من قلب لندن: القدس في قلوبنا

الاجتماع لأجل القدس في قلب لندن له رمزيته الخاصة؛ حيث البلد الذي وطّن الاحتلال في فلسطين وسهّل مهمة هجرة المحتلّ من شتى بقاع العالم للاستقرار فيها أثناء فترة استعماره لها منذ عام 1917.
وعليه كانت دعوة المنتدى الفلسطينيّ في بريطانيا تتجدّد سنويًّا للمرة الثامنة لالتفاف العرب في بريطانيا جميعًا حول هذه المكانة للقدس مع وجود البوصلة الواضحة في حبّها وأهميتها لمعظم الشعوب العربية.
يمكنكم الاستماع إلى هذا المقال صوتياً هنا: |
القدس تجمع ولا تفرّق وتقرّب ولا تباعد، وهي من القضايا القليلة التي لا يختلف فيها اثنان من أمتنا بشأن أهميتها وضرورة فدائها وتخليصها من الظلم الواقع عليها.
تمكن صلاح الدين الأيوبي تحت لوائها من حشد طاقات الأمة وتوحيد ولاياتها وتجاوز خلافاتها وجمع كلمتها حتى مضت بقدها وقديدها لتحريرها في ليلة مشهودة وحشد تاريخيّ عظيم، لا يزال العالم يستلهم منه الدروس والعبر حتى هذا اليوم.
وكان صلاح الدين سيفًا مسلّطًا على ظلم الحكام وجورهم ويُؤثر عنه أنّه قال: “يعتقد بعض السلاطين أنَّ البطش يحفظ الملك وأنَّ العامة على دين ملوكهم، فتُزيّن لهم بطانتهم أعمالهم حتى ينقطع ما بين العامة وبين السلاطين، فيحسبون أنَّ السكون خضوعًا حتى تأتى الأيّام بما غفلوا عنه حين لا ينفع الندم”.

فإرساء العدل والتواصل بين الحكام وشعوبهم عنوان تسير نحوه قوافل تحرير القدس، ورفع الظلم عن مقدساتنا وأرضنا التي بارك الله فيها وحولها.
القدس عنوان لا يقبل التجارة أو المزايدة الرخيصة من أيّ شخص كائنًا من كان، وهي على مرّ التاريخ رافعة لمن يُعنى بها ويهتمّ لأمرها خافضة لغيره.
وعليه كان تخليد التاريخ لفاتح القدس الفاروق عمر بن الخطاب ومحرّرها من بعده صلاح الدين، استثنائيًّا حتى أن أحدنا لا يذكر اسم الحاكم الذي فرط بالقدس بعد الفتح العمريّ ولا يهتمّ لأمره أو حتّى اسمه مجردًا.

واليوم والاحتلال يزيد من خطره المحدق بالقدس وأهلها بوسائل شتى من أبرزها تهديد ديموغرافية القدس بإحلال المستوطنين من اليهود المؤمنين بدولة الاحتلال وجدارها العنصريّ مكان المقدسيين مسلمهم ومسيحيهم.
حتى أنّ مسيحيي القدس الذين كانوا يتجاوزون خمسة وثلاثين ألفًا قبل سبعين عامًا تضاءل عددهم إلى بضع مئات بدلًا من أن يزيد ويتضاعف بالمنطق الطبيعيّ للنمو السكانيّ؛ حيث سهّلت الدول الغربية المتواطئة مع إسرائيل هجرتهم إلى مختلف دول العالم.
فضلًا عن الحفريات الخطيرة تحت المسجد الأقصى والاقتحامات المتكررة له والسعي لتقاسم العبادة فيه زمانيًّا ومكانيًّا وهدم منازل المقدسيين وفرض الضرائب العالية عليهم والسعي المتواصل لشراء عقاراتهم وإنهاء عقود الاستئجار للمستأجرين منهم ووضع اليد على أملاك الغائبين وتفاصيل أخرى كثيرة يضيق مقال واحد عن حصرها.

إنَّ الاهتمام بالقدس وقضيتها أولوية لا يجوز التفريط بها أو التقصير بحقّها، والجاهل في التاريخ والدين فقط هو الذي لا يُحسن تقدير مكانتها ومركزيتها، وعليه أفلح من اشتغل بأيّ أمر مهما كان بسيطًا في خدمة مشروع خلاصها من هيمنة المحتلّ عليها وادعائه زورًا أنّها عاصمته.
تعالوا نسأل أنفسنا كلَّ ليلة قبل أن ننام على فراشنا ماذا قدّمنا اليوم للقدس وماذا يُمكن أن نقدّم غدًا، وكيف لنا أن نعمل مع أمتنا بمختلف أفكارها ومشاربها خدمة للقدس وقضيتها المباركة وإنَّ تحريرها لآت عاجلًا غير آجل ” ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا”.
اقرأ أيضًا:
فعالية العشاء الفلسطيني النباتي في لندن
الأكاديمية الفلسطينية شهد أبو سلامة تنتصر وتحافظ على عملها في جامعة شيفيلد
الرابط المختصر هنا ⬇