تواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا متزايدة لاستئناف النظر في طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، بعد أكثر من خمسة أشهر على تعليقها في أعقاب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن أكثر من 7 آلاف لاجئ سوري لا يزالون عالقين في حالة من الغموض، في ظل تأخر البت في طلباتهم، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية ودعوات لإنهاء هذا التجميد بشكل فوري.
أكثر من 7 آلاف لاجئ في “الانتظار اللانهائي”
بحسب بيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية، بلغ عدد السوريين الذين كانوا ينتظرون قرارًا أوليًا بشأن طلبات لجوئهم حتى نهاية آذار/ مارس الماضي 7,386 شخصًا. يأتي ذلك بعد أن علّقت الحكومة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي البت في الطلبات، متذرعةً بالحاجة إلى تقييم الوضع الأمني في سوريا بعد الإطاحة بالأسد على يد جماعة “هيئة تحرير الشام” (HTS).
لكن هذا التعليق، الذي قُدم على أنه “إجراء ضروري مؤقت”، تسبب بحالة من الشلل في ملفات آلاف اللاجئين، بعضهم يعيشون في بريطانيا منذ سنوات، ويواجهون اليوم مستقبلاً غامضًا.
منظمات خيرية: اللاجئون يعيشون في غموض دائم
من جهتها، أعربت منظمات حقوق الإنسان، وعلى رأسها “مجلس اللاجئين”، عن قلقها الشديد إزاء ما وصفته بـ”الجمود المقلق” في معالجة الطلبات، معتبرة أن آلاف السوريين أصبحوا في “حالة لجوء مؤقتة غير محددة المدة”. وطالبت هذه المنظمات بضرورة العودة إلى دراسة الطلبات بشكل فردي لتفادي معاناة إضافية للاجئين، والحد من الضغوط على الموارد العامة.
وقال جون فيتونبي، كبير محللي السياسات في مجلس اللاجئين، إن تعليق القرارات لم يُبقِ السوريين في مأزق نفسي فحسب، بل تسبب أيضًا بزيادة الأعباء المالية على الدولة، حيث أن الحكومة ما زالت تغطي تكاليف إسكان أكثر من 5,500 لاجئ سوري، بينهم 2,130 يقيمون في فنادق حكومية مؤقتة.
الغموض السياسي في سوريا يعيق تقييم المخاطر
رغم التغيرات التي شهدتها الساحة السورية، بما في ذلك تعيين أحمد الشرع رئيسًا مؤقتًا للبلاد، لا تزال الحكومة البريطانية قلقة، وتقول إنه لا يوجد حاليًا “معلومات موضوعية ومستقرة” تسمح بتقييم دقيق لمخاطر العودة إلى سوريا. وأشار مصدر في وزارة الداخلية إلى أن السياسة ستبقى “قيد المراجعة الدائمة”.
ويُذكر أن المحافظين كانوا قد صرّحوا في كانون الأول/ ديسمبر 2024، أن معظم طلبات اللجوء السورية مرتبطة بالخوف من نظام الأسد، وبأن الأوضاع قد تغيرت بعد سقوطه، وهو ما قد يسمح بعودة اللاجئين مستقبلًا.
لاجئون يروون معاناتهم: “ليست حياة هناك”
كشفت شهادات بعض اللاجئين عن معاناة شخصية كبيرة بسبب تجميد النظر في طلبات اللجوء. الشاب الكردي “آزادي” (اسم مستعار)، وصل إلى بريطانيا على متن قارب صغير في تموز/ يونيو 2023، ولا يزال ينتظر البت في طلبه. رغم امتنانه للدعم الحكومي، عبّر عن شعوره بالجمود والتوتر بسبب غياب أي تقدم في وضعه القانوني. وقال للبي بي سي: “كل يوم يمرّ كاليوم الذي قبله… لا أتقدم بشيء”.
وأكد آزادي أنه لا يثق في الحكومة الجديدة في سوريا، وأنه لا يزال يخشى على سلامته ككردي، خاصة وأنه حُرم من حقوق أساسية في عهد الأسد. وأضاف: “مدينتي دُمرت بالكامل، ولا يوجد هناك شيء يشبه الحياة”.
حلم الاستقرار يتلاشى: لا عمل ولا تعليم
التجميد شمل أيضًا من حصلوا سابقًا على وضع لاجئ مؤقت، وكانوا يستعدون للتقديم على الإقامة الدائمة بعد خمس سنوات. من بين هؤلاء، الشابة “لين البرماوي”، التي وصلت إلى بريطانيا في 2019، وتقدمت العام الماضي بطلب الحصول على إقامة دائمة، لكن تعليق القرارات حطّم أحلامها.
كانت لين قد حصلت على قبول جامعي لدراسة إدارة الأعمال، لكنها حُرمت من قرض الطلاب لعدم حصولها على الإقامة الدائمة، رغم اجتيازها جميع المؤهلات اللازمة على مدار خمس سنوات. وأعربت عن خيبة أملها، قائلة: “انهارت حياتي بالكامل”.
لين، التي تعيش في سالفورد مع والدتها وشقيقتها الحاصلتين على الجنسية البريطانية، تخشى أيضًا من فقدان وظيفتها في شركة اتصالات، حيث يطالبها صاحب العمل بتحديثات عن طلبها، وسط مخاوف من إمكانية ترحيلها إن تغير موقف الحكومة.
دعوات لحلول عاجلة وتقييم عادل
أقرّ مجلس اللاجئين بأن الوضع في سوريا يشهد تغيرات، لكنه شدد على أن البلاد لا تزال غير مستقرة، ولا يمكن اعتبارها آمنة في المدى القريب. ودعا المجلس إلى الإسراع في تقييم الطلبات، مع إعطاء الأولوية لأولئك الذين لا يرتبط طلبهم بمخاوف من النظام السابق، بل بخطر حقيقي من فصائل أو ظروف حالية داخل البلاد.
وسط هذا المشهد، تبرز حاجة ملحّة إلى تحرك حكومي عاجل يعيد الأمل لآلاف السوريين العالقين في دائرة الانتظار، ويجنبهم مصيرًا غامضًا لا يعرفون متى سينتهي.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
The Ministry of Interior cancelled two asylum applications for me without strong reasons and left me to face my fate alone. I have been here for two years. I left my wife in the refugee camps in Jordan. From here, I am ready to leave my room and my bank card in exchange for obtaining the right to asylum and submitting a request for family reunification with my wife, whom I left 5 years ago.
Life Science The United Kingdom is a country of law, but not a country of rights.