800 خبير قانوني يطلبون من ستارمر فرض عقوبات على دولة الاحتلال

دعت نخبة من القضاة والمحامين والأكاديميين في بريطانيا، يتجاوز عددهم 800 شخصية، حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر إلى فرض عقوبات فورية على الحكومة الإسرائيلية ووزرائها، بل والمضي قدمًا في بحث تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، في خطوة وُصفت كضرورة قانونية دولية ملحّة لا تحتمل التأجيل.
وفي رسالة مفتوحة وُجهت إلى ستارمر، شدّد الموقعون، وبينهم قضاة سابقون في المحكمة العليا، على أنّ ما تشهده غزة من فظائع يتطلب استجابة عاجلة تليق بحجم المأساة. وحذّرت الرسالة من أن “الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين لم تعد مجرّد خطر نظري، بل باتت واقعًا موثقًا يكاد يكون مؤكدًا”، في ظل استمرار القصف والتجويع ومنع المساعدات.
أكد الموقعون، ومنهم اللورد جوناثان سومبشن واللورد نيكولاس ويلسون، أنّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تُرتكب علنًا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في ظل صمت دولي مريب ومخالف لمبادئ القانون الدولي.
وأشارت الرسالة إلى تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن الجيش الإسرائيلي “سيُبيد ما تبقى من غزة”، معتبرةً هذه الأقوال دليلًا دامغًا على نوايا الإبادة.
وقالت الرسالة: “جميع الدول، بما فيها بريطانيا، ملزمة قانونًا باتخاذ جميع الإجراءات المعقولة ضمن صلاحياتها لمنع وقوع الإبادة ومعاقبة مرتكبيها، وضمان احترام القانون الدولي الإنساني، ووضع حد لانتهاكات حق تقرير المصير… إلا أن تحركات بريطانيا حتى الآن لا ترقى إلى هذه الالتزامات، بل تسهم في تعميق مناخ الإفلات من العقاب، وتهدد أسس النظام القانوني الدولي برمته”.
وأشادت الرسالة بخطوة وزير الخارجية ديفيد لامي بتعليق المفاوضات بشأن اتفاق تجارة حر مع إسرائيل، لكنها رأت أن ذلك غير كافٍ، داعية إلى مراجعة شاملة للعلاقات التجارية القائمة، وتعليق “خارطة طريق 2030” للشراكة بين البلدين، وفرض عقوبات اقتصادية حقيقية على المؤسسات الإسرائيلية.
دعوة لمحاسبة إسرائيل دوليًّا
طالب الموقعون بفرض عقوبات شخصية فورية على الوزراء الإسرائيليين وكبار ضباط الجيش المتورطين في التحريض على الإبادة أو دعم الاستيطان غير الشرعي، مشيرة إلى أن العقوبات الحالية التي تطال بعض المستوطنين والمنظمات الاستيطانية لا تُحقق الردع ولا تُنصف العدالة.
كما نددت الرسالة بـ”العدوان غير المسبوق على منظومة الأمم المتحدة”، من خلال استهداف مقرات المنظمة الدولية في غزة، ومنع وكالة الأونروا من العمل داخل الأراضي المحتلة، معتبرةً ذلك “تحديًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة ونظامها المؤسسي”.
وفي ضوء هذه الانتهاكات، حثّ الموقعون حكومة المملكة المتحدة، بصفتها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن، على النظر في تفعيل آليات تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وقال القاضي السابق السير آلان موسى: “لا معنى للحديث عن احترام سيادة القانون، ما لم تُقرن الأقوال بالأفعال. لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون مساءلة”.
من جهته، أكّد البروفيسور غاي غودوين-غيل من جامعة أكسفورد، أنّ “الوقت قد حان لبريطانيا كي تبرهن على التزامها بسيادة القانون، وأن تنحاز لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، والعيش بأمان بعيدًا عن القتل والاضطهاد والاقتلاع من أرضهم”.
الرسالة جاءت بالتزامن مع استمرار الغضب الدولي من استمرار الحصار وتجويع سكان غزة، رغم الإعلان الرسمي عن رفع الحظر. وأكد الموقعون أن “ما يُسمح بدخوله من مساعدات يبقى أقل بكثير من الحد الأدنى اللازم لتفادي انهيار إنساني شامل”.
وتُشير الأرقام إلى أن أكثر من 53 ألف فلسطيني قُتلوا في العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، بينما أدت غارة جوية إسرائيلية صباح الاثنين فقط إلى مقتل 36 فلسطينيًا داخل مدرسة كانت تُستخدم كمأوى للنازحين.
واختتمت الرسالة بمطالب واضحة للحكومة البريطانية، أبرزها:
- فرض وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار في غزة
- استئناف إدخال المساعدات دون عراقيل؛
- رفع الحظر المفروض على وكالة الأونروا؛
- تأكيد استعداد لندن لتنفيذ مذكرات الاعتقال الدولية الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
وتأتي هذه الرسالة في وقت حساس، إذ من المقرر أن يُلقي النائب العام اللورد هيرمر خطابًا حول “واقع النظام الدولي القائم على القواعد” أمام المعهد الملكي للخدمات المتحدة، في ظل انتقادات واسعة داخل حزبي العمال والمحافظين بأن الإجراءات المتخذة لا ترقى إلى مستوى فداحة الجريمة ولا تمثل الرد القانوني المنشود.
يُذكر أنّ رسالة قانونية سابقة وجّهت العام الماضي حذّرت من أنّ استمرار تصدير الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل يُعد خرقًا صريحًا للقانون الدولي، وهي مسألة لا تزال قيد النظر أمام المحكمة العليا في لندن.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇