العرب في بريطانيا | هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جدي...

1447 جمادى الأولى 5 | 27 أكتوبر 2025

هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جديد يكشف الحقيقة بالأرقام

هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جديد يكشف الحقيقة بالأرقام
اية محمد October 27, 2025

بعد ثماني سنوات على استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، يعود ملف بريكست إلى الواجهة السياسية والاقتصادية في بريطانيا، بعد أن بدأ حزب العمّال، الذي تجنّب الحديث عنه طويلاً، يُحمّل “كلمة الباء” مسؤولية جزء من أزمات البلاد.

عودة حزب العمّال إلى خطاب لوم بريكست

هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جديد يكشف الحقيقة بالأرقام
الاقتصاد (Pixabay)

في تطور لافت، ألقت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز باللوم على مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) بعد خفضه لتوقعات النمو، معتبرة أن بريكست كان أحد الأسباب الرئيسة لذلك.

وقالت ريفز: “لهذا السبب نحن لا نخجل من إعادة بناء علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي لتقليل بعض تلك التكاليف.” وكانت قد أكدت في وقت سابق لصندوق النقد الدولي أن مشكلات الإنتاجية في بريطانيا “تفاقمت” بسبب اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي.

ويشير مركز الأبحاث “المملكة المتحدة في أوروبا متغيّرة” (UK in a Changing Europe) إلى أن حكومة العمّال الحالية قامت بمواءمة قانونية مع الاتحاد الأوروبي تفوق ما قامت به حكومتا بوريس جونسون وريشي سوناك.

استطلاعات الرأي: الانقسام ما زال قائمًا

بحسب استطلاع أجراه مركز More in Common، فإن 55% من مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي يرون أن بريكست هو السبب الأكبر وراء سير البلاد في الاتجاه الخاطئ، مقابل 8% فقط من مؤيدي الخروج.

ورغم أن غالبية البريطانيين اليوم يرون أن المغادرة كانت خطأ، فإن 43% يعتقدون أن بريكست “كان يمكن أن ينجح لكنه أُدير بطريقة سيئة.”

التوقعات القديمة والتقديرات الجديدة

قبل تنفيذ الخروج، حذّرت وزارة المالية البريطانية من “صدمة اقتصادية حادة” قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% خلال عامين، وهبوط أسعار المنازل بنسبة 18%، وفقدان 820 ألف وظيفة.

أما أحدث تقديرات مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) فتشير إلى أن اتفاق التجارة لعام 2020 سيؤدي إلى انخفاض الإنتاجية على المدى الطويل بنسبة 4% مقارنة بالبقاء داخل الاتحاد الأوروبي.

غير أن هذه التقديرات تستند إلى دراسات أُجريت بين عامي 2016 و2019، ومن المتوقع أن يُحدث المكتب تقييمه الشهر القادم.

 

الأداء الفعلي للاقتصاد منذ 2016

هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جديد يكشف الحقيقة بالأرقام

منذ استفتاء يونيو 2016، نما الاقتصاد البريطاني بنسبة 6% للفرد الواحد بعد احتساب التضخم.
وللمقارنة:

  • الاتحاد الأوروبي بأكمله ارتفع بنسبة 12%
  • فرنسا 8%
  • ألمانيا 4%
  • الولايات المتحدة 18%

أي أن بريطانيا تقع بين فرنسا وألمانيا من حيث النمو، بحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

الاقتصاد الموازي: بريطانيا الحقيقية ونظيرتها “الافتراضية”

حاول الباحث جون سبرينغفورد من مركز الإصلاح الأوروبي (CER) تقدير أثر بريكست عبر إنشاء نموذج “بريطانيا التوأم” أو Doppelganger UK — مكوّن من دول نمت بمعدل مشابه لبريطانيا بين عامي 2009 و2016.

وبحسب هذا النموذج، كانت “بريطانيا الافتراضية” أغنى من بريطانيا الحقيقية بنسبة 5% بحلول عام 2022.

لكن سبرينغفورد نفسه يعترف بأن هذا النموذج يفترض أن جميع الفروق بين بريطانيا وتلك الدول ناجمة عن بريكست، وهو افتراض غير دقيق؛ إذ إن الولايات المتحدة — التي تشكل 31% من النموذج — شهدت نموًا استثنائيًا بسبب طفرة الاستثمار في التكنولوجيا، وازدهار قطاع الطاقة الصخرية، وانتعاش الإنفاق بعد الجائحة.

صدمات أخرى ضربت الاقتصاد البريطاني

هل خسر الاقتصاد البريطاني بعد بريكست؟ تحليل جديد يكشف الحقيقة بالأرقام
كورونا (Unsplash)

1. جائحة كوفيد-19

تعرّضت بريطانيا لضربة أشد من غيرها بسبب اعتمادها الكبير على قطاع الخدمات. خلال العام الأول للجائحة، انكمش الاقتصاد بشدة، ثم واجه صعوبة في التعافي لاحقًا، خصوصًا بعد مغادرة عدد كبير من العمال الأوروبيين، ما أعاق قطاعات مثل الضيافة والتجزئة.

2. الحرب في أوكرانيا

اعتماد بريطانيا على الغاز الطبيعي المستورد جعلها عرضة لارتفاع أسعار الطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، في وقت كانت فرنسا تستفيد من الطاقة النووية.

النتيجة: زيادة فواتير الطاقة، وارتفاع التضخم، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي.

التجارة: الأداء أفضل من التوقعات

في السنوات الأولى بعد الخروج، شهدت بريطانيا هبوطًا حادًا في صادرات السلع، وازدحامًا في الموانئ، وخسائر في قطاع الأسماك. لكن مع توقيع اتفاقيات جديدة، تراجعت هذه المشاكل تدريجيًا، رغم أن صادرات السلع ما زالت دون مستويات 2019 — ويرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى تراجع صناعة السيارات.

في المقابل، حافظ قطاع الخدمات البريطاني على قوته، ولا سيما في مجالات الاستشارات والتمويل والخبرة التقنية. وبدمج السلع والخدمات معًا، ارتفعت إجمالي أحجام التجارة البريطانية بمعدل مماثل تقريبًا لفرنسا وألمانيا.

التحديات البنيوية للاقتصاد البريطاني

رغم ذلك، لا تزال بريطانيا تواجه مشكلات مزمنة:

  • ديون مرتفعة وفوائد ضخمة على السداد.
  • شيخوخة سكانية ونقص في القوى العاملة.
  • تكاليف طاقة هي الأعلى في أوروبا.
  • تضخم غذائي مستمر تفاقم مع زيادة مساهمات التأمين الوطني على أصحاب العمل.

ويرى مراقبون أن بريكست لم يكن العامل الوحيد وراء هذه الأزمات، لكنه ساهم في تعقيدها، خصوصًا في قطاعات الزراعة والتصنيع.

خلاصة التحليل: أثر بريكست يتلاشى لا يتعمق

يصف اقتصاديون بريكست بأنه “جرح ذاتي” ترك أثرًا نفسيًا عميقًا في المجتمع البريطاني، لكنه ليس أصل جميع المشاكل الاقتصادية.
ويحذر الخبراء من أن بعض الوزراء قد يستخدمون بريكست ذريعة جديدة لرفع الضرائب، بينما تشير البيانات إلى أن تأثيره بدأ يتلاشى تدريجيًا مع تكيف الاقتصاد البريطاني مع الواقع الجديد.

وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن تقييم نتائج بريكست لا يمكن اختزاله في الأرقام وحدها، فالقضية تمسّ هوية بريطانيا السياسية والاقتصادية في آنٍ واحد.

وتعتبر المنصة أن العودة إلى خطاب “لوم بريكست” بعد سنوات من الصمت تعكس تحولًا في المزاج العام البريطاني، لكنها تُحذر في الوقت نفسه من استخدام الملف كشمّاعة سياسية لتبرير السياسات المالية أو ضعف النمو.

المصدر: التايمز


إقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

loader-image
london
London, GB
9:38 am, Oct 27, 2025
temperature icon 12°C
broken clouds
67 %
1005 mb
19 mph
Wind Gust 35 mph
Clouds 62%
Visibility 10 km
Sunrise 6:45 am
Sunset 4:43 pm

آخر فيديوهات القناة