هل تضحي بريطانيا بخصوصية المواطنين من أجل اتفاقية الذكاء الاصطناعي الجديدة؟

وقّعت شركة OpenAI، المطوّرة لتقنية ChatGPT، اتفاقًا مع الحكومة البريطانية يهدف إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة الخدمات العامة. وينصّ الاتفاق، الذي وُقِّع مع وزارة العلوم، على منح الشركة إمكانية الوصول إلى بيانات الحكومة، مع استخدام برمجياتها في قطاعات التعليم والدفاع والأمن ونظام العدالة.

وقال وزير التكنولوجيا، بيتر كايل، إن “الذكاء الاصطناعي سيكون عنصرًا أساسيًا في قيادة التغيير داخل بريطانيا ودفع النمو الاقتصادي”، بينما انتقدت منظمات الخصوصية الرقمية الشراكة، ووصفتها بأنها دليل على “ثقة الحكومة العمياء بشركات التكنولوجيا الكبرى وعروضها المثيرة للشكوك”.

اتفاق بريطاني مع OpenAI يركز على الشفافية وحماية المواطنين

ويشير الاتفاق إلى أن بريطانيا وOpenAI قد تطوران “برنامجًا لتبادل المعلومات” وتعملان على “إنشاء ضمانات تحمي المواطنين وتحافظ على القيم الديمقراطية”. كما يتضمن الاتفاق خططًا للاستثمار في بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، مثل توسيع مراكز البيانات. وأكدت OpenAI أنها ستوسع مكتبها في لندن، الذي يضم أكثر من 100 موظف.

وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة، سام ألتمان، أن هذه الخطوة ستساهم في “تحقيق الازدهار للجميع”. وأشار الدكتور غوردون فليتشر من جامعة سالفورد إلى أن هذه الشراكة قد “تحرّر الموظفين العموميين ذوي الكفاءات العالية للتركيز على القضايا المعقدة التي يصعب على الذكاء الاصطناعي التعامل معها”، لكنه شدّد على ضرورة تنفيذ هذه المبادرة “بشفافية وأخلاقية، مع الحدّ من استغلال البيانات العامة”.

تحذيرات من تسليم البيانات العامة للشركات التقنية وسط جدل حكومي

في المقابل، وصفت منظمة Foxglove الاتفاق بأنه “غامض للغاية”، وقالت مديرة المنظمة، مارثا دارك، إن “كمية البيانات العامة التي تحتفظ بها الحكومة ستكون ذات قيمة تجارية هائلة لشركة OpenAI لتطوير النسخة القادمة من ChatGPT”.

وأضافت: “يبدو أن بيتر كايل يسلّم شركات التكنولوجيا الكبرى مقاليد السيادة البريطانية.”

ويأتي الاتفاق بعد لقاءات بين كايل وسام ألتمان في مارس وأبريل، بينما تبحث الحكومة البريطانية عن طرق لتحفيز اقتصادها المتباطئ، الذي نما بنسبة 0.1%-0.2% فقط بين أبريل ويونيو. وفي يناير الماضي، أعلن رئيس الوزراء، كير ستارمر، “خطة عمل فرص الذكاء الاصطناعي” لتعزيز النمو، بدعم من كبرى شركات التكنولوجيا، لكن بعض الخبراء انتقدوا هذه الخطوة واعتبروها تركز بشكل مفرط على الشركات العملاقة.

في ذلك الوقت، رأى تيم فلاج، المدير التنفيذي للعمليات في UKAI – وهي هيئة تجارية تمثل شركات الذكاء الاصطناعي في بريطانيا ، أن المقترحات تبنّت “رؤية ضيقة” لمساهمي القطاع، وركّزت بشكل مفرط على شركات التكنولوجيا الكبرى.

استثمارات أمريكية جديدة في الذكاء الاصطناعي وسط انتقادات لحقوق النشر والمحتوى المضلل

كما أكدت الحكومة استعدادها لاستقبال استثمارات أمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ وقّعت في وقت سابق هذا العام اتفاقات مماثلة مع Google و Anthropic. وتعتقد الحكومة أن هذه الشراكات “ستفتح الباب أمام تطوير تقنيات ثورية للذكاء الاصطناعي في بريطانيا، مما يعزز الاكتشافات والنمو”.

وتستخدم الحكومة بالفعل أدوات مدعومة بنماذج OpenAI لتحسين إنتاجية الخدمة المدنية، في إطار مشروع يُعرف باسم “Humphrey”. لكن بعض الناشطين، بمن فيهم موسيقيون، انتقدوا استخدام الذكاء الاصطناعي، معتبرين أن البرمجيات التوليدية مثل ChatGPT قد تنتهك حقوق النشر باستعمال بيانات ومواد إبداعية دون ترخيص. كما أثارت التكنولوجيا جدلًا بسبب احتمالية تقديم معلومات خاطئة أو مضللة استنادًا إلى مدخلات المستخدمين.

رأي منصة العرب في بريطانيا (AUK) :

ترى منصة العرب في بريطانيا أن اتفاق الحكومة البريطانية مع OpenAI يعكس اندفاعًا غير متوازن نحو الاعتماد على شركات تكنولوجيا أجنبية في إدارة بيانات حساسة. ورغم أهمية الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات ودعم الاقتصاد، فإن غياب ضمانات واضحة لحماية خصوصية المواطنين يثير القلق.

نعتقد أن بريطانيا بحاجة إلى بناء قدرات وطنية قوية في الذكاء الاصطناعي بدل الارتهان لشركات أجنبية تسعى للربح أولاً. إن استمرار هذا النهج قد يضعف ثقة الجمهور بالمؤسسات إذا لم تكن هناك شفافية كاملة في كيفية استخدام البيانات.

ما رأيكم؟ هل توافقوننا أن هذه الشراكة تفتقر للتوازن المطلوب بين الابتكار وحماية الحقوق؟

المصدر : بي بي سي

إقرأ أيضًا :

• الذكاء الاصطناعي يهدد فرص الخريجين ويعيد رسم مستقبل العمل في بريطانيا
• استطلاع: 79% من البريطانيين يؤيدون جمع البيانات لأسباب أمنية
• الحكومة البريطانية تطالب آبل بالوصول إلى بيانات المستخدمين المشفرة