الهجرة ليست عبئًا: كيف ينقذ المهاجرون الاقتصاد البريطاني؟

مع تقاعد جيل “البيبي بومرز”، تواجه بريطانيا أزمة حقيقية في سوق العمل، إذ لا يوجد عدد كافٍ من الشباب المولودين في البلاد لتعويض المتقاعدين. هذا الخلل السكاني يعني أن النمو الاقتصادي، بل حتى استقراره، أصبح مرتبطًا بشكل أساسي بالهجرة.
الهجرة ضرورة اقتصادية وليست خيارًا
تشير البيانات إلى أن غالبية الوظائف الجديدة التي أُنشئت في الولايات المتحدة بين عامي 2019 و2024 شغلها مهاجرون. هذا النمط يتكرر في بريطانيا للأسباب ذاتها: انخفاض معدلات المواليد، وتراجع عدد القوى العاملة المحلية. بدون الهجرة، لن يقتصر الأمر على توقف النمو، بل قد يشهد الاقتصاد تراجعًا حادًا يهدد الأمن المعيشي للمتقاعدين، الذين يعتمدون على الأجيال العاملة لدفع المعاشات والضرائب.
المهاجرون يسدون فجوات في قطاعات حيوية
المهاجرون يهيمنون على قطاعات حيوية في الاقتصاد البريطاني مثل الزراعة، البناء، الضيافة، ودور الرعاية. هذه وظائف أساسية يصعب استبدالها بالتكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي، ولا يقبل البريطانيون غالبًا العمل فيها. في مناطق مثل شرق أنجليا، التي تنتج أكبر نسبة من المحاصيل الزراعية في بريطانيا، يشكل المهاجرون القوة العاملة الأساسية.
غياب هذه العمالة سيؤدي إلى انهيار سلاسل الإمداد، تراجع الإنتاج الغذائي، ارتفاع أسعار السلع، وزيادة التضخم. كما ستشهد مرافق رعاية المسنين ورعاية الأطفال أزمات حادة في حال طُبقت سياسات طرد المهاجرين.
تفنيد المزاعم حول تراجع الإنتاجية

يؤكد الاقتصادي الحائز على نوبل بول كروغمان أن مزاعم انخفاض الإنتاجية بسبب الهجرة غير صحيحة. وأوضح أن هناك أربعة عوامل رئيسية توضح أثر المهاجرين الإيجابي:
- الاستثمار ورأس المال: تدفق المهاجرين لا يقلل الاستثمار في رأس المال، بل على العكس، يواكب النمو الاستثماري زيادة العمالة.
- المهارات: كثير من المهاجرين يمتلكون مهارات عالية رغم شغلهم وظائف بسيطة، ما يحرر العمال المحليين لأداء وظائف أكثر تخصصًا.
- التكامل المهاري: المهاجرون يجلبون خبرات جديدة تعزز جودة المهارات في سوق العمل.
- الدافعية: المهاجرون غالبًا أكثر التزامًا وإنتاجية بسبب رغبتهم في الاندماج وتأمين مستقبل أفضل، ما يرفع أداء الاقتصاد ككل.
الهجرة ومستقبل الاقتصاد البريطاني
الأدلة الأمريكية والبريطانية تؤكد أن الهجرة لا تخفض الإنتاجية، بل تدعم النمو الاقتصادي. في الولايات المتحدة ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بفضل الهجرة، وفي المملكة المتحدة حافظ على استقراره للفرد رغم الضغوط السكانية.
المهاجرون لا يكتفون بالعمل في قطاعات حيوية، بل يساهمون في تمويل المعاشات والخدمات العامة عبر الضرائب. من دونهم، سيواجه نظام التقاعد البريطاني ضغوطًا هائلة. أي خفض للهجرة سيزيد الأعباء المالية على الدولة والمجتمع.
وتؤمن منصة العرب في بريطانيا AUK بأن الهجرة تمثل عنصر قوة وليس عبئًا على المملكة المتحدة، إذ تساهم في سد فجوات سوق العمل، وتحافظ على استقرار الاقتصاد في مواجهة التحديات الديموغرافية. وترى المنصة أن الحوار العام حول الهجرة يجب أن يكون قائمًا على الحقائق الاقتصادية والإنسانية، بعيدًا عن الخطابات الشعبوية التي تؤدي إلى سياسات مضرة بالمصلحة الوطنية.
المصدر: taxresearch
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇