تراجع استثمارات الدول العربية في بريطانيا عقب الشغب المعادي للمسلمين
شهدت بريطانيا في الأسابيع الأخيرة موجة من الاحتجاجات وأعمال الشغب العنيفة واستهداف مراكز إيواء طالبي اللجوء والمساجد وأحياء المسلمين من قبل أنصار اليمين المتطرف، حيث يتساءل مراقبون حول مدى تأثير أعمال الشغب هذه على استثمارات الدول العربية في بريطانيا.
وللإجابة عن هذا السؤال، يجب في البداية الاطلاع على حجم الاستثمارات الخليجية في بريطانيا، إذ تتخذ معظم صناديق الاستثمارات من دول الخليج مقرًا لها، وتؤثر صناديق الاستثمارات هذه على عملية صناعة القرار السياسي على أعلى مستوى.
استمرار الاستثمارات الخليجية في السوق البريطانية
ووفقًا للإحصاءات الصادرة عن مؤشر (Global SWF)، فقد استثمرت صناديق السيادة والمؤسسات المالية مثل صناديق التقاعد ما يعادل 13.6 مليار دولار، أي حوالي 10.6 مليار باوند في بريطانيا العام الماضي.
وتعتبر بريطانيا رابع أكثر الوجهات جذبًا للاستثمار الخارجي بعد الولايات المتحدة والصين والمملكة العربية السعودية.
ومن بين هذه الاستثمارات شراء شركة Canary Wharf من قبل هيئة الاستثمار القطرية مقابل 4 مليارات باوند، بالإضافة إلى شراء نادي نيوكاسل من قبل السعودية بمبلغ 305 ملايين باوند.
ووفقًا لتقديرات بنك لندن والشرق الأوسط، فإن حجم الأموال التي قد يستثمرها العرب في العقارات التجارية في بريطانيا قد يصل إلى حوالي مليارات خلال الأشهر الـ12 القادمة.
ورغم ضخامة هذه الأرقام، إلا أنها ليست سوى جزء صغير من المبالغ التي يمكن للدول العربية استثمارها في بريطانيا بعيدًا عن قطاعات النفط والغاز.
ومن بين أبرز الصناديق الاستثمارية، صندوق أبو ظبي الذي يمتلك ما يقارب التريليون دولار من الأصول المالية، وهيئة الاستثمارات الكويتية التي تمتلك أكثر من 800 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة صندوق الاستثمار القطري حوالي 429 مليار باوند.
هل تؤثر أعمال الشغب على الاستثمارات طويلة الأمد في بريطانيا؟
وقال مصدر مطلع على صناديق الاستثمار إن خطط الاستثمار لن تتأثر بأعمال الشغب والاضطرابات التي شهدتها البلاد مؤخرًا.
وأضاف المصدر: “على الرغم من خطورة أعمال الشغب التي شهدتها البلاد في شهر آب/ أغسطس، لكنها لن تؤثر على الاستثمارات الاقتصادية طويلة الأجل والمقدرة بمليارات الدولارات”.
وقال مصدر من حكومة خليجية أخرى إن بريطانيا لا تزال جذابة للاستثمارات الأجنبية، آملًا ألا تدوم احتجاجات اليمين المتطرف لفترة طويلة من الزمن. وأضاف: “إن ما يحدث في بريطانيا اليوم حدث سابقًا في فرنسا، ورغم ذلك فنحن ما زلنا نستثمر أموالنا في فرنسا، وقد حافظنا على استثماراتنا رغم تدني الإقبال على سوق الاستثمارات وصمدنا في وجه الظروف التي تبعت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الظروف مثل كورونا، ولا زالت استثماراتنا مستمرة”.
وأضاف المصدر: “نظرًا للتباطؤ الاقتصادي في الصين، فإن أوروبا تبقى أكثر الوجهات الاستثمارية أمانًا في الوقت الحالي، كما أن استثماراتنا ليست مرتبطة بالظروف السياسية أو الاجتماعية، لكن المهم في الأمر هو أن تستمر على المدى الطويل”.
وقال المتحدث باسم السفارة السعودية: “قد تكون هناك بعض المخاوف من الأوضاع في بريطانيا، لكنها بشكل عام تبقى ضمن قائمة أفضل البلدان المناسبة لاستثمار الأموال”.
بدورها أكدت الحكومة البريطانية ثقتها بالمستثمرين، وقال وزير العمل جوناثان رينولدز: “إن أكثر العوامل التي تدفع البلدان للاستثمار في بريطانيا هي الاستقرار السياسي للحكومة، وصرامة النظام الضريبي، وغيرها من التدابير التي تعزز الأعمال التجارية في البلاد”.
وأضاف: “ستعقد قمة لكبار المستثمرين في تشرين الأول/ أكتوبر القادم، لذلك لسنا قلقين من تأثير الاضطرابات الأخيرة على عمليات الاستثمار”.
توتر العلاقات الإماراتية البريطانية
بدورها، قالت آلي رينيسون، المستشارة الحكومية السابقة، إنها تتوقع استمرار المحادثات التجارية مع دول الخليج دون أن تتأثر بأعمال الشغب والهجمات على أماكن المسلمين.
بالمقابل، تحدث أودنس ليستر، المسؤول السابق في حكومة بوريس جونسون، عن تدهور العلاقات بين بريطانيا والإمارات العربية المتحدة.
وقال ليستر: “إن علاقاتنا مع الإمارات العربية المتحدة ليست على ما يرام، ويمكن القول إن استحواذ الإمارات على صحيفة ديلي تلغراف هو واحد من أسباب تدهور العلاقات التجارية”.
وقال أيضًا: “لقد شجعنا الإمارات على الاستثمار في شركة فودافون، ثم دعونا المستثمرين لإجراء مراجعة أمنية، كما أن مسؤولي الإمارات يلومون الحكومة البريطانية على المخالفات التي ارتكبها نادي مانشستر سيتي، ناهيك عن دورهم في الحرب الأهلية في السودان، لذلك يمكنني القول إننا ننتقدهم في أكثر من مكان”.
وقال مسؤول آخر إنه يجب على الحكومة البريطانية القيام بالكثير من العمل لإعادة بناء الروابط التجارية والاقتصادية.
وختم كلامه بالقول: “إن العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات تراجعت لأدنى مستوياتها، حيث يميل المسؤولون الإماراتيون للاعتقاد بأنهم بالغوا في الاستثمار في بريطانيا، وقد توترت العلاقات بشكل كبير”.
كيف تقيِّم دور الخليج العربي في نمو الاقتصاد البريطاني؟ شاركنا برأيك في التعليقات
المصدر: ميدل إيست آي
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇