنوي تحت عنوان “الإبادة الجماعية: المسؤولية العالمية نحو غزة”، جامعًا نخبة من الشخصيات الأكاديمية والطبية والإعلامية في قلب لندن لبحث تداعيات الحرب والحصار على سكان القطاع، وتسليط الضوء على استراتيجيات الصمود الفلسطيني، وذلك في يوم من الجلسات المتعددة.

الجلسة الأولى: الإبادة الجماعية.. العجز عن تحقيق العدالة وازدواجية المعايير

• رئيسة الجلسة: هايدي ديجمستال – محامية متخصصة في القانون الجنائي الدولي وحقوق الإنسان.
• البروفيسور ريتشارد فولك – أستاذ القانون الدولي الفخري بجامعة برينستون ورئيس مجلس أمناء المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
• الدكتور نمر سلطاني – أستاذ القانون العام في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS)، جامعة لندن.
• البروفيسور لي جوردون – أستاذ القانون الدولي في جامعة كوين ماري في لندن.
• المحامية لارا البورنو – محامية فلسطينية أمريكية متخصصة في القانون الدولي.

استهلت الجلسة بالنقاش حول العجز الواضح في تطبيق القانون الدولي وازدواجية المعايير التي تحكم المحاسبة على الجرائم الدولية. فأشار البروفيسور ريتشارد فولك إلى التناقض الواضح بين القوانين الدولية والواقع العملي، حيث تتحكم القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في مسار العدالة عبر استخدام الفيتو لتعطيل المساءلة، مما يعيق تحقيق العدالة للفلسطينيين.

وتحدث الدكتور نمر سلطاني عن المفارقة في التعامل مع الإبادة الجماعية، مشيرًا إلى سرعة تحرك المحاكم الدولية في بعض القضايا مثل ميانمار، بينما تبقى الجرائم الإسرائيلية في غزة بلا محاسبة رغم الأدلة الدامغة. ولفت إلى أن العدوان الإسرائيلي استخدم 70,000 طن من المتفجرات، وهو معدل تدميري غير مسبوق.

أما البروفيسور لي جوردون فتناول أساليب الاحتلال في الالتفاف على القوانين الدولية، عبر تصنيف المستشفيات والمدارس كأهداف عسكرية، مما يضفي شرعية زائفة على استهداف المدنيين الفلسطينيين.

ومن جهتها، وصفت المحامية لارا البورنو السياسات الإسرائيلية في غزة بأنها جريمة إبادة جماعية، مشيرة إلى أن التقارير القانونية تؤكد الانتهاكات الممنهجة، وسط تواطؤ دولي يبرر استمرار هذه الجرائم.

الجلسة الثانية: “أصوات من غزة”.. شهادات حيّة عن الألم والصمود

• الدكتور مادس جيلبرت – أخصائي التخدير وأستاذ طب الطوارئ بجامعة ترومسو في النرويج.
• الدكتور يوسف أبو الريش – وزير الصحة في غزة.
• الدكتور أحمد مخللاتي – أكاديمي وباحث في الشؤون الفلسطينية.
• الصحفي أحمد الناعوق – إعلامي فلسطيني متخصص في تغطية الشأن الغزي.
• الدكتور وسام عامر – عميد كلية علوم الاتصال واللغات بجامعة غزة.

استعرضت الجلسة شهادات ميدانية تعكس معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث اجتمع الدمار والمعاناة مع إرادة الصمود والتحدي.

فكشف الدكتور مادس جيلبرت عن أرقام كارثية، حيث دُمّرت 69% من البنية التحتية، وسُوّيت 80% من المنشآت التجارية بالأرض، بينما يعاني 91% من السكان من انعدام الأمن الغذائي، في ظل تشريد 1.9 مليون فلسطيني.

ثم استعرض الدكتور يوسف أبو الريش واقع المستشفيات التي أصبحت غير قادرة على تقديم الخدمات الطبية، مع خروج 22 مستشفى من أصل 38 عن الخدمة، واستشهاد أكثر من 500 طبيب وممرض، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول الإمدادات الطبية.

ومن جهته، تحدث الصحفي أحمد الناعوق عن القمع الممنهج الذي يتعرض له الصحفيون الفلسطينيون، مؤكدًا أن الإعلام الفلسطيني بات أداة مقاومة أساسية لكشف جرائم الاحتلال أمام العالم.

ووصف الدكتور وسام عامر استهداف المؤسسات التعليمية بأنه محاولة لطمس الهوية الفلسطينية، مشيرًا إلى استمرار العملية التعليمية عبر الإنترنت رغم الانقطاع المتكرر للكهرباء وضعف البنية التحتية.

الجلسة الثالثة: التضامن الدولي.. من التعاطف إلى الفعل

• د. نادية ناصر-نجاب – محاضرة في دراسات فلسطين بجامعة إكستر.
• غراسيا كاريتشيا – نائبة المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية.
• المحامية ميرا نصير – المسؤولة القانونية في المركز الدولي للعدالة من أجل فلسطين (ICJP).
• نوفيريت كالرا – منتجة محتوى رقمي في منظمة “كود بينك”.

تناولت هذه الجلسة سبل تحويل التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية إلى خطوات عملية على أرض الواقع.

أوضحت الدكتورة نادية ناصر-نجاب أن الدعم الدولي للفلسطينيين ظل محدودًا، فيما خدمت السياسات الغربية الاحتلال الإسرائيلي من خلال برامج “التطبيع الناعم”، التي تهدف إلى احتواء المقاومة الفلسطينية.

وعرضت غراسيا كاريتشيا تفاصيل حملة منظمة العفو الدولية، التي شهدت 1,250,000 مشاركة رقمية، و365,000 توقيع على العرائض، إلى جانب تنظيم احتجاجات في 21 دولة.

القانون الدولي أداة محاسبة

كشفت المحامية ميرا نصير عن تقديم ICJP دعاوى قضائية ضد مسؤولين إسرائيليين، مع ضغوط متزايدة لفرض حظر تصدير الأسلحة إلى الاحتلال.

وأكدت نوفيريت كالرا أن المقاطعة الاقتصادية تشكل أداة رئيسية في الضغط على الاحتلال، لافتةً إلى تورط شركات عالمية مثل ماكدونالدز في دعم الجيش الإسرائيلي.

غزة لا تموت

أجمع المشاركون على أن القضية الفلسطينية لا تحتاج إلى بيانات دعم، بل إلى خطوات عملية تشمل المحاسبة القانونية، والمقاطعة الاقتصادية، والضغط السياسي. وكما قال الصحفي أحمد الناعوق:

“القضية الفلسطينية ليست مجرد نضال محلي، بل معركة عالمية من أجل العدالة والحرية.”

رغم الدمار، تبقى غزة شامخة، تنسج من جراحها حكاية صمود، وتواصل النضال في وجه الاحتلال.

اقرأ أيضًا:

• الملك تشارلز يكرم ممرضة تطوعت في غزة
• انتصار الطبيبة منة علوان على الداخلية البريطانية
• فضح عنف الشرطة ضد المتضامنين مع فلسطين في الجامعات بأدلة جديدة