هاري وميغان يقطعان التعاون مع منظمة مسلمة بسبب دعمها لفلسطين

أعلنت مؤسسة “آرتشويل”، التي أسّسها الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل، إنهاء تعاونها مع منظمة نسائية مسلمة في الولايات المتحدة، إثر تصريحات مؤيدة لفلسطين أدلت بها مؤسِّسة المنظمة من أصول فلسطينية، واعتبرتها المؤسسة “مخالفة لقيمها”.
وقدّمت المؤسسة منذ عام 2023 منحتين بقيمة إجمالية قاربت 42 ألف باوند (نحو 55,700 دولار أمريكي) إلى “ائتلاف النساء المسلمات في ميلواكي” (Milwaukee Muslim Women’s Coalition – MMWC)، قبل أن تتراجع عن هذا الدعم الأسبوع الماضي، بعد رسالة تلقتها من شبكة NewsNation الأمريكية.
وأشارت الشبكة إلى أن جنان نجيب، مؤسِّسة المنظمة، وصفت إسرائيل في منشوراتها بأنها “دولة فصل عنصري”، في تعبير بات شائعًا في تقارير حقوقية دولية، من بينها رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية عام 2024، وتقارير لمنظمات مثل العفو الدولية.
وأوردت NewsNation أن نجيب طالبت بفرض حظر تسليحي على إسرائيل، ودعت إلى “تحرير فلسطين”، كما أعادت نشر الشعار السياسي الشهير: “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة”، وهو شعار غالبًا ما يُصنَّف على أنه مناهض للصهيونية.
آرتشويل: لا تسامح مع “الدعاية الكراهية”

وفي مدونة نشرتها نجيب العام الماضي، وصفت استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ 75 عامًا والمجازر في غزة بـ”الظلم الجسيم”، مضيفة: “من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة. ومن البحر إلى النهر، فلسطين ستبقى حيّة إلى الأبد”.
وردّت مؤسسة آرتشويل على ذلك برسالة وجّهتها إلى نجيب، جاء فيها: “جنان، تلقّينا مؤخرًا إشعارًا بشأن منشور يتعارض مع قيم المؤسسة. نحن نحتفي بالاختلاف في الخلفيات والآراء، لكننا لا نتسامح إطلاقًا مع الكلمات أو التصرفات أو الدعاية التي تُصنَّف كخطاب كراهية”.
وأوضحت المؤسسة أن المنحة صُمّمت أصلًا لدعم جهود إدماج النساء الأفغانيات في مدينة ميلواكي، وليس لأغراض تتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وكانت نجيب قد شكرت المؤسسة علنًا في 2023، قائلة إن “الدعم المالي ساعد على الاستجابة السريعة والفعالة للحرب على غزة”، مشيرة إلى أن جهود منظمتها، بالتعاون مع جهات محلية أخرى في ولاية ويسكونسن، سعت إلى رفع الوعي والمطالبة بحقوق الفلسطينيين.
يأتي قرار المؤسسة في وقت يواصل فيه الأمير هاري وميغان ماركل التأكيد على التزامهما بقضايا “العدالة الاجتماعية” ومكافحة العنصرية، إذ سبق أن صرّح هاري بأن إنهاء العنصرية “يتطلب جهد كل شخص على هذا الكوكب”، كما وجه هو وزوجته اتهامات علنية للعائلة المالكة البريطانية بالعنصرية، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في السنوات الأخيرة.
وتزامن الجدل الحالي مع تعرض الأمير هاري لانتقادات لاذعة في الصحافة البريطانية، بعد سفره إلى أوكرانيا التي تشهد حربًا دامية، بينما يُطالب داخل بلاده بتوفير حماية أمنية على نفقة دافعي الضرائب.
العلاقات الملكية مع إسرائيل: حساسية تاريخية

لم يقم أي فرد من العائلة المالكة البريطانية بزيارة رسمية إلى إسرائيل حتى عام 2018، حين زارها الأمير ويليام في الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل.
وتاريخيًا، ارتبط موقف العائلة المالكة تجاه إسرائيل بحساسية ناتجة عن التمردات الصهيونية ضد الانتداب البريطاني في فلسطين خلال أربعينيات القرن الماضي.
ونقل الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين عن الملكة الراحلة إليزابيث قولها إنها كانت تنظر إلى الإسرائيليين باعتبارهم “إما إرهابيين أو أبناء إرهابيين”، مضيفًا أنها رفضت استقبال أي مسؤول إسرائيلي داخل قصر باكنغهام.
وخلال زيارتها إلى الأردن عام 1984، تلقت الملكة خريطة تُظهر المواقع الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية، وردّت على ذلك بقولها: “يا لها من خريطة محبطة”.
تشارلز الثالث: الملك الأكثر تقاربًا مع الإسلام؟

الملك الحالي تشارلز الثالث سبق أن أثار جدلًا أيضًا بسبب آرائه تجاه إسرائيل. ففي رسالة تعود إلى عام 1986، كتبها خلال فترة تولّيه ولاية العهد، تحدث عن زيارته للمنطقة وقراءته لبعض أجزاء القرآن، معربًا عن إعجابه بـ”بعض جوانب الإسلام”.
وقال في الرسالة إنه بدأ يفهم وجهة النظر العربية إزاء إسرائيل، مضيفًا: “لم أكن أدرك أن العرب يعتبرون إسرائيل مستعمرة أمريكية”.
وتابع قائلًا: “بدأت أفهم أن العرب واليهود جميعهم ينتمون إلى الأصل السامي ذاته… لكن تدفّق اليهود الأوروبيين – خصوصًا من بولندا، كما يقولون – ساهم في خلق مشكلات كبيرة”.
لكن أكثر ما أثار الجدل في رسالته كان تساؤله: “ألا يوجد رئيس أمريكي يتحلّى بالشجاعة لمواجهة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة؟”
في خضم هذا السجال، يُعيد قرار مؤسسة هاري وميغان تسليط الضوء على القيود التي تواجهها الأصوات المؤيدة لفلسطين في الفضاء المدني الغربي، وعلى الحدود غير المُعلنة للتضامن حين يتعلّق الأمر بإسرائيل، حتى داخل مؤسسات ترفع شعار التنوع والعدالة الاجتماعية.
المصدر ميدل ايست اي
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇