هل سترتفع تكاليف معيشة البريطانيين تحت حكم حزب العمال؟
رغم وعود الحكومة بتحسين الوضع الاقتصادي، تواجه الأسر البريطانية شبح ضغوط مالية متزايدة في الأشهر المقبلة. مع وصول حزب العمال إلى السلطة بعد أزمة غلاء معيشة غير مسبوقة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية والطاقة إلى مستويات قياسية، إلى جانب تأثير الميزانية المصغرة الكارثية التي قُدّمت خلال حكم ليز تراس، مما تسبب في ارتفاع معدلات الرهون العقارية.
ورغم أن معدل التضخم الحالي بلغ 2.3%، بعيداً عن ذروته البالغة 10% بعد غزو روسيا لأوكرانيا، تشير التوقعات إلى أنه قد يرتفع مجدداً ليصل إلى 3% بحلول عام 2025. وبينما تدّعي الحكومة أنها تُعالج “أسس” الاقتصاد، تواجه الأسر البريطانية تحديات كبيرة في عدة مجالات رئيسية.
أسعار الطاقة
أعلنت هيئة تنظيم الطاقة “أوفجيم” عن زيادة جديدة في سقف أسعار الطاقة، مما سيرفع متوسط الفواتير بنسبة 1.2% اعتباراً من يناير لتصل إلى 1,738 باوند سنوياً. ورغم توقع انخفاض طفيف بنسبة 1.4% في أبريل المقبل، فإن هذا الانخفاض لن يكون كافياً لتخفيف العبء عن الأسر التي تعاني من ضيق مالي شديد خلال الشتاء.
حاول الوزراء تخفيف الانتقادات المتعلقة بخفض مدفوعات وقود الشتاء عبر إقناع شركات الطاقة بتخصيص 500 مليون باوند لدعم الأسر الأكثر احتياجاً، بما في ذلك شطب بعض الديون.
لكن مؤسسة “مواطني بريطانيا” (Citizens Advice) حذّرت من أن الأسر مدينة لشركات الطاقة بمبلغ 3.7 مليار باوند، داعيةً الحكومة إلى تقديم دعم مباشر. وأكد رئيس سياسات الطاقة في المؤسسة، أليكس بيلشام-هاريس، أن “ملايين البريطانيين يواجهون خطر البقاء في البرد هذا الشتاء دون تدخل حكومي عاجل”.
حتى الأسر ذات الدخل المتوسط تشعر بوطأة الأزمة، حيث لا تزال الفواتير أعلى بنسبة 40% مما كانت عليه قبل الحرب في أوكرانيا. ومع تزايد التوترات الجيوسياسية، خاصة مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، من غير المتوقع أن تعود أسعار الطاقة إلى مستوياتها السابقة.
تكاليف السكن
شهدت تكاليف الرهون العقارية ذات السعر الثابت زيادات ملحوظة في الأسابيع الأخيرة، مدفوعة بارتفاع غير متوقع في التضخم خلال أكتوبر. وتشير التوقعات إلى أن المقرضين سيواصلون رفع أسعار الفائدة، مما يضع ضغوطاً إضافية على مشتري المنازل والراغبين في تجديد عقود رهنهم الحالية.
وفقاً لبيانات Moneyfacts، بلغ متوسط الرهن العقاري لمدة خمس سنوات نسبة 5.26%، مقارنة بـ 5.09% صباح إعلان الميزانية في 30 أكتوبر. هذا يعني أن المقترض الذي يحصل على قرض بقيمة 200,000 باوند سيدفع 240 باوند إضافية سنوياً مقارنة بمن أبرم صفقة مماثلة قبل ساعات من إعلان الميزانية.
وفيما يتعلق بالإيجارات، أظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) زيادة سنوية بنسبة 8.7% في الإيجارات، ما يُضيف أكثر من 100 باوند شهرياً على الأسر المستأجرة.
التأمينات الوطنية وتكاليف أصحاب العمل
من المقرر أن تزيد الحكومة مساهمات التأمينات الوطنية لأرباب العمل (NICs) بنسبة 1.2% اعتباراً من أبريل، مع خفض الحد الأدنى للأجور التي تبدأ عندها المساهمات من 9,100 إلى 5,000 باوند. وتُتوقع أن تجمع هذه الزيادة حوالي 25 مليار باوند.
وقد حذّر تجار التجزئة من أن هذه التكاليف الإضافية ستُترجم إلى زيادات في الأسعار، فيما قد تضطر بعض الشركات إلى تسريح عمالة لتخفيف الضغط المالي. وتشير تقديرات مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) إلى أن العمال سيتحملون حوالي 60% من هذه الزيادات في البداية، لترتفع إلى 76% مع مرور الوقت.
سياسات ترامب التجارية وتأثيرها الدولي
مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تلوح في الأفق سياسات تجارية صارمة قد تؤدي إلى فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات الأمريكية. وبينما يُتوقع أن تتجنب بريطانيا وأوروبا تعريفات تصل إلى 60% كتلك المفروضة على الصين، فإن صادراتهما قد تواجه تعريفات تراوح بين 10% و20%.
إذا انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار نتيجة لهذه السياسات، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة السلع المستوردة في المملكة المتحدة، مما يعزز التضخم المحلي.
رغم انخفاض تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 1.9% سنوياً مقارنة بالذروة البالغة 19% خلال عامي 2022 و2023، فإن الأسعار لم تنخفض إلى ما دون الصفر، ما يعني استمرار ارتفاع تكلفة المعيشة.
ويتوقع الخبراء أن تصبح أسعار المواد الغذائية أكثر تقلباً في المستقبل بسبب تغير المناخ، حيث تزداد الظواهر الجوية المتطرفة وتغير الأنماط الموسمية، مما يؤدي إلى زيادات حادة في أسعار منتجات معينة مثل زيت الزيتون والكاكاو.
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇