العرب في بريطانيا | اسمي كاتيا والله يشفي مرضى المسلمين! - العرب في...

1445 شوال 10 | 19 أبريل 2024

اسمي كاتيا والله يشفي مرضى المسلمين!

اسمي كاتيا والله يشفي مرضى المسلمين!
تُقى أبو راضي May 8, 2023

في إحدى  فقرات حفل العشاء السنوي لمنصة العرب في بريطانيا، يتجول مايك المنصة بين الضيوف، لتظهر فجأة سيدة تعرف نفسها بأنها صحافية عربية مسيحية، وأنها سعيدة بهذا اللقاء الذي يجمع عرب بريطانيا ببعضهم، إلا أنها تأمل وتتطلع إلى مزيد من هذه اللقاءات؛ لعلّ ذلك يساعدها في تبديد مشاعر الضياع التي تشعر بها لكونها مسيحية بين عرب مسلمين، وعربية بين مسيحيين غربيين.

انتهى تعليقها في العشاء عند تلك النقطة، لكن كاميرا منصة العرب في بريطانيا وثَّقت تلك اللحظة، وارتأينا بعد ذلك أن نخصص حلقة كاملة  لكاتيا يوسف في بودكاست بيغ بين أرابيا؛ لنتوسع معها في مدى الحوار وأفقه.

إليكم قراءتي لما نُوقش خلال الحلقة بين كاتيا يوسف وعدنان حميدان مُقدّم البودكاست:

 

 

متى يشعر المسيحي الشرقي بعدم الانتماء؟

 

اسمي كاتيا والله يشفي مرضى المسلمين!
المسيحين العرب في الغرب (Unsplash)

 

تشير كاتيا إلى أنها تشعر بالضياع في كل موقف تتعرض فيه للتصنيف، ولو كان ذلك بمجرد أن ينظر إليها أحدهم بعد أن يعرف أنها مسيحية، سواء كان ذلك عربيًّا مسلمًا أو مسيحيًّا غربيًّا لا ينتمي إلى الثقافة العربية. يساور كاتيا شعورٌ بعدم الارتياح؛ لأنها كانت -وما زالت- هي وأبناؤها عرضة للتصنيف، وعرضة للنبذ في وقت يبحثون فيه عن شعرة انتماء يتعلقون بها  ضمن مجتمع حاضن وغير عنصري.  فهل يبدو ذلك ممكنًا؟!

وتؤكد كاتيا أن شعورها بالضياع تزايد عند قدومها إلى بريطانيا، حيث كانت تعيش في البحرين ذات الغالبية المسلمة قبل ذلك، ولم يكن يتملكها شعور بالحاجة إلى الدفاع عن نفسها أو حماية هُويتها الدينية كما هو الحال في بريطانيا ذات الغالبية المسيحية. وتتساءل كاتيا باستمرار عن السبب الذي يدعو الناس إلى ذلك التصنيف والنبذ الذي تراه في تصرفاتهم وكلماتهم مرة تلو أخرى.

 

هل شعور عدم الانتماء حقيقي أم مركب ومتوارث؟

 

 

يحتد النقاش في لحظة ما، عندما يستنكر عليها عدنان شعورها بالضياع دون وجود حقائق ملموسة، وأنه ربّما شعور يتملكها هي فحسب، فما الذي يجعل ذلك الشعور يُعامل معاملة الحقيقة المحضة؟!

كاتيا بدورها تجيب عن السؤال بسؤال آخر: ما الذي يجعل المسلم يطلق علينا وصف الكفر؟ ليبين لها عدنان أن الشخص الذي لا ينتمي إلى دين الآخر يُطلق عليه وصف الكفر بمعنى أنه خارج عن الدين الذي يتبعه الآخر، وهو أقرب ما يكون إلى اصطلاح لغوي لا يُقصَد به الإساءة الشخصية بالمجمل. 

بدت علامات عدم الاقتناع على وجه كاتيا، غير أنها في الوقت ذاته لا تريد خسارة أصدقاءها المسلمين، فتعود لوصف التصرفات هذه بالشخصية وفي الوقت ذاته تصرّ على أنها جارحة. وتستدعي مزيدًا من الأمثلة، ولكن هذه المرة من العالم الافتراضي، عندما تتصفح صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وتؤكد أن هناك من يوجِّه كلامًا غير لائقٍ للمسيحيين مع معرفته بكونها منهم، فكيف لها أن تشعر بالانتماء في ظل ذلك المجتمع؟!

بعد ذلك تساءل عدنان عن مدى مصداقية العالم الافتراضي وهل يُظهِر حقيقة الأشياء حقًّا أم لا، ولا سيما إذا وضعنا بعين الاعتبار أن الشخص الواحد يستطيع أن يفتح عددًا لا نهائيًّا من الحسابات؟!

خلال استماعي لتلك الجزئية من الحلقة ساءلت نفسي: ما الحلقة المفقودة، ومن المستفيد من تراشق الاتهامات بين أشخاص منتمين إلى الثقافة ذاتها تقريبًا؟ هل هو الإعلام المتوارث والمتناقل بين الأجيال، أم هي عادة البشر التي تملي على الإنسان ضرورة الانحياز والاصطفاف في طابورٍ ما في نهاية المطاف؟!

 

صراع الثقافات، هل يقف على الدين فحسب؟

 

 

واجهت كاتيا صراعًا آخر في حياتها حين اختارت أن تخوض تجربة زواج يخالف ثقافتها العربية، وبدأ الجدل بين كاتيا وزوجها على التبولة والمشاوي اللبنانية المشهورة عالميًّا، إذ إن زوج كاتيا الإيرلندي لا يجدها لذيذة، وصولاً إلى أغاني فيروز التي تفضل كاتيا الاستماع إليها صباحًا في حين لا يجدها زوج كاتيا أنها مناسبة للمزاج الصباحي بتاتًا! 

مما تقدم أرى أن كاتيا تجد نفسها بحالة “حراسة” للثقافة اللبنانية ولا سيما أنها تحمل كثيرًا من الذكريات الجميلة في رأسها. فكيف لشريك حياتها أن لا يستطيع تقدير قيمة الكنز الذي تحمله؟ ثم تجد كاتيا نفسها مُثقلة من الإبقاء لحراسة ذلك الكنز الثقافي، وتقرّر أن الجاهل بالشيء يتحمل عواقب جهله. وكما أن الشرقي يبذل جهدًا في التعرف على الثقافة الغربية، فعلى الغربي أيضًا أن يبذل الجهد ذاته في التعرف على الثقافة الشرقية واكتشاف كنوزها.

 

الله يشفي مرضى المسلمين! 

 

اسمي كاتيا والله يشفي مرضى المسلمين!
محبة (Unsplash)

 

بعين الصحافية، راقبت كاتيا الحالة التي أصابت صفحات السوشيال ميديا عند اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة. وكان الجدل القائم آنذاك: هل يجوز الترحم على المسيحي؟ فأصابها ذلك بالاستياء، ودعاها ذلك أن تقول:  كيف سأشعر بالانتماء، وأنا أجلس بين أصدقاء مسلمين، وأعرف -بما لا يدع مجالاً للشك- أنهم لن يترحموا عليّ عند موتي؟!

في نظري أن من حقّ كاتيا أن تسأل هذه الأسئلة وتبدي انزعاجها، لكن ذلك لا ينفي أن الإجابات ستكون متفاوتة. وأن لكل دين خصوصية تتجاوز أحيانًا الفهم البشري المحدود. ربّما ما نظنه غير عادل يحمل في طياته رحمة في جوانب أخرى والعكس بالعكس.

ولكن ما لا ريب فيه هو أن الصورة العامة شيوع مبادئ التسامح والتراحم بين الأديان، ودليل ذلك ورد على لسان كاتيا شخصيًّا حين أبدت إعجابها بتجربة العيش في المجتمع البحريني وفضَّلته على العيش في المجتمع البريطاني. 

 


 

اقرأ أيضًا

علمتني آية

عرب بريطانيا ودورنا إثر زلزال سوريا وتركيا

المال مخلوق أم موجود؟

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.