إطلاق مبادرة “وسع مائدتك” لإعمار غزة ودعم أهلها
في ظل معاناة مستمرة وتحديات إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، أعلن عثمان مقبل، الرئيس التنفيذي لمنظمة العنل لأجل الإنسانية(أكشن فور هيومانتي)، عن إطلاق مبادرة “وسع مائدتك: توأمة العائلات في غزة“، وهي خطوة تهدف إلى تجاوز حدود المساعدات التقليدية، لتكرّس مبدأ التضامن الإنساني عبر بناء روابط مباشرة بين العائلات المتبرعة والعائلات المنكوبة في غزة.
وفي حديثه لـ ميدل إيست آي، أكد مقبل أن هذه المبادرة ليست مجرد تبرعات مالية، بل رسالة تضامن وعطاء تعيد للمتضررين شعورهم بالكرامة، وتمنحهم فرصة لإعادة بناء حياتهم وسط الدمار المتزايد.
أزمة إنسانية بلا أفق
رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ، لا تزال غزة تعيش كابوسًا إنسانيًا ممتدًا، حيث تستمر معاناة السكان تحت وطأة الفقر والجوع والتشريد، وسط انهيار شبه كامل في القطاعات الصحية والتعليمية والخدماتية.
أكثر من 80% من سكان غزة كانوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية حتى قبل التصعيد الأخير، لكن اليوم، وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات كارثية، إذ باتت الأسر تكافح للحصول على لقمة العيش، في وقت أصبحت فيه المستشفيات عاجزة عن استيعاب العدد المتزايد من المصابين، بينما تُرك الأطفال ليكبروا في بيئة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
في ظل هذا المشهد القاتم، جاءت مبادرة “وسع مائدتك” لتكون شعاع أمل ينير درب العائلات المتضررة، إذ تتيح للأفراد والعائلات حول العالم “التوأمة” مع عائلة فلسطينية في غزة عبر تقديم دعم شهري ثابت، ليس فقط لتوفير الاحتياجات الأساسية، بل لتعزيز الإحساس بالتكاتف الإنساني الذي يتجاوز الحدود والسياسات.
إحياء روح الأخوة والتكافل
لطالما شكلت قيم الضيافة والعطاء جزءًا أساسيًا من الثقافة الإسلامية والعربية، وقد استلهمت هذه المبادرة روح التكافل من قصة المهاجرين والأنصار، حيث احتضن أهل المدينة المنورة إخوانهم الذين نزحوا من مكة، فاقتسموا معهم بيوتهم وأرزاقهم في صورة تجسّد أسمى معاني التضامن.
وعن ذلك، يقول مقبل:
“نحن لا نقدم مجرد مساعدة مالية، بل نعيد إحياء مفهوم الأخوة الحقيقية. التوأمة مع عائلة في غزة ليست فعل إحسان عابر، بل رسالة بأنهم ليسوا وحدهم في هذه المحنة.”
تعتمد المبادرة على نظام المساعدات النقدية والقسائم، وهو نموذج أثبت فعاليته في العمل الإنساني، إذ يمنح العائلات حرية تحديد احتياجاتها الأساسية، سواء كانت الغذاء أو الدواء أو إعادة بناء ما دمّرته الحرب، مما يعزز إحساسها بالاستقلالية والكرامة.
إنقاذ ما يمكن إنقاذه
في ظل القيود المفروضة على إدخال المساعدات إلى غزة، توفر “وسع مائدتك” آلية مباشرة لإيصال الدعم إلى مستحقيه، حيث تساهم في ضمان حصول العائلات على الغذاء الصحي، وتساعدها على تأمين تكاليف العلاج وسط انهيار المنظومة الطبية.
لكن التأثير لا يتوقف عند حدود الدعم الفوري، بل يمتد إلى تحريك عجلة الاقتصاد المحلي، إذ إن تقديم المساعدات النقدية يتيح للعائلات الشراء من الأسواق المحلية، مما يسهم في إنعاش المشاريع الصغيرة التي كانت العمود الفقري للحياة في القطاع قبل أن تنهار بفعل الحصار والتدمير.
كما تسلط المبادرة الضوء على أهمية التعليم، إذ تُمكّن الأطفال من مواصلة دراستهم رغم الظروف القاسية، في محاولة لكسر دوامة الفقر واليأس، وفتح أبواب الأمل لجيل جديد يتطلع لمستقبل أكثر إشراقًا.
دعوة إلى التحرك والتضامن
يرى مقبل أن المبادرة تتجاوز كونها مشروعًا خيريًا، بل هي حركة عالمية تهدف إلى إعادة وضع القضية الفلسطينية في قلب الضمير الإنساني، ويؤكد:
“غالبًا ما يتجاهل العالم معاناة الفلسطينيين، لكن يجب ألا نفعل ذلك نحن. لدينا القوة لإحداث فرق، لإعادة الأمل، ولإصلاح ما أفسدته الحروب.”
من خلال هذه المبادرة، تسعى أكشن فور هيومانتي إلى إيصال رسالة واضحة إلى العائلات الفلسطينية بأنها ليست وحدها في هذا الألم، وبأن هناك من يقف إلى جانبها، لا بالكلمات فقط، بل بالأفعال الحقيقية التي تُحدث تغييرًا ملموسًا.
وتدعو المنظمة الأفراد والمجتمعات من مختلف أنحاء العالم للانضمام إلى هذا الجهد الإنساني، والمشاركة في صنع فارق حقيقي في حياة العائلات المنكوبة، ليثبتوا أن الإنسانية لا تزال قادرة على الانتصار، حتى في أحلك الظروف.
للمشاركة في مبادرة “وسع مائدتك: توأمة العائلات في غزة” أو لمعرفة المزيد، يمكن زيارة الصفحة الرسمية هنا.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇