تقرير: هل تُحاسب قناة GB على أكاذيبها ضد المسلمين؟
في مقال جديد لصحيفة الجارديان، وجّه مقداد فيرسي، المتحدث باسم مجلس مسلمي بريطانيا ومؤسس مركز مراقبة وسائل الإعلام (CFMM)، انتقادات حادة لقناة GB News لترويجها نظريات مؤامرة معادية للإسلام وصورًا نمطية مسيئة للمسلمين. ويسلط مقال فيرسي الضوء على دور القناة في تعميم السرديات الخطيرة حول المسلمين والإسلام في بريطانيا.
يأتي المقال، الذي نُشر في 11 كانون الأول/ديسمبر 2024، مع تقرير جديد أصدره مركز مراقبة وسائل الإعلام يوثق اتجاهًا مقلقًا لدى قناة GB News تجاه الإسلام والمسلمين على مدار العامين الماضيين. ووفقًا للتقرير، ازداد ذكر “المسلمين” أو “الإسلام”، ليشكل ما يقرب من 50% من جميع المحتوى المماثل الذي قدمته وسائل الإعلام البريطانية خلال تلك الفترة. ومع ذلك، يرى فيرسي أن المشكلة لا تكمن في التكرار فقط، بل في نبرة ومحتوى التغطية التي يصفها بأنها تبث الذعر وتروج للمؤامرات.
ويشير فيرسي إلى عدة ادعاءات متطرفة قدمها مقدمو برامج وضيوف القناة، مثل الزعم بأن “الشريعة الإسلامية معمول بها في مناطق واسعة من بريطانيا”، واتهامات بأن المستشارين المسلمين يحاولون “التحكم بالسياسة الخارجية البريطانية”. كما يسلط التقرير الضوء على المناقشات المتكررة حول عدم توافق الإسلام المزعوم مع القيم البريطانية وادعاءات بأن عمدة لندن يخضع لسيطرة الإسلاميين.
“السرديات الخطيرة” والإسلاموفوبيا
في مقاله، يرى فيرسي أن هذه السرديات ليست مجرد آراء هامشية، بل تم تعميمها بشكل منهجي من قبل قناة GB News، التي تعمل بموجب ترخيص خاضع للتنظيم. ويشير إلى أن مثل هذا الخطاب يخلق مناخًا من الخوف وعدم الثقة، مصورًا المسلمين كمجموعة خطيرة تشكل تهديدًا على المجتمع البريطاني.
ويكتب فيرسي: “النبرة المثيرة للذعر في العديد من هذه المناقشات تتجاوز الإثارة الإعلامية. إنها محاولة متعمدة لتصوير المسلمين كتهديد وجودي لنمط الحياة في بريطانيا”.
كما يحدد تقرير مركز مراقبة وسائل الإعلام نمطًا من التغطية التحريضية عند الإبلاغ عن الحوادث التي تتعلق بالمسلمين. وعلى وجه الخصوص، ينتقد التقرير قناة GB News لتقليلها من أهمية العنف اليميني المتطرف ضد المسلمين، بما في ذلك أحداث ساوثبورت 2024. وينتقد فيرسي القناة لتجاهلها وتغاضيها عن دوافع معاداة الإسلام في أحداث العنف التي تم تغطيتها. وبدلاً من تسليط الضوء على العنصرية والكراهية كأسباب رئيسية، اختارت القناة تحميل المسؤولية للمجتمعات المسلمة نفسها، مدعية أن السبب يعود إلى عدم قدرتهم على الاندماج في المجتمع البريطاني.
لوم المسلمين على اضطهادهم
يقدم فيرسي مثالًا صارخًا آخر يوضح التحيز في تغطية قناة GB News، وذلك من خلال تناولها للهجمات التي شنتها جماعات اليمين المتطرف على المساجد والمجتمعات المسلمة. ففي تغطيتها لحادثة ساوثبورت، حيث هاجمت مجموعة عنصرية أحد المساجد، أثار مقدم في القناة سؤالًا استفزازيًا بقوله: “ما الذي يجب على الجالية المسلمة القيام به لتغيير النظرة السائدة بأن الاندماج لم ينجح؟” ويرى فيرسي أن هذا الطرح يمثل انتهاكًا صارخًا للمهنية الإعلامية، إذ يحوّل الضحية إلى متهم ويلقي باللوم على المجتمع المسلم لتعرضه للاعتداء.
ويؤكد فيرسي قائلًا: “الخطابُ المُروَّج له لا يقتصر على انتقاد الإسلام فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى تحميل المسلمين مسؤوليةَ ما يتعرضون له من كراهية. والأخطر من ذلك، حتى عندما تتعرض المجتمعاتُ المسلمة لهجماتٍ من عصاباتٍ عنيفة، نجد أن الرسالةَ الإعلامية تصوِّرهم وكأنهم هم المذنبون في ما يحدث لهم”.
دعوات لتدخل هيئة أوفكوم
يطالب مركز مراقبة وسائل الإعلام هيئة أوفكوم، المنظمة المسؤولة عن تنظيم البث في المملكة المتحدة، بالتحرك العاجل لمواجهة ما يصفه المركز بأنه “نمطٌ متكرر من الإساءة والإهانة” تمارسه قناة GB News ضد المسلمين. وتجدر الإشارة إلى أن قوانين البث البريطانية تُلزم القناة بالابتعاد عن أي محتوى يحرض على الكراهية أو التمييز، كما تفرض عليها تقديم تغطية متوازنة عند تناول المواضيع الخلافية.
يؤكد فيرسي أن قناة GB News قد خرقت هذه الضوابط بشكلٍ متكرر، عبر السماح لخطاب معادٍ للإسلام بالهيمنة على محتوى برامجها. ويشدد في كتاباته قائلًا: “لم يعد مقبولًا أن تستمر هيئة أوفكوم في تجاهل هذه المخالفات المتكررة. فمن واجبها التأكد من التزام القنوات التلفزيونية بالمعايير المهنية التي وُضعت لحماية المجتمع من المحتوى الضار والمسيء”.
وردًا على نتائج المركز، رفض متحدث باسم GB News التقرير، واصفًا إياه بأنه “غير دقيق وتشهيري”، وادعى أنه محاولة لقمع حرية التعبير. ولم ترد القناة على ادعاءات محددة وردت في التقرير لكنها شددت على أن مجلس مسلمي بريطانيا لم يدعُها للتعليق قبل نشر التقرير.
مصدر قلق متزايد
يأتي تقرير المركز وسط مخاوف متزايدة من تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في بريطانيا، مع استمرار تصدر حوادث جرائم الكراهية المعادية للمسلمين والخطاب المعادي لهم العناوين الرئيسية. كما تثير النتائج أسئلة أوسع حول مسؤولية وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام، خاصة في وقت يتزايد فيه الاستقطاب السياسي والانقسام المجتمعي.
وفي حين يجادل المدافعون عن حرية التعبير بأن قناة GB News تقدم فقط وجهات نظر بديلة، يحذر النقاد من أن الانتشار غير المقيد للسرديات المعادية للإسلام على منصة واسعة المشاهدة كهذه قد تكون له عواقب خطيرة على التماسك المجتمعي.
ويكتب فيرسي: “لوسائل الإعلام دور حاسم في تشكيل كيفية تفاعل المجتمعات مع بعضها البعض. عندما تروج قنوات مثل GB News باستمرار لسرديات تساعد في انقسام المجتمع، فإنها تسهم في خلق مناخ من العداء وعدم الثقة”.
ومع استمرار النقاش حول مسؤولية وسائل الإعلام، يحث مركز مراقبة وسائل الإعلام هيئة أوفكوم على اتخاذ إجراء فوري، محذرًا من أن عدم التحرك قد يشير إلى فشل في الحفاظ على معايير البث التي تحمي مجتمعات الأقليات من المحتوى الضار.
يكشف مقال مقداد فيرسي وتقريره المرفق عن مخاوفَ عميقة تتعلق بطريقة تناول قناة GB News لقضايا المسلمين. فقد أثار دور القناة المزعوم في نشر نظريات مؤامرة معادية للإسلام، والتقليل من خطورة العنف الموجه ضد المسلمين، وتكريس صورٍ نمطية مسيئة، مطالباتٍ متزايدة بتدخل الجهات الرقابية. وفي ظل تصاعد جرائم الكراهية وتعمق الشروخ في النسيج المجتمعي البريطاني، يشدد فيرسي والمركز على ضرورة تحرك هيئة أوفكوم لمنع استمرار هذا المحتوى في إحداث تأثيرٍ ضار على الخطاب العام.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇