كيف يمكن أن يؤثر البريكست على مستقبل النمو الاقتصادي في بريطانيا؟
اقتربت الذكرى الخامسة لخروج المملكة المتحدة رسميًّا من الاتحاد الأوروبي، ومعها يثار السؤال: ما الذي تحقق فعليًّا منذ ذلك الوقت؟
اعترف حزب المحافظين بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جرى دون خطة واضحة لدعم النمو الاقتصادي، والنتائج أصبحت جلية: ارتفاع غير مسبوق في تكلفة المعيشة، وانهيار الخدمات العامة، وغياب رؤية للنمو الاقتصادي الذي بات أقرب إلى ذكرى من الماضي. ومع أن بعض الناس قد يرفض مناقشة الأمر، فإن تعزيز العلاقة مع الاتحاد الأوروبي يبدو عنصرًا حاسمًا في حل معضلة النمو.
تجاهل سياسي لمناقشة التداعيات
لسنوات طويلة تجنب السياسيون في وستمنستر الحديث عن آثار البريكست. وكان يُنظر إلى أي سياسي أو خبير اقتصادي أو صحفي يتجرأ على الإشارة إلى أن الخروج أضر بالاقتصاد البريطاني على أنه يعيد فتح ملف قديم. لكنّ هناك تغيرًا ملموسًا.
حزب العمال جعل النمو الاقتصادي محور رؤيته، وأكد أن تعزيز العلاقة مع الاتحاد الأوروبي سيكون جزءًا من هذه الرؤية. وفي نوفمبر الماضي، أوضح أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عرقل قدرة المملكة المتحدة على التجارة. حتى كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين وإحدى أبرز المؤيدات للبريكست، أقرت بأن حزبها أخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون خطة تدعم النمو الاقتصادي.
هذا التحول في الموقف السياسي يتماشى مع تغيرات في الرأي العام. فقد أظهرت دراسة أجرتها مؤسسة (Good Growth Foundation) أن البريطانيين بعد خروجهم من الاتحاد الأوروبي ليسوا معادين لأوروبا كما كان يُعتقد. وعند الاختيار بين تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، اختار 60 في المئة من البريطانيين أوروبا بوصفها أولوية تجارية واقتصادية.
تغيرت الظروف منذ استفتاء 2016: تأثير الوباء، وأزمة تكلفة المعيشة، وحرب روسيا في أوكرانيا أبرزت أهمية الاتحاد الأوروبي بوصفه شريكًا تجاريًّا أقرب وأكثر موثوقية.
دروس الماضي ورؤية المستقبل
لكن أي علاقة مستقبلية مع الاتحاد الأوروبي يجب أن تكون مختلفة عن التجربة السابقة، حيث كان الانتماء الأوروبي يبدو منفصلًا عن حياة المواطنين اليومية. تجاهل فوائد السوق الموحدة كان أحد أبرز الأخطاء، حيث وُصفت المكاسب الاقتصادية بأنها تخص “الناتج المحلي الإجمالي”، وليس حياة الناس.
تقرير جديد سيصدر قريبًا يشير إلى أن الجمهور البريطاني لا يريد نموًّا اقتصاديًّا رمزيًّا. بل يبحثون عن نمو يحقق نتائج ملموسة: تخفيض تكاليف المعيشة، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز التدريب والمهارات، وفتح آفاق جديدة من الفرص.
العلاقة بين السياسة والنمو الاقتصادي
مع استمرار الركود الاقتصادي في المملكة المتحدة، يصبح واضحًا أن تجاهل الاتحاد الأوروبي لن يُسهم في حل المشكلات. المشكلة في جوهرها سياسية، لكن إذا تمكنت الحكومة من تقديم حلول تتماشى مع أولويات المواطنين، فإن تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي قد لا يكون كارثيًّا على المستوى الانتخابي، بل قد يشكل عامل جذب كبير.
المطلوب الآن هو صياغة رؤية متوازنة لعلاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي، قائمة على مصالح الشعب البريطاني، بحيث تحقق المكاسب الاقتصادية دون تكرار أخطاء الماضي. وتعزيز هذه العلاقة قد يكون مفتاحًا لإعادة النمو الاقتصادي، وإخراج بريطانيا من أزمتها الحالية.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيّضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇