نقابة الأطباء المقيمين: زيادة 29% بالأجور “غير قابلة للتفاوض”

أكد رئيس نقابة الأطباء البريطانيين الجديد، الدكتور توم دولفين، أن مطلب الأطباء المقيمين بالحصول على زيادة بنسبة 29 في المئة في رواتبهم غير قابل للتفاوض، منبّهًا إلى أن هذه الزيادة ليست معقولة فقط، بل قابلة للتنفيذ من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).
واعتبر أن هذه النسبة ضرورية لتعويض التراجع الحقيقي في قيمة الأجور منذ عام 2008، وأن الإضرابات قد تستمر سنوات حتى تحقيق ما وصفه بـ”الاستعادة الكاملة” لحقوق الأطباء.
موقف حاسم من النقابة وتحذير من استمرار الإضراب
وفي أول مقابلة له منذ تسلمه رئاسة مجلس نقابة الأطباء (BMA)، صرّح دولفين لصحيفة الغارديان بأن النقابة لن تقبل بأي عرض يقل عن نسبة الـ29 في المئة؛ لكونها تمثل الخسائر الفعلية في القوة الشرائية لأجور الأطباء المقيمين خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن المطلب يستند إلى مبدأ واضح، وأن خفض النسبة المقترحة سيقوض هدف استعادة الأجور الحقيقية.
وأشار دولفين إلى أن الإضراب الواسع الذي يعتزم الأطباء تنفيذه ويستمر خمسة أيام هذا الشهر هو نتيجة مباشرة لعدم استجابة وزير الصحة، ويس ستريتينغ، لمطالبهم هذا العام، على الرغم من منحه الأطباء زيادة بلغت 22 في المئة على مدى عامين في العام الماضي، دون مواصلة هذا النهج هذا العام.
رفض لعرض الحكومة ومطالبات باتفاق طويل الأمد
وكانت الحكومة قد قدمت عرضًا بزيادة 5.4 في المئة للأطباء المقيمين هذا العام، وهو ما رفضته النقابة على الفور، مع أنه يُعد الأعلى بين العاملين في القطاع العام؛ لأن العرض لا يتضمن أي عنصر من عناصر استعادة قيمة الأجور.
وأوضح دولفين أن النقابة مستعدة للوصول إلى هدف الـ29 في المئة من خلال اتفاق يمتد لثلاث سنوات، مشيرًا إلى أن الأطباء مرنون في آلية تنفيذ هذا المطلب، لكنهم لن يتنازلوا عنه من حيث المبدأ.
وأضاف: “يمكن تقسيم الزيادة إلى نسب إضافية قليلة هذا العام، تليها نسب أكبر في العامين التاليين. المهم هو التزام الحكومة بتحقيق الهدف النهائي”.
أزمة ثقة بين النقابة ووزير الصحة
اتهم دولفين وزير الصحة باستخدام “لغة عاطفية” بدلًا من التعامل مع القضية بعقلانية، مضيفًا أن الوزير يرفض لقاء ممثلي النقابة لمناقشة المطالب، ويطلق تصريحات تحمل طابعًا تهديديًّا، مثل قوله إن الجمهور لن يغفر للأطباء إضرابهم.
وفي المقابل، طرح ستريتينغ فكرة ربط الزيادات في الرواتب بتنازلات في شروط التقاعد، كأن يوافق الأطباء على تقليص ميزات معاشات هيئة الصحة الوطنية (NHS) مقابل رواتب أعلى أثناء الخدمة، إلا أن دولفين رفض هذا الطرح، مشيرًا إلى أن (NHS) قادرة ماليًّا على تلبية المطلب دون الحاجة لمثل هذه المقايضات.
وأوضح أن الكلفة الإجمالية لتحقيق مطلب 29 في المئة تبلغ 1.73 مليار باوند، لكنها تنخفض فعليًّا إلى 920 مليون باوند فقط بعد احتساب الضرائب، وهو ما يعادل أقل من 0.5 في المئة من ميزانية (NHS) السنوية البالغة 190.8 مليار باوند.
انتقادات من مسؤولين وأصوات معارضة داخل المجتمع الطبي
من جانبها عبّرت مؤسسة (NHS Confederation) عن قلقها من تأثير الإضراب المرتقب على التزام الحكومة بتحقيق هدف معالجة 92 في المئة من حالات الانتظار في المستشفيات خلال 18 أسبوعًا بحلول عام 2029، مؤكدة أن أي انقطاع في الخدمات قد يؤدي إلى إلغاء عشرات الآلاف من المواعيد والعمليات الجراحية، مع اضطرار الاستشاريين والعاملين الآخرين إلى تغطية النقص.
كما أعلن البروفيسور روبرت وينستون، عضو مجلس اللوردات وأحد رواد علاجات الخصوبة في بريطانيا، استقالته من نقابة الأطباء بعد عضوية دامت أكثر من ستة عقود، معتبرًا أن الإضرابات “خطرة للغاية” وتهدد ثقة الجمهور في مهنة الطب.
وقال: “هذا ليس وقت الإضراب. البلاد تمر بأزمة والناس يعانون. على الأطباء أن يتذكروا أن كل مريض أمامهم هو إنسان خائف ومتألم، ويجب عليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية بجدية”.
ودعا وينستون النقابة إلى التفاوض مع الحكومة لتحسين ظروف العمل، ويشمل ذلك المناوبات الليلية السيئة، بدلًا من اللجوء للإضراب.
ردود فعل رسمية ورفض حكومي للمطالب
بدورها اعتبرت وزارة الصحة تصريحات دولفين “غير مسؤولة وغير منطقية”، وقالت إن الوزير منفتح على مناقشة مجموعة من القضايا لتحسين ظروف عمل الأطباء المقيمين، لكن استمرار النقابة في رفض التفاوض مع تهديد بالإضراب يمثل تصعيدًا خطيرًا.
وقالت الوزارة في بيان رسمي: “لا يزال هناك وقت لتجنّب الإضرابات. يجب أن نواصل العمل معًا لإعادة بناء (NHS) بدلًا من تعريض المرضى والعاملين في القطاع للخطر”.
مستقبل غامض للحوار
يُذكر أن الأطباء المقيمين قد نفّذوا 11 إضرابًا على مدى 44 يومًا بين آذار/مارس 2023 وتموز/يوليو 2024، ويبدو أن الجولة المقبلة من الإضرابات قد تستمر لفترة غير محددة، في ظل تمسك النقابة بمطالبها.
وأكد دولفين في ختام حديثه: “هذه الحملة مستمرة منذ سنوات، وسنواصل المسير حتى تتحقق العدالة للأطباء. القرار الآن بيد وزير الصحة”.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇