نشطاء: قمع احتجاجات فلسطين في جامعة برمنغهام وصمة عار وطنية

تُعد حرية التعبير حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان، ويجب أن تكون الجامعات بيئة حاضنة للنقاش الحر والتفكير المستقل، حيث يمكن للطلاب والموظفين تبادل الأفكار دون خوف من القمع أو العقوبات.
ولكن في السنوات الأخيرة، تصاعدت المخاوف بشأن تآكل حرية التعبير في الجامعات البريطانية، حيث يواجه الطلاب وأعضاء النقابات ضغوطًا متزايدة؛ بسبب آرائهم ونشاطاتهم السياسية، وجامعة برمنغهام ليست استثناءً من هذا التوجه.
قمع الحركة المؤيدة لفلسطين في جامعة برمنغهام
في خطوة أثارت انتقادات واسعة النطاق، تعرض طلاب جامعة برمنغهام لإجراءات تأديبية مشددة بعد احتجاجهم على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.
وقد يواجه بعض هؤلاء الطلاب الطرد أو المنع من التخرج نتيجة مشاركتهم في هذه الاحتجاجات، التي تُعد شكلًا مشروعًا من أشكال التعبير الديمقراطي.
وجاء هذا القمع في وقت أجرت فيه الجامعة مراجعة على مدونة ممارساتها بشأن حرية التعبير دون التشاور مع نقابات الموظفين، ما زاد من غموض الهدف الحقيقي لهذه التعديلات.
ويؤكد فرع اتحاد الجامعات والكليات في برمنغهام (BUCU) أن هذه التعديلات غير فعالة وتمس بطريقة مباشرة بحرية التعبير، ما دفعه إلى تقديم مقترحات بديلة؛ لضمان تحقيق التوازن بين حرية الرأي والاعتبارات الأمنية المشروعة.
إلغاء الفعاليات وأساليب الترهيب
في ديسمبر/كانون الأول 2023، ألغت جامعة برمنغهام في اللحظة الأخيرة فعالية أكاديمية كانت تناقش القانون الدولي في فلسطين؛ بسبب إدراج صورة “بطيخ” على النشرة الإعلانية، وهو رمز معروف للتضامن مع القضية الفلسطينية.
ولم تقدم الجامعة تفسيرًا واضحًا في حينه، قبل أن تزعم لاحقًا أن الحدث قد أُرجِئ، وهو ما لم يتحقق فعليًّا.
يضاف إلى ذلك سجل الجامعة في استخدام الإجراءات القانونية لقمع الاحتجاجات الطلابية، كما حدث في عام 2014 عندما لُفِّقت اتهامات لطالب يدعى سيمون فورس بالاعتداء على أحد الحراس خلال احتجاج على الرسوم الدراسية.
ومع أن القضية انهارت لاحقًا بعد ظهور أدلة تثبت براءته، فإن الجامعة كانت قد اتخذت بالفعل إجراءات تأديبية ضده وضد طلاب آخرين.
استهداف الطلاب المؤيدين لفلسطين
في أحدث حلقات القمع، تخضع أنطونيا ليسترات، وهي طالبة في السنة الأخيرة في القانون الدولي والعولمة، لإجراءات تأديبية بدأت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتواجه اتهامات بالمشاركة في احتجاجات “غير مصرح بها”، من بينها التظاهر خارج اجتماع اللجنة الفرعية للاستثمارات الجامعية.
ومع أن محكمة العدل الدولية وصفت الاحتلال الإسرائيلي بأنه غير قانوني، وأكدت منظمات حقوقية مثل العفو الدولية أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية، فإن جامعة برمنغهام اختارت اتخاذ موقف متشدد ضد النشاط الطلابي المؤيد لفلسطين.
وفي حالة أخرى، تواجه الطالبة ماريا إجراءات تأديبية قد تمنعها من التخرج هذا العام؛ بسبب مشاركتها في احتجاجات سلمية داخل الحرم الجامعي.
وكانت الجامعة قد طلبت منها المغادرة خلال أحد الاحتجاجات، لكنها فوجئت لاحقًا بتلقيها خطابًا تأديبيًّا يتهمها بترهيب الموظفين واستخدام لغة مسيئة.
رفع القضايا ضد الطلاب وفرض غرامات باهظة
لم تكتفِ الجامعة بالإجراءات التأديبية، بل لجأت إلى القضاء لإسكات الحركة الطلابية، حيث رفعت دعوى قضائية في محاولة لإغلاق اعتصام مؤيد لفلسطين داخل الحرم الجامعي.
وقد نجحت في كسب القضية، ما أجبر ماريا علي، التي كانت المدعى عليها الوحيدة المذكورة بالاسم، على توقيع عقد يمنعها من الاحتجاج داخل الجامعة تحت تهديد دفع غرامة تصل إلى 60 ألف باوند، إضافة إلى إمكانية إدانتها جنائيًّا في حال انتهاكها شروط العقد.
دعم دولي وإدانة أممية
في ظل هذا القمع المتصاعد، أطلقت ليسترات وعلي حملة مناهضة للإجراءات التأديبية، وحظيتا بدعم شخصيات بارزة، مثل النائب البريطاني جيريمي كوربين والموسيقي بريان إينو، إضافة إلى المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي، جينا روميرو، التي وصفت قمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الجامعات البريطانية بأنه “كشف عن بيئة معادية لممارسة الحقوق الأساسية”.
كما انتقدت الدكتورة لوسي ريزوفا، المحاضرة في تاريخ الشرق الأوسط وعضو لجنة جامعة برمنغهام، موقف الجامعة من الاحتجاجات، مؤكدةً أن زملاءها الأكاديميين يخافون من التحدث علنًا عن الإبادة الجماعية في غزة؛ خشية الاتهام بمعاداة السامية، أو بسبب اعتقادهم الخاطئ بأن عليهم واجب الولاء للزملاء اليهود.
وأشارت إلى أن إدارة الجامعة حاولت ترهيبها وإسكاتها عدة مرات بسبب مواقفها المناصرة لفلسطين.
موقف الجامعة والاتهامات باللامبالاة
عند سؤالها عن موقفها من هذه الاتهامات، رفضت جامعة برمنغهام الرد بوضوح على مزاعم القمع والترهيب، ما زاد من الانتقادات الموجهة إليها. واعتبر ناشطو حقوق الإنسان أن هذا الصمت يعكس سياسة ممنهجة لإسكات الأصوات المعارضة داخل الحرم الجامعي.
المصدر: The Canary
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇