روايات خوف “المسلمين الليبراليين” من الوضع الجديد في سوريا: صحيحة أم مبالغ بها؟
في مقالها الأخير، تقدم الكاتبة البريطانية ياسمين البهائي براون رؤى مثيرة للجدل حول مخاوف المسلمين الليبراليين من التحولات الجارية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
مستشهدةً بقصة لاجئ سوري يعمل كراعٍ في بريطانيا، طرحت براون تساؤلات حول مستقبل سوريا ودور الجماعات الإسلامية الصاعدة مثل “هيئة تحرير الشام” (HTS).
المقال يعكس خليطًا من القلق المشروع والتصورات المثيرة للتساؤل. براون، التي تناولت قضايا متعلقة بالإسلاموفوبيا والتحديات التي تواجه المسلمين في الغرب على مدى سنوات، تشير إلى مخاوف اللاجئ من أن تتحول “هيئة تحرير الشام” إلى نسخة سورية من طالبان. لكن هل لهذا الخوف أسس واقعية، أم أنه نتاج منظور غربي مهيمن على الخطاب؟
بين الواقعية والمبالغة
تخوف اللاجئ الذي تسميه الكاتبة “سامي” من صعود هيئة تحرير الشام يعكس هواجس شريحة من المسلمين الذين يتبنون الفكر الليبرالي أو “الانفتاحي”. بالنسبة له، صعود هذه الجماعات قد يؤدي إلى تقييد الحريات الشخصية، خاصة أن خطابها السياسي والديني يميل إلى التشدد. لكنه في ذات الوقت، اختار طريقًا شخصيًا للخروج من هذا المأزق بتغيير ديانته إلى المسيحية، وهو أمر يحمل في طياته تساؤلات حول مدى واقعية التهديدات التي يواجهها، ومدى تأثير التحيزات الفردية والجماعية في مثل هذه القرارات.
من جهة أخرى، تشير الحقائق على الأرض إلى أن الوضع في سوريا ما زال معقدًا وغير محسوم. رغم نفوذ هيئة تحرير الشام في الشمال السوري، هناك مؤشرات على سعيها للتكيف مع المعايير الدولية وتقديم نفسها ككيان سياسي أكثر اعتدالًا. فهل تصح مقارنتها بطالبان؟
هل يعكس المقال توجهًا غربيًا متحيزًا؟
براون، التي سبق أن تعرضت للانتقاد بسبب مواقفها المثيرة للجدل تجاه قضايا إسلامية، قد تكون أسقطت منظورها الغربي الليبرالي على واقع لا يمكن فهمه بالكامل من خلال معايير غربية.
أحد أوجه النقد الموجهة للمقال هو التركيز على “المسلمين الليبراليين” كضحايا محتملين للمرحلة القادمة، مع إغفال المعاناة الأوسع للشعب السوري تحت نظام الأسد. فسوريا التي عانت من عقود من الاستبداد والقمع تمر اليوم بمرحلة حرجة تتطلب التركيز على إعادة البناء والتخلص من إرث النظام السابق، بدلًا من تضخيم المخاوف من جماعات تحاول ملء الفراغ السياسي.
سياق أوسع: التحديات التي تواجه اللاجئين
تصريحات “سامي” حول اضطهاد المسلمين في الغرب وأوروبا تتماشى مع قلق أوسع يشعر به اللاجئون. مع ذلك، خيار تغيير الدين للحصول على حياة “أسهل” يعكس إشكالية أكثر تعقيدًا تتعلق باندماج اللاجئين وصراع الهوية الذي يواجهونه في المجتمعات الغربية.
هل هي قراءة متسرعة؟
بينما تسعى براون لتقديم صورة “إنسانية” عن مخاوف اللاجئين الليبراليين، فإن طرحها قد يكون متسرعًا في بعض الجوانب. إسقاط المخاوف الغربية من الإسلام السياسي على الوضع في سوريا قد يؤدي إلى تجاهل الجوانب الإيجابية المحتملة للتحول السياسي. كما أن التركيز على فئة معينة من اللاجئين قد يضعف الصورة الشاملة لما يعانيه الشعب السوري بأكمله.
في النهاية، يثير المقال تساؤلات مشروعة حول مستقبل سوريا، لكنه قد يحتاج إلى قراءة أكثر توازنًا تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الوضع المحلي والإقليمي، بعيدًا عن التحيزات الغربية أو المخاوف الفردية.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
6°C