من سوريا إلى الأردن ثم ويلز.. عبدالله الرواس يروي قصته لصحيفة محلية
![من سوريا إلى الأردن ثم ويلز](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2022/12/WhatsApp-Image-2022-12-29-at-10.20.22-AM-1.jpeg.webp)
“سؤالٌ واحد كان يجول في خاطري عندما كنت في العاشرة من عمري: “متى سأموت؟!”. بهذه الكلمات بدأ عبد الله الرواس الحديث عن رحلة لجوئه من سوريا إلى الأردن ثم ويلز لصحيفة (Wales Online) المحلية.
من سوريا إلى الأردن… رحلة شاقة ومضنية للتمسك بخيط الحياة الرفيع
![اللجوء](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2022/04/hands-g797fbd0a1_1920-1024x507.jpg)
كان عبد الله ينعم بقسط وفير من الطمأنينة وراحة البال مع والديه وأشقائه الأربعة في بيتهم الدمشقي، قبل أن تندلع الحرب لتُفقِدهم الأمان، وتُشرِّد الملايين نزوحًا في الداخل السوري ولجوءًا في مختلف بقاع العالم.
وبعد اندلاع الحرب في سوريا لم يكن أمام عبد الله وعائلته سوى الفرار من الموت المحتوم، وكان الأردن المجاور واحدًا من الخيارات القليلة المتاحة أمامهم. ولكنهم وصلوا إليه ليواجهوا معاناة من نوع آخر، معاناة الغربة وقلة الحيلة والسعي لتحصيل لقمة العيش.
وبهذا الصدد تحدث عبد الله للصحيفة عن الخوف الذي تملَّكه في اللحظة التي غادر فيها سوريا مع عائلته، وعن شعوره بألم الفراق، فراق أقربائه الذين أبَوا مغادرة البلاد مهما كانت الظروف، وأصدقائه وبلدته التي رأى فيها النور وبيته الذي ترعرع فيه.
وقد أنفقت العائلة مبالغ طائلة للحصول على جوازات السفر، وانتظروا 16 ساعة مرعبة على الحدود بين سوريا والأردن، وهم يسمعون صراخ الأطفال وبكاءهم؛ خوفًا من أصوات إطلاق النيران والطائرات الحربية التي كانت تُحلّق في السماء.
وبعد عبورهم الحدود عرض عليهم أحد الفارِّين أيضًا من سوريا البقاء في منزل أحد أفراد عائلته في العاصمة الأردنية عمّان. ولكن بعد شهرين تقريبًا وجدوا أنفسهم في الشارع على الرغم من مكوثهم جميعًا في غرفة واحدة ودفعهم الإيجار وتكاليف الطعام والفواتير.
وفي السنوات القليلة الأولى لم يكن اللاجئون السوريون قادرين على العمل بشكل قانوني، حتى بدأت الحكومة الأردنية بمنحهم تصاريح عمل في تموز/يوليو 2016، ما سمح لهم بالعمل في عدة قطاعات.
وقد أفنى عبد الله سنوات طفولته في وظائف مختلفة: من غسيل السيارات إلى العمل في المكتبات والمتاجر والمطاعم؛ لمساعدة والده في تأمين حياة كريمة. ولكن مشكلات العائلة المالية تفاقمت، وأصبحت عبئًا على أفرادها.
كان العيد هو يومهم الوحيد في العام الذي يمكنهم فيه الاسترخاء والاستمتاع، وفي معظم الأوقات أجبرهم الفقر على تناول الخبز المغمّس بالماء أحيانًا، وأحيانًا أخرى بدموع الألم على ديار هُجِّروا منها ومنزل آمن دمرته الحرب في غيابهم!
وعلى العموم هذا هو حال اللاجئين في مختلف بقاع الأرض، يكافحون في ديار الغربة ويقتاتون الصبر؛ أملًا بالعيش في ظل حياة آمنة، هي حقٌّ من حقوق أي إنسان بغض النظر عن لونه وعرقه وجنسه!
بين العودة غير الآمنة لسوريا وقلق البقاء في الأردن!
![الحرب في سوريا](https://alarabinuk.com/wp-content/uploads/2022/02/انخفاض-قياسي-بحالات-ترحيل-طالبي-اللجوء-العام-الماضي-4-1024x621.jpg)
وبعد ست سنوات ألقت الأزمات بظلالها القاتمة على عائلة عبد الله التي أصبحت عاجزة عن دفع إيجار المنزل، لذا لم يكن أمامهم سوى خيارين: إما العودة غير الآمنة إلى سوريا أو تحمّل ألم البقاء. ولكنهم اعتبروا الموت خيارًا أفضل من البقاء في الأردن!
ولحسن الحظ لم يُؤتِ هذا الاحتمال الكئيب ثمارًا؛ فبعد شهرين حصلوا على حق اللجوء إلى ريكسهام في ويلز، حيث استغلّ عبد الله تجربته المؤلمة للعمل بدوام جزئيّ في منظمة (EYST)، التي أسستها مجموعة من شباب الأقليات العرقية في سوانسي، والتي تعنى بدعم شباب الأقليات العرقية، قبل أن تتوسع لتشمل اللاجئين وطالبي اللجوء الشباب الذين يعيشون في ويلز.
ولم يسمح عبد الله للغة بأن تكون عائقًا كبيرًا أمامه، فقد عمل بجِدّ لتعلّم اللغة الإنجليزية بنفسه، بمتابعة الأفلام والاستماع إلى الموسيقى، واستفاد كذلك من الأخطاء التي كان يقع بها أثناء حديثه.
وساعده إتقان اللغة بالاندماج في الثقافات المختلفة في المجتمع الجديد، وتكوين علاقات وصداقات في الجامعة التي التحق بها، إلى جانب مساعدة الشباب في المنظمة في كتابة سيرهم الذاتية والعثور على وظيفة.
“أريدهم أن يشعروا بالأمان، لا أريدهم أن يمرّوا بنفس الظروف المؤلمة التي مررت بها، أو يشعروا بالوحدة التي شعرت بها عندما وصلت إلى المملكة المتحدة”، بهذه الكلمات ختم عبد الله قصة رحلته الملهمة رغم مرارتها!
قصة عبد الله تُعلّمنا أن قصص اللاجئين لا تقتصر على المعاناة والألم فحسب، بل إن عددًا كبيرًا منهم تمكنوا من تحويل الألم إلى نجاح في دول أتاحت لهم فرصة للتعلم وتطوير مهاراتهم في مختلف المجالات.
اقرأ أيضًا:
ثغرة في نظام الهجرة تضع اللاجئين في بريطانيا في ظروف سيئة
وزير بريطاني سابق يطالب الحكومة بتشغيل اللاجئين من كل الجنسيات
الرابط المختصر هنا ⬇