كيف غذّى حزب المحافظين في بريطانيا زيادة الإسلاموفوبيا؟
لم تكن موجة العنف وأعمال الشغب التي بدأها أنصار اليمين المتطرف ضد مسلمي بريطانيا بعيدةً عن أيادي مسؤولي حزب المحافظين الذين عملوا خلال سنوات حكمهم الطويلة على تعزيز التطرف والإسلاموفوبيا في بريطانيا.
فقد ساهم نهج حكومة المحافظين المعادي للإسلام والمسلمين في تغذية النزعات المعادية للأقلية المسلمة في بريطانيا، وخير دليل على ذلك تصريحات رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون عام 2018، والذي وصف النساء المسلمات اللاتي يرتدين البرقع ب”صناديق البريد” و”اللصوص”، وقد تبعت هذه التصريحات زيادة في جرائم الكراهية ضد المسلمين ونموًا في التيارات التي تتبنى الإسلاموفوبيا.
دور حزب المحافظين في انتعاش تيارات الإسلاموفوبيا
وفي العام نفسه، حذرت الوزيرة في الحكومة البريطانية آنذاك، سيدة وارسي، من اتساع رقعة انتشار الإسلاموفوبيا في بريطانيا، بعد أن أدلى مسؤولو حزب المحافظين بتصريحات مسيئة للمسلمين أو شاركوا في أنشطة تحض على كراهيتهم. وبعد عام واحد فقط من هذه التصريحات، أي في عام 2019، حذرت وارسي من انتشار الإسلاموفوبيا على مستوى المؤسسات.
وفي ذلك الوقت، علَّق حزب المحافظين عضوية 14 من أعضائه بسبب منشوراتهم المعادية للإسلام، لكنه لم يتَّخذ أي تدابير فعلية لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، مما سمح للبيئة المتطرفة بالنمو والتوسع.
هذا، وانتقدت سارة خان-التي عملت كمستشارة لثلاثة رؤساء وزراء سابقين- أداء حكومة المحافظين ونهجها الهادف لإثارة أعمال العنف غير المسبوقة، وعدم تخصيصها الميزانيات الكافية للتوعية بخطر الإسلاموفوبيا في المناطق التي تعاني من انتشار التطرف والكراهية.
كما حذر أكاديميون وباحثون حكومة المحافظين من تنامي نشاط اليمين المتطرف، وعدم اتخاذ الإجراءات الكافية للسيطرة على نشاط هذه الجماعات العنصرية المتطرفة.
ولعبت وسائل الإعلام دورًا مثيرًا للجدل في تغذية العنصرية ضد أبناء الأقليات، حيث نشرت وسائل الإعلام هذه تصريحات الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون، الذي برر أعمال الشغب وموجة العنف الأخيرة. كما نشرت وسائل الإعلام هذه تصريحات اللورد ديفيد، الذي أعطى مبررات سياسية لأعمال الشغب بحجة أنها رد فعل على الهجرة غير الشرعية، واعتذر اللورد ديفيد عن تصريحاته لاحقًا.
ما الدور الذي لعبته وسائل الإعلام في تأجيج الشارع اليميني؟
ظار
إن مثل هذه الشخصيات التي تظهر على وسائل الإعلام تحاول أن تساوي بين خطاب ناشطي حقوق الإنسان وخطاب اليمين المتطرف الذي يدعي أن معاداة الإسلام والمسلمين هي استجابة طبيعية ل”عقيدة انتقامية وفاشية ومخالفة لقيم الليبرالية” حسب وصف اليمين المتطرف.
كما عملت وسائل الإعلام البريطانية على التقليل من خطر التهديد الذي يشكله اليمين المتطرف على الشارع البريطاني، واصفةً موجة العنف بحالة من الغضب والاستياء المتفاقم في المجتمع البريطاني، الأمر الذي يعزز الشرخ في المجتمع البريطاني، لأن الخطاب الذي تتبناه وسائل الإعلام عن موجة العنف من شأنه أن يزرع الكراهية والعنصرية، إلى جانب التحريض على الأقليات في بريطانيا.
هذا ودعا الناشطون حكومة حزب العمال إلى النظر في الظروف والعوامل التي ساهمت في تأجيج الشارع اليميني البريطاني، خاصة بعد أن فشلت الحكومة البريطانية في تلبية احتياجات الكثير من الشباب وهو ما دفعهم للالتحاق بجماعات اليمين المتطرف، وممارسة أعمال الشغب والضغط على فئات من المهاجرين.
وقد ساهمت سياسات التقشف التي مارستها حكومة المحافظين-بعد الأزمة المالية لعالمية- في زيادة الضغوط المعيشية على شريحة الشباب، حيث عمد رؤساء الحكومات المتعاقبة إلى تقييد الموارد المالية، عبر فرض المزيد من التخفيضات الضريبية، ما أدى إلى تقليص مصادر الأموال، وانخفاض الأجور.
ما الحلول المقترحة لانتشال بريطانيا من براثن التطرف؟
وبحلول نهاية حكم المحافظين، عانى الاقتصاد البريطاني من انخفاض الإنتاجية، وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع نسبة الفقر بنسبة 22 في المئة، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التضخم وتفاقم أزمة تكاليف المعيشة، وهو ما ساهم بدوره في تعبيد الطريق أمام الصراع والانقسام الاجتماعي في بريطانيا.
يمكن القول إذًا أن المحافظين نجحوا على مدى عقدين من الزمن في زعزعة استقرار وتماسك المجتمع البريطاني وخلق الانقسام بين أبناء الديانات المختلفة، كما فشلوا في إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية في بريطانيا، واستغلوا الخلافات الاجتماعية للتمسك بالسلطة، ونتيجة لكل ذلك يجد حزب العمال نفسه اليوم أمام تحديات كبيرة، أولها كبح جماح الحركات المتطرفة المعادية للمسلمين، ومكافحة التمييز العنصري، ومساعدة المسلمين وغيرهم من الأقليات على حماية أنفسهم من الحركات المتطرفة.
ومن بين الحلول المقترحة لإنقاذ بريطانيا من براثن التطرف هو إعادة الاقتصاد البريطاني إلى الطريق الصحيح عبر زيادة الضرائب، ما قد يشكل تحديًا سياسيًا لحكومة العمال، لكن بدون ذلك سيكون من الصعب إعادة تحريك عجلة الاقتصاد وخلق أمل جديد للمواطنين البريطانيين.
كيف ترى الدور الذي لعبته حكومة المحافظين في تغذية الطرف في بريطانيا؟ يمكنك مشاركة رأيك في التعليقات…
المصدر: The Express Tribune
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇