ندوة “العرب في بريطانيا”: لا يجب الاستسلام للتغييرات المتوقعة في قوانين الهجرة
نظّمت منصة العرب في بريطانيا (AUK) مساء السبت 31 مايو 2025 ندوة حوارية بعنوان: “مستقبلنا كمهاجرين في بريطانيا: الفرص والتحديات”، وذلك في قاعة B21 Gallery، وسط حضور نوعي وتفاعل لافت من أبناء الجاليات العربية والمسلمة، استجابة لحالة القلق المتزايدة بشأن التعديلات المقترحة على قوانين الهجرة والإقامة في المملكة المتحدة.
شارك في الندوة عدد من المختصين في القانون والإعلام والعمل المجتمعي، وهم: المحامية والباحثة القانونية ميس نعمة، والناشط المجتمعي والمستشار المهني نبيل الصوفي، والإعلامي والمحلل السياسي علاء بيومي، وأدار الجلسة صلاح عبد الله، نائب رئيس تحرير منصة “العرب في بريطانيا”.
نبيل الصوفي: الورقة البيضاء تمهد لتحول خطير في ملف الهجرة
استهل المستشار المهني نبيل الصوفي الندوة باستعراض تحليلي لما تضمّنته “الورقة البيضاء” الصادرة مؤخرًا عن الحكومة البريطانية، معتبرًا أنها تمثّل تحوّلًا سياسيًا متوقعًا نحو مزيد من التشدد في التعامل مع المهاجرين، في ظل ضغط شعبي وإعلامي متصاعد، وسعي الحكومة لإظهار الحزم في ضبط الحدود وتخفيف الأعباء الاقتصادية.
وقال الصوفي إن أبرز ما ورد في الوثيقة يشمل:
- تشديد شروط الإقامة الدائمة (ILR)، بفرض اختبارات إضافية وربط الاستحقاق بالاستقلال المالي التام.
- إعادة هيكلة نظام النقاط، بتقليص الامتيازات لبعض المهن وزيادة التركيز على المؤهلات والخبرة البريطانية.
- تقييد لمّ الشمل الإنساني، عبر رفع المعايير وتقليص الحالات المستثناة.
- توسيع صلاحيات الترحيل الإداري، بما يسمح بإبعاد المقيمين حتى في حالات الارتباط الأسري والمجتمعي داخل بريطانيا.
وأكد الصوفي أن “الورقة ليست قانونًا نافذًا بعد، لكنها تكشف بوضوح عن توجّه سياسي يتطلب من الجاليات الاستعداد له، وبناء أدوات تأثير جماعية بدلًا من الاكتفاء بردود الفعل أو الانتظار السلبي”.
ميس نعمة: لا نزال نملك أدوات قانونية فعالة.. ولنكرر تجربة رواندا
من جهتها، تناولت المحامية ميس نعمة الورقة البيضاء من زاوية قانونية، معتبرة أنها تمثل إعلان نوايا وليس قانونًا مُلزِمًا بعد، ما يفتح المجال للتأثير في المسار البرلماني والقضائي الذي ستسلكه لاحقًا.
وقالت النعمة إن على المحامين والمجتمع المدني أن يتحركوا مبكرًا، مشيرة إلى أن تجربة الطعن بقانون ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا يجب أن تكون دافعًا، حيث نجح التحرك القانوني في تأخيره بل وعرقلته عبر المحاكم البريطانية والأوروبية.
وأضافت أن من أبرز الأدوات القانونية المتاحة:
- حق الطعن الفردي في الحالات المتضررة.
- المواثيق الدولية وخاصة المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقة بالحياة الأسرية.
- المذكرات القانونية الجماعية التي يمكن تقديمها للبرلمان والمؤسسات القضائية.
- المرافعة القانونية والإعلامية لتسليط الضوء على التعديلات المجحفة والتأثير في الرأي العام.
وختمت مداخلتها بالقول: “نحن لا نواجه قدرًا حتميًا، بل سياسات قابلة للنقض والتعديل متى وُوجهت بعمل قانوني ومجتمعي منظم وفاعل.”
علاء بيومي: خطاب معادٍ للمهاجرين يخفي أزمة اقتصادية عميقة
أما الإعلامي والمحلل السياسي علاء بيومي، فقد قدّم مداخلة تحليلية تسلّط الضوء على البُعد الاقتصادي لأزمة الهجرة، مؤكدًا أن تحميل المهاجرين مسؤولية تدهور المعيشة في بريطانيا “لا يعكس الواقع، بل يهرب من مواجهة الحقائق البنيوية”.
وأوضح بيومي أن بريطانيا تُعد سادس أكبر اقتصاد عالميًا، ويبلغ نصيب الفرد من الناتج القومي أكثر من 54 ألف باوند سنويًا، ورغم ذلك، فإن أكثر من نصف السكان يتقاضون أقل من 30 ألف باوند سنويًا، مما يعكس فجوة صارخة بين الثروة العامة وتوزيعها الاجتماعي.
وأضاف: “في اقتصاد يعتمد بنسبة 80% على الخدمات، ويملك قاعدة صناعية لا تتجاوز 16%، تصبح الحاجة إلى اليد العاملة الماهرة والفعالة – التي يمثلها المهاجرون – أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.”
وحذّر بيومي من “تحويل المهاجرين إلى شماعة لتعليق الفشل الاقتصادي”، مشددًا على أن المطلوب هو خطاب عقلاني جديد يعترف بدور المهاجرين كجزء من الحل، لا كأصل المشكلة.
صلاح عبد الله: نحتاج تكاتفًا واندماجًا واعيًا
وفي ختام الندوة، دعا صلاح عبد الله، نائب رئيس تحرير منصة “العرب في بريطانيا” ومدير الجلسة، إلى توحيد جهود الجاليات في مواجهة هذه التحديات، و”الانتقال من موقع الدفاع إلى المبادرة”.
وأكد عبد الله على أهمية الاندماج الإيجابي في المجتمع البريطاني، بوصفه وسيلة لإثبات الكفاءة والمساهمة في البناء، وليس فقط كاستجابة للضغوط السياسية.
وقال: “علينا أن نكسر الصور النمطية، وأن نُظهر أبناء الجاليات كطاقات منتجة وشريكة في التنمية.”
كما دعا إلى مزيد من التفاعل مع منصة “العرب في بريطانيا”، مشيرًا إلى أن المنصة تسعى لتكون جسرًا بين الجاليات وصنّاع القرار، ومنبرًا للتوعية والدفاع عن الحقوق، داعيًا المهتمين إلى التواصل والانخراط في جهودها القادمة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
التعليقات
اترك تعليقا
19°C
نشكر الأخوة القائمين على هذا الصرح الاعلامي و نثمن انشطتهم. لقد كانت ندوة مفيدة للغاية و تنظيم في المستوى المطلوب ، الاساتذة مشكورين على ما قدموه من إيضاح و رؤى مستقبلية لكل من يهم حياة المهاجرين في بريطانيا و مدى التحديات المنتظر و المرتقبة في ظل الانتكاسة التضليلية للسياسيين عبر بوابة الهجرة و المهاجرين.
نأمل أن تنظم ندوات أخرى مستقبلا لتشمل جميع الميادين التوعية.
بارك الله فيكم جميعا.