هل تنجح حكومة ستارمر في تعزيز كفاءة الموظفين الحكوميين؟

تعتزم الحكومة البريطانية، بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، تنفيذ إصلاحات جذرية في هيكل الخدمة المدنية، تشمل تسريع الرقمنة وفرض معايير أداء أكثر صرامة، بهدف مواءمة الأداء الحكومي مع ممارسات القطاع الخاص.
وكشف بات مكفادين، الوزير المسؤول عن مكتب مجلس الوزراء، عن خطط لإعادة هيكلة الجهاز الإداري، تتضمن تحفيز الموظفين ذوي الأداء المتدني على مغادرة مناصبهم، إضافة إلى ربط رواتب كبار المسؤولين بأدائهم الوظيفي. كما تسعى الحكومة إلى مضاعفة عدد الموظفين العاملين في مجالات الرقمنة والبيانات، ليشكلوا 10% من القوى العاملة في الخدمة المدنية خلال السنوات الخمس المقبلة، في خطوة تهدف إلى تحسين الكفاءة التشغيلية للمؤسسات الحكومية.
رقمنة العمل الحكومي

ويبلغ عدد موظفي القطاع الحكومي العاملين في المجال الرقمي والبيانات حاليًا 25,000 شخص، أي ما يعادل 5% من إجمالي القوى العاملة في الخدمة المدنية. وأكد مكتب مجلس الوزراء أن المبدأ الأساسي الذي سيوجّه هذه الإصلاحات هو تقليل الوقت المستغرق في المهام التي يمكن تنفيذها بكفاءة أعلى وأسرع عبر الوسائل الرقمية أو الذكاء الاصطناعي، دون المساس بجودة الخدمة.
وفي هذا السياق، أشار مصدر حكومي إلى أن الوزارات ستواجه “خيارات صعبة” فيما يتعلق بحجم القوى العاملة، لضمان الالتزام بالميزانيات المحددة من قبل وزارة الخزانة.
وقال مكفادين في بيان رسمي: “من غير المقبول أن تستمر بعض الجهات الحكومية في استخدام النماذج الورقية أو آلات التصوير التقليدية، في وقت تتوفر حلول أسرع وأرخص وأكثر كفاءة”.
تقليص الوظائف وإجراءات تقييم الأداء

وتأتي هذه الخطط ضمن استراتيجية أشمل لتعزيز كفاءة الإدارة الحكومية، حيث تستهدف الحكومة تقليص نحو 10,000 وظيفة في الخدمة المدنية. ورغم ذلك، لم يحدد مكفادين رقمًا دقيقًا بشأن عدد الوظائف التي سيتم خفضها، مؤكدًا أن المسألة تعتمد على مدى الحاجة إلى تحسين الأداء الحكومي.
وشدد الوزير على أن الموظفين الذين لا يحققون الأداء المطلوب سيخضعون لبرامج تطوير مهني، مع إمكانية إنهاء خدماتهم إذا لم يُظهروا تحسنًا خلال ستة أشهر.
وفي حديثه لبرنامج “صنداي ويذ لورا كوينسبرغ” على قناة BBC One، قال مكفادين إن الحكومة تعتزم تنفيذ إصلاحات “جذرية”، مضيفًا: “نؤمن بتقديم خدمات عامة ذات جودة عالية، وهو ما دفعنا إلى خوض الانتخابات. نحن نرى أن الدولة قادرة على توفير الأمن والفرص للمواطنين، وهذا هو المبدأ الذي سيوجه قراراتنا”.
وأكد أن “الإصلاحات تهدف إلى تحقيق أقصى فائدة مقابل الأموال التي تُنفق، وليس إلى تقليص حجم الدولة بشكل أيديولوجي”.
وأثارت هذه التوجهات قلق النقابات العمالية، التي انتقدت الحكومة لاتهامها موظفي الخدمة المدنية بالرضا عن تحقيق نتائج دون المستوى المطلوب.
وفي هذا السياق، أعرب بول نوواك، الأمين العام لمؤتمر نقابات العمال (TUC)، عن “خيبة أمله” إزاء مقترحات مكفادين، واصفًا إياها بأنها “مجرد محاولات للفت الأنظار، وليست خطة جادة لإصلاح القطاع العام”.
من جهته، وصف اتحاد موظفي الخدمة المدنية (FDA) المقترحات بأنها “إعادة تدوير لسرديات قديمة فشلت في تحقيق نتائج ملموسة”، بينما أكدت نقابة بروسبكت أن موظفي الخدمة المدنية كانوا “عنصرًا أساسيًا في تمكين المملكة المتحدة من تجاوز الأزمات التي شهدتها مؤخرًا”.
خلاف سياسي حول إصلاح الإدارة الحكومية

ويأتي هذا الجدل وسط خلاف سياسي بين حزب العمال والمحافظين حول أساليب إصلاح الهيكل الإداري للدولة. وأكد مكفادين أن حجم الخدمة المدنية شهد تضخمًا كبيرًا خلال فترة حكم المحافظين، مشيرًا إلى أن “بريكست” وجائحة كوفيد-19 كانا عاملين رئيسيين في هذا التوسع. كما انتقد حكومة بوريس جونسون لفشلها في تحقيق الأهداف التي حددتها بشأن خفض أعداد الموظفين.
وفي المقابل، أقر كريس فيلب، وزير الداخلية في حكومة الظل عن حزب المحافظين، بأن الجهاز الإداري للدولة “أصبح متضخمًا”، لكنه وصف خطط حزب العمال بأنها “ضعيفة وتفتقر إلى الحزم”، مقارنة بما كان يعتزم المحافظون تطبيقه قبل خسارتهم الانتخابات الأخيرة.
يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح حكومة ستارمر في تنفيذ هذه الإصلاحات دون المساس بجودة الخدمات العامة، أم أن هذه التغييرات ستؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها الجهاز الإداري؟
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇