العرب في بريطانيا | هل سيفتح ترامب أبواب الجحيم على غزة؟

1446 شعبان 13 | 12 فبراير 2025

هل سيفتح ترامب أبواب الجحيم على غزة؟

هل سيفتح ترامب أبواب الجحيم على غزة؟
عدنان حميدان February 11, 2025

منذ عودته إلى البيت الأبيض، بدا أن دونالد ترامب قد قرر اتباع استراتيجية “الصدمة والترويع”، ليس في السياسة الخارجية فحسب، بل في أبسط تفاصيل الحياة اليومية أيضًا. قرارات متلاحقة، تصريحات مثيرة، تهديدات تمتد من غزة إلى كندا وبنما وغرينلاند، وعودة إلى رموز شعبوية مثل الأكواب البلاستيكية، وكأنه يسعى إلى إعادة صياغة العالم وفق منطقه الخاص. لكن أكثر ما أثار الجدل هو تهديده الصريح بفتح “أبواب الجحيم” في غزة إذا لم يتم تسليم جميع الأسرى الإسرائيليين، في خطوة قد تعيد إشعال الحرب بأكثر صورها وحشية، وتدفع المنطقة إلى نفق مجهول.

يبدو أن ترامب يدرك جيدًا أن خلق حالة من الفوضى المتعمدة هو جزء أساسي من سيطرته على المشهد السياسي. فهو يعلم أن ضخَّ سيلٍ من القرارات الصادمة والتهديدات المتصاعدة يجعل من الصعب على خصومه السياسيين والإعلام الدولي التعامل معها جميعًا في آنٍ واحد، مما يمنحه فرصة لتنفيذ أجندته دون مقاومة موحدة. وبينما يواجه إرثًا مليئًا بالمحاكمات والاتهامات التي هزت صورته خلال السنوات الماضية، يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى إعادة تقديم نفسه كقائد لا يتراجع ولا يلين، حتى لو كان الثمن تصعيدًا عسكريًّا يشعل أزمات دولية جديدة.

لكن الأمر لا يقتصر على مجرد استعراض للقوة. فبالنسبة لترامب، إرضاء قاعدته الانتخابية المتشددة يظل هدفًا رئيسيًا، وهذه القاعدة تتغذى على خطاب القوة والهيمنة، وعلى شعارات مثل “أمريكا أولًا” التي باتت أكثر عدوانية مما كانت عليه في ولايته الأولى. وبقدر ما يحاول الظهور بمظهر الرئيس الذي “يعيد أمريكا إلى عظمتها”، فإنه في الوقت ذاته يستخدم هذه المغامرات السياسية والعسكرية كأداة لصرف الأنظار عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة داخل الولايات المتحدة، في تكرار لنهج لطالما استخدمه القادة عندما تشتد الضغوط الداخلية.

لكن ماذا يعني كل هذا لغزة؟ تهديد ترامب بفتح الجحيم ليس مجرد خطاب شعبوي عابر، بل هو رسالة تحمل في طياتها دلالات خطيرة. فعندما يعلن رئيس الولايات المتحدة دعمه غير المشروط لاستمرار الإبادة في غزة والتطهير العرقي لها، فإنه عمليًا يمنح قادة الاحتلال ضوءًا أخضر للمضي قدمًا في حرب بلا قيود، دون خوف من أي ضغوط دولية أو حسابات سياسية. هذا الدعم العلني، حتى لو لم يُترجم إلى تدخل عسكري مباشر، كفيل بأن يشجع نتنياهو ومن معه على مواصلة القصف والتدمير ورفض أي حلول دبلوماسية، ما يجعل الحديث عن هدنة أو تهدئة أمرًا شبه مستحيلٍ.

وفي الوقت الذي تبذل فيه وساطات إقليمية ودولية، من مصر إلى قطر والأمم المتحدة، جهودًا لإيجاد مخرج من هذه الدوامة، تأتي هذه التصريحات لتقوِّض كل الجهود الدبلوماسية. فكيف يمكن لأي طرف أن يقبل بمفاوضات تُعقد في ظل تهديد بالإبادة والاقتلاع؟ وعلى الجانب الآخر، فالتاريخ علمنا أن هذه التهديدات لا تؤدي إلى استسلام الفلسطينيين، بل تدفعهم إلى مزيد من التمسك بخيار المقاومة.

التاريخ ليس محايدًا، ولا يرحم المترددين. فإما أن يختار العالم أن يكون جزءًا من جريمة تُرتكب على مرأى ومسمع الجميع، وإما أن يثبت أن المبادئ والكرامة ليست مجرد كلمات جوفاء.


اقرأ أيضًا:

التعليقات

  1. هنالك كثيرون يؤثرون السلامة، وينحنون حتى تمر العاصفة، وهم يجهلون أو يتجاهلون أنها قد تطيح بهم أيضا، فعندما يهب الإعصار لا يفرّق بين عدو وصديق. ولكن ماذا لو مات ترامب فجأة بالسكتة القلبية مثلاً أو حتى بفيروس حقير مثل كوفيد؟! ولا يعلم جنود ربك إلا هو!

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
2:09 am, Feb 12, 2025
temperature icon 4°C
overcast clouds
Humidity 91 %
Pressure 1019 mb
Wind 5 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 100%
Visibility Visibility: 7 km
Sunrise Sunrise: 7:20 am
Sunset Sunset: 5:09 pm