نايجل فاراج في طريقه للسلطة.. القصة الكاملة لرحلته السياسية

تصدّر نايجل فاراج زعيم حزب إصلاح بريطانيا اليميني المتطرف حديث الساعة في بريطانيا مجددًا، بعد أن عاود الظهور مرةً أخرى في التجمعات الانتخابية.
واستضاف فاراج عدة فعاليات لجمع التبرعات في منطقة ماي فير، كما شوهد مؤخرًا في برنامج صباحي على قناة “آي تي في”.
يأتي ذلك بعد أن شهد حزب إصلاح بريطانيا (Reform UK) صعودًا سريعًا في استطلاعات الرأي منذ تموز/ يوليو الماضي، وهو ما أعاد الأمل لأنصار فاراج وحزبه اليميني المتطرف في الوصول إلى سدة الحكم، في ظل مخاوف من تزايد شعبية اليمين المتطرف على حساب كل من العمال والمحافظين.
“لحظة تاريخية في السجل السياسي لفاراج”
وفي هذا الصدد قال أحد المتبرعين الداعمين لفاراج: “نحن نشهد لحظة تاريخية، مثل ما جرى في عامي 1789 أو 1917، حيث سنتمكن من الإطاحة بالنظام القديم في بريطانيا، وستشهد المملكة المتحدة ثورة سياسية جديدة.”
هذا ويعتبر فاراج الوجه الأبرز لحزب الإصلاح، إلا أنه محاط بدائرة من رجال الحزب ممن يعملون على زيادة شعبية الحزب اليميني المتشدد بحيث يصبح الأكثر جاذبية للجمهور البريطاني، على غرار الطريقة التي استقطب بها دونالد ترامب الناخبين الأمريكيين.
ومن أبرز رجال الحزب، زياد يوسف، رجل الأعمال ورئيس الحزب، إلى جانب الملياردير نيك كاندي، المسؤول عن جمع التبرعات. كما يلعب جورج كوترل، صديق فاراج المقرب والمدان سابقًا في قضايا احتيال، دورًا بارزًا رغم عدم امتلاكه منصبًا رسميًا داخل الحزب.
كما يقف خلف نجاح فاراج فريق من المستشارين الشباب، الذين يروجون له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عبر نشر مجموعة من الخطابات المثيرة للجدل حول الهجرة والسياسات البيئية والتنوع، جنبًا إلى جنب مع مقاطع فكاهية تعود لفاراج.
ويبدو أن الهدف المشترك لجميع هؤلاء المستشارين هو “إضفاء طابع العمل السياسي الاحترافي” على الحزب، مع الحفاظ على صورة فاراج كشخصية “مرحة”، وبالتالي تحويل حزب الإصلاح الذي عانى سابقًا من الفوضى والعشوائية إلى قوة انتخابية ذات مصداقية.
وسرعان ما نقل فاراج مقر حزبه إلى برج ميلبانك الواقع على ضفاف نهر التايمز، بالقرب من وستمنستر، وهو مبنى سبق أن استخدم من قبل حزب المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون، كما شهد التخطيط لانتصار حزب العمال بقيادة توني بلير عام 1997.
وتقول بعض المصادر أن رجل الأعمال زياد يوسف الذي يعتبر الممّول الأساسي للحزب، يتردد على نفس المكان باستمرار، ولدى فاراج أيضًا مكتب في المقر الجديد.
وكان فاراج قد فوّض معظم الصلاحيات التنفيذية في الحزب إلى يوسف، الذي برز كمتبرع رئيسي قبل ذلك بأشهر خلال انتخابات 2024.
وأغلق يوسف المقر القديم للحزب في مدينة أشبي دي لا زوش بمقاطعة ليسترشير خلال فترة وجيزة، كما تخلى عن مكتب مستأجر في فيكتوريا بلندن، والذي كان يُعتبر مجرد “قاعة اجتماعات” للحزب.
ووفقًا لمصادر داخل الحزب فقد قدم يوسف عرضًا بإمكانية التبرع بمبلغ مكون من ستة أرقام في ربيع العام الماضي، ويُقال إنه كان يبحث عن مشروع جديد بعد بيع شركته “فيلوسيتي بلاك” وتحقيقه أرباحًا تُقدر بـ 32 مليون باوند.
هذا و أدهش يوسف الموظفين عندما اقترح تطبيق نظام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لحشد المتطوعين في الحزب مستفيدًا من خبرته السابقة في بنك “غولدمان ساكس”. و
رغم بعض الاعتراضات الأولية، تمكن يوسف من فرض رؤيته، وهو ما أدى إلى إخضاع مسؤولي الحزب لنظام قياس الأداء.
هذا وتوسع الحزب إلى أكثر من 400 في جميع أنحاء بريطانيا بفضل سياسات يوسف، حيث يعمل الحزب على وضع سياسات خاصة قد تكون عاملًا حاسمًا لتحقيق الفوز في الانتخابات القادمة.
توسع دائرة نفوذ حزب الإصلاح
وإلى جانب يوسف، هناك مجموعة من المستشارين الشباب الذين يلعبون دورًا رئيسيًا في تحسين صورة فاراج على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمتلك الآن أكثر من مليون متابع على تيك توك و2.2 مليون على منصة “إكس”، متفوقًا على زعيم حزب العمال كير ستارمر.
ويقف هؤلاء المستشارون خلف التجمعات الجماهيرية التي ينظمها فاراج من إسكس إلى شمال شرق إنجلترا، والتي تختلف تمامًا عن أسلوب حملات حزب العمال والمحافظين.
وتبدأ هذه الفعاليات بخطابات حماسية، قبل أن يدخل فاراج وسط حشد من الجماهير على أنغام أغنية “Guess Who’s Back” لإمينيم، وهي الأغنية التي أصبحت رمزًا لحملته بعد استخدامها لأول مرة في الانتخابات الماضية.
ويضم فريق فاراج مجموعة من الإعلاميين الشباب من خلفيات يمينية، مثل آرون لوبو، وهو منتج سابق في قناة “جي بي نيوز”، وجاك أندرتون، البالغ من العمر 24 عامًا، والذي يروج لسياسات الحزب المناهضة للهجرة باعتبارها قضية رئيسية لجيل الشباب.
كما انضم تشارلز كارلسون، ابن شقيق المذيع الأمريكي الشهير تاكر كارلسون، إلى الفريق الإعلامي للحزب، حيث يتولى التنسيق مع الصحفيين وقيادة المؤتمرات الصحفية.
وبينما يتحدث فاراج ويوسف عن الاحترافية في العمل الحزبي، يكتسب الولاء للأيدولوجيا المشتركة أهمية كبيرة في الحزب ولو على حساب السجلات الشخصية النظيفة داخل الحزب.
وخير مثال ذلك هو منح ماثيو ماكينون، منصب في الحزب بعد أن أُدين سابقًا بجرائم تتعلق بالعنف أثناء شغله لمنصب المستشار السابق في حزب المحافظين.
وتبنى الحزب أيضًا شخصيات معروفة بسجلها السياسي المشبوه مثل جيمس مكموردوك، الذي قضى عقوبة السجن في شبابه بتهمة الاعتداء على صديقته، ولي أندرسون، الذي طُرد من حزب المحافظين بسبب تصريحات مثيرة للجدل حول عمدة لندن صادق خان.
ولعل أبرز الشخصيات المثيرة للجدل داخل الحزب هو جورج كوترل، المعروف بلقب “جورج الأرستقراطي”، الذي يُعرف بكثرة ظهوره إلى جانب فاراج في الفعاليات الاجتماعية، رغم ماضيه الجنائي وعلاقاته المشبوهة في عالم المال، علمًا أنه لا يمتلك أي منصب رسمي في الحزب.
رغم تزايد شعبية الحزب، إلا أن الانقسامات بدأت تظهر بين قياداته، خاصةً بشأن العلاقة مع اليمين المتطرف. حيث أثار قرار الحزب بالنأي عن الناشط تومي روبنسون، مؤسس “رابطة الدفاع الإنجليزية” المعادية للإسلام، غضب بعض أعضائه.
وفي الوقت نفسه، تواجه القيادة انتقادات من بعض الأعضاء الذين يشعرون بأن الحزب يفتقر إلى الديمقراطية الداخلية، خاصة في ظل سيطرة فاراج المطلقة على مفاصل الحزب.
فاراج ومصادر الدخل المشبوهة
استطاع نايجل فاراج جمع مبلغ قدره 600 ألف باوند من أنشطته على وسائل التواصل الاجتماعي، وعمله في قناة GB News، وصفقته لترويج الذهب لصالح شركة Direct Bullion، منذ أن أصبح نائبًا في البرلمان.
وفي شهر واحد فقط، أمضى 28 ساعة في تسجيل رسائل فيديو شخصية عبر منصة Cameo مقابل 76 باوند لكل رسالة، محققًا بذلك 27 ألف باوند.
وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل على انتهاكه لقواعد العمل السياسي، إلا أن قضاءه هذا الوقت الطويل في أعمال غير سياسية قد ينعكس سلبًا عليه أمام الناخبين، سواء في دائرته الانتخابية بإسيكس أو خلال الانتخابات المقبلة.
ووصف المتحدث باسم حزب الإصلاح التقارير الصحفية التي انتقدت فاراج بأنها “هجمات متوقعة” نظرًا لأن الحزب،أصبح “الأكثر شعبية في البلاد”.
وأضاف المتحدث: “لن يتمكن أصحاب النوايا السيئة من اختراق حزب الإصلاح، لأن قوتنا الشعبية تتجلى في النمو الاستثنائي لعدد أعضاء الحزب، حيث أضاف الحزب 100 ألف عضو خلال 75 يومًا، وسرعان ما سيصبح أكبر حزب في المملكة المتحدة”.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇