مفوضة أممية: كاميرون قد يُحاكم دوليًا بسبب تهديده للمحكمة الجنائية

قالت المقررة الأممية الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، فرنشيسكا ألبانيزي، في مقابلة حصرية مع موقع ميدل إيست آي: إن وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون قد يواجه ملاحقة جنائية دولية، إذا ثبت تورطه في تهديد المحكمة الجنائية الدولية لمنعها من إصدار مذكرات توقيف بحق قادة إسرائيليين.
وتُعَدّ هذه التصريحات من أرفع الأصوات القانونية الأممية التي تُحذّر من تبعات قانونية خطيرة محتملة بحق اللورد كاميرون، الذي يشغل حاليًّا مقعدًا في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين.
كاميرون يُهدّد المحكمة الجنائية سرًّا
وتعود تفاصيل القضية إلى إبريل 2024، حين كان كاميرون يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة ريشي سوناك، حيث أجرى مكالمة هاتفية وُصفت بأنها “غاضبة وعدائية” مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، حذّره فيها من إصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
وبحسَب ما نقلته مصادر ميدل إيست آي في لاهاي، قال كاميرون في المكالمة: “إصدار مذكرات توقيف سيكون كمن يُسقط قنبلة هيدروجينية”، مهدّدًا بأن بريطانيا “ستسحب تمويلها للمحكمة وستنسحب من نظام روما الأساسي” إن أقدمت المحكمة على تلك الخطوة.
ووفق المصادر ذاتها، تحدث كاميرون بنبرة عدائية متكررة، وقاطع خان أكثر من مرة، ما اضطر الأخير إلى المطالبة بإنهاء حديثه دون مقاطعة.
وقد أثار الكشف عن التهديد سخطًا واسع النطاق داخل الأوساط السياسية البريطانية. فقد دعا عشرة نواب إلى فتح تحقيق في القضية، وبعضهم طالب بإنشاء لجنة برلمانية خاصة، في حين نبّه آخرون إلى ضرورة أن تتبرأ حكومة حزب العمال من سلوك كاميرون.
ووصف رئيس الحكومة الاسكتلندية السابق، حمزة يوسف، سلوك كاميرون بأنه “مخزٍ”، وقال: إن تهديد المحكمة الجنائية الدولية لأنها “تجرأت على أداء عملها” فقط هو تصرف لا يمكن تبريره.
أما النائبة العمالية ناز شاه، فوصفت الأمر بـ”الصادم”، وأكدت أنها ستطرح المسألة مباشرة على وزارة الخارجية. كما دعت زميلتها زارا سلطانة إلى تحقيق شامل، قائلة عبر منصة “إكس”: كاميرون وكل من تواطأ في تسليح إسرائيل ودعم إبادة غزة يجب التحقيق معهم في جرائم حرب”.
من جانبه طالب النائب المستقل أيوب خان لجان المعايير البرلمانية بفتح تحقيق جدي، في حين أكدت النائبة العمالية البارزة إميلي ثورنبيري أن “القانون الدولي يجب أن يكون دائمًا مرشدنا في اتخاذ القرارات الصعبة”.
ورغم محاولات ميدل إيست آي المتكررة، لم يصدر عن ديفيد كاميرون أي تعليق رسمي حتى لحظة نشر التقرير. كما رفض المدعي العام كريم خان التعليق، مكتفيًا بالقول: “ليس لدي تعليق في الوقت الحالي”.
ألبانيزي: عرقلة المحكمة جريمة جنائية وفق نظام روما
وفي تعليقها على القضية، أوضحت المقررة الأممية ألبانيزي أن مجرد التهديد المباشر أو غير المباشر للمحكمة الجنائية يُمثّل “عرقلة لسير العدالة، وانتهاكًا لمبدأ استقلال القضاء”.
وأشارت إلى أن المادة الـ70 من نظام روما تُجرّم محاولات التأثير أو الترهيب أو التدخل الفاسد في عمل مسؤولي المحكمة، منبّهة إلى أن “المحكمة قادرة قانونيًّا على اتخاذ إجراءات بحق أي شخص يعرقل عملها”.
وأضافت: “من الخطورة بمكان أن يجرؤ شخص في موقع سلطة على ارتكاب مثل هذا السلوك”، معتبرة أن “أي شكل من الترهيب أو الانتقام بحق المحكمة يُشكّل جريمة قائمة بحدّ ذاتها”.
ورغم خروجه من الحكومة، لفتت ألبانيزي إلى أن كاميرون قد لا يكون بمنأى عن المحاسبة، سواء على الصعيد الدولي أو المحلي. فبحسَب المادة الـ54 (1) من قانون المحكمة الجنائية الدولية البريطاني لعام 2001، يمكن مقاضاة من يرتكب جرائم ضد سير العدالة كما لو ارتُكبت في محكمة عليا داخل إنجلترا وويلز.
وأضافت: “لو كان كاميرون لا يزال في السلطة، لربما واجه إدانة دولية وربما عقوبات دبلوماسية. في الأنظمة القانونية الطبيعية، مثل هذا السلوك يفتح الباب لتحقيقات مدنية وربما دعاوى قانونية من المجتمع المدني”.
رأي منصة العرب في بريطانيا
نرى في منصة العرب في بريطانيا أن ما كُشف من تهديدات ضد المحكمة الجنائية الدولية يُمثّل سابقة خطيرة تُهدّد أسس العدالة الدولية وتُفقد ثقة العالم في التزام بريطانيا بالقانون الدولي. وننبّه، في إطار سياستنا التحريرية الداعمة لحقوق الإنسان وسيادة القانون، إلى ضرورة الشفافية في التحقيق بهذه المزاعم، وعدم التساهل مع أي محاولات لتقويض عمل المؤسسات القضائية الدولية. كما نؤكد أن استقلال القضاء الدولي يجب أن يُصان بعيدًا عن الحسابات السياسية، ولا سيما في قضايا تمس حقوق الشعوب والضحايا المدنيين في مناطق النزاع.
المصدر: ميدل آيست آي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇